بعد لقاء الرئيس السوري ورئيس الوزراء العراقي في الدوحة، يأتي إعلان موعد زيارة رئيس الوزراء السوري إلى بغداد، ليثير التساؤلات عن مكانة حزب «البعث» مستقبلاًبغداد ــ زيد الزبيدي
يرى مراقبون عراقيّون أنّ هناك إشكالية قد تحرج سياسيي العراق، فيما لو طلب بعثيون عراقيون كانوا معارضين للنظام السابق، ويُحسَبون على أنهم من جناح حزب «البعث» الحاكم في سوريا، السماح لهم بممارسة النشاط السياسي داخل العراق، تحت اسم «حزب البعث العربي الاشتراكي»، أو حتى تحت اسم مختلف.
ويشير هؤلاء إلى أنّ بعض أشد معارضي النظام السابق، وهو «المجلس الأعلى الإسلامي» برئاسة عبد العزيز الحكيم، لم يتحفّظ على لقاء أحد قادته، وهو نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، ممثل قيادة «قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي ــ جناح سوريا»، محمد رشاد الشيخ راضي، باعتبار أن هذا التشكيل «كان معارضاً للنظام السابق، وحليفاً للقوى السياسية المعارضة، وتعرّض كما تعرّضت القوى المعارضة للقتل والاغتيالات والسجون والتعذيب»، بحسب ما جاء في بيان لمكتب عبد المهدي.
ويعرب محللون سياسيون عن اعتقادهم بأنّ أطراف العملية السياسية، الذين كانت سوريا «البعثية» تحتضنهم، باتوا أمام اختبار لإثبات أن معارضتهم كانت للرئيس الراحل صدّام حسين ورموز نظامه، لا لـ«بعثيين لديهم فكر قومي ويقودون دولة عربية مهمة وحليفة قوية لإيران، ومرتبطة بحلف استراتيجي مع العديد من تلك الأطراف».
ولفت هؤلاء المحلّلون إلى أنّ دمشق، التي تسعى إلى تأدية دور عربي مؤثّر، لا يسعها ــ على الرغم من علاقاتها المتميزة مع طهران ــ أن تبقى بعيدة عن العراق، صاحب التاريخ القومي و«البعثي» خصوصاً، والعمق الاستراتيجي بالنسبة إليها، وصاحب الثروات والمقوّمات الاقتصادية الهائلة.
ولا يستبعد المحللون أن يكون معظم العراقيين الذي لجأوا إلى سوريا منذ 2003، وعددهم تجاوز مليوني شخص، قد تأثروا بما شاهدوه في هذا البلد من تطور اقتصادي وعمراني وسياحي في ظل نظام «البعث»، في وقت كان فيه بلدهم العراق، صاحب الموارد النفطية وغيرها، مشغولاً بحروب وحصار وإهمال طيلة عقود.
إلا أن تشدّد أطراف سياسية عراقية تجاه «فكر البعث»، قد يعطي صدقية لمعارضي العملية السياسية، على اعتبار أن سياسة «اجتثاث البعث» لا تقتصر على اجتثاث «البعثيين الصدّاميين»، بل تتعداها إلى اجتثاث فكرهم أيضاً.
غير أنّ مؤشّرات «تسامُح» بدأت تتسرب في الفترة الأخيرة إزاء البعثيين. فقد رأى القيادي في حزب «الدعوة الإسلامية» الحاكم، حسن السنيد، أنّه يجدر «عدم رفض مشاركة جناح قيادة قطر العراق لحزب البعث في الانتخابات البرلمانية المقبلة في حالة تغيير اسمه».
وأوضح السنيد أنّ قيادة «قطر العراق» (التي تمثل يسار حزب البعث) كانت معارضة للنظام السابق ولا تتحمل أية مسؤولية عما اقترفه ذلك النظام، ويجب إنصاف أعضائها، ولكن من دون ذكر حزب البعث، لأنّ هذا الاسم محظور في الدستور العراقي».
من جهته، يتمسك رئيس الحكومة السابق، إبراهيم الجعفري، بالمادة السابعة من الدستور التي نصت على «تحريم أي حزب من أن يعمل بصبغة عنصرية». إلا أنّ ما فات الجعفري هو أنّ توصيفه ينطبق على معظم الأحزاب الرئيسية في الساحة العراقية، وخصوصاً العرقية والدينية الطائفية.
وبدا مسؤول «المجلس الأعلى» في النجف صدر الدين القبانجي، أكثر صراحةً حيال تجسيد رأي الأطراف الإسلامية في «التسامح» مع «البعث»، عندما قال إن «الأحزاب والحركات الإسلامية تواجه حالياً خطر عودة البعثيين والعلمانيين على حساب المصالح الإسلامية»، واصفاً التفاوض المزمَع إجراؤه لعودة البعثيين إلى الحياة السياسية في العراق بـ «الخطأ الفادح والخطوة غير الموفقة».
وبين رفض عودة «البعث» ورغبة الفرع السوري من هذا الحزب في استعادة حضوره في «ساحته التقليدية» في العراق، يصبح الموقف الإيراني أكثر حرجاً بين حليفين لا تريد طهران التفريط بأي منهما.