مع اختتام المؤتمر الأول للتنمية السياسية، الذي عقد في المنامة على مدى الأيام الماضية، تحت عنوان «الهوية في الخليج العربي والتنوع ووحدة الانتماء»، هيمنت المخاوف من تصاعد النزعات الطائفية على مداخلات المشاركين، وبينهم مسؤولون أمنيون خليجيون وباحثون ونواب.وأوضح رئيس جهاز الأمن الوطني في الكويت، الشيخ ثامر الصباح، في مداخلته، أن «الطائفية والأفكار القبلية وكراهية الآخر»، بالإضافة إلى العنصرية و«خلل التركيبة السكانية في دول الخليج» وما لها من «تداعيات سياسية وأمنية واجتماعية وثقافية ودينية، من شأنها أن تعرقل عملية تعزيز الهوية الوطنية الخليجية»، وتمثّل أخطر ما يواجه الهوية الوطنية في دول الخليج.
وعن مشكلة العنصرية، رأى الصباح أنها «قد أدت إلى اقتتال ومذابح ومآسٍ لم تسلم منها دول العالم، بما في ذلك بعض الدول العربية المحيطة بنا». وأضاف أن هذه الموجة «حملت لنا بذور التفرقة بين أطياف مجتمعنا على أساس المذهب وعلى أساس العرق وعلى أساس الفئة». ورأى أن «تلك الانشقاقات تهدّد أركان الهوية الوطنية ودعائمها وقد تقود إلى عنف متقابل ما لم يُتَصدى لها».
وعن سبل معالجة هذه التحديات، دعا الصباح إلى إيجاد حلول قانونية ومؤسسية وتعليمة. وشدد على أهمية قيام الدولة «باستحداث تشريعات خاصة وموجهة لحماية مقومات الهوية وقيمها»، بالإضافة إلى صيانة «دعائم المجتمع والحرية والمساواة كي تتمكن من وضع جميع الأطياف الاجتماعية في وعاء وطني واحد»، وإيجاد «حزمة من التشريعات تردع ممارسة العنصرية وكل أنواعها، وخاصة على المستوى الرسمي».
بدوره، رأى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد الرحمن العطية، أن «من أخطر مظاهر أزمة الهوية ما نشهده من عمل سياسي لتصعيد الهويات الطائفية أو العرقية على حساب الهوية الوطنية الجامعة». وتحدث عن «أيادٍ أجنبية تحرّك هذه النزعات بهدف تعزيز مصالحها». وقال: «تابعنا بأسف شديد تصدير النزعات الطائفية إلى العراق، وتصعيد الهويات الطائفية والعرقية»، مبدياً خشيته من «أن تمتد إلى مناطق أخرى في المنطقة العربية، بحيث تكون نتائجها تهديداً خطيراً للسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية». وأشار إلى أن «مسؤولية مواجهة الهويات الفرعية شاملة لا تقتصر على الحكومات، بل مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمثقفين ورجال الدين».
وطالب العطية دول الخليج بتعزيز الهوية الوطنية لمواجهة العمالة الوافدة التي «تمثّل هجيناً وجودياً يهدد الهوية الوطنية في بعض دول الخليج». واستدرك بالقول إن «تعزيز فكرة الهوية الوطنية لا يعني الانغلاق على الذات».
أما النائب البحريني عن كتلة الوفاق، خليل المرزوق، فرأى أن «الحكومات تتحمل مسؤولية في تصاعد الهويات الفرعية بسياسات التمييز بين المواطنين».
إلى ذلك، حثّ البيان الختامي للمؤتمر، الذي حمل اسم «إعلان المنامة»، على عدم تحويل الطابع السياسى للخلافات الداخلية إلى صراعات مذهبية وطائفية وعرقية. ودعا إلى الاستفادة من دروس الدول والتجمعات الإقليمية الأخرى وتجاربها. ونبه كذلك إلى أهمية مواجهة الخلل السكاني من خلال ترسيخ قيم التسامح والتعايش والاندماج البناء والمشاركة الفاعلة لكل الأطياف فى المجتمع.
(أ ف ب، بنا)