القاهرة ــ الأخباريمارس السفير الصومالي في سويسرا والمندوب الدائم للصومال لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، يوسف محمد إسماعيل (باريبري)، عمله من دون تأفف أو امتعاض، على الرغم من الظروف المالية الصعبة التي يعانيها، والتي تعكس أوضاع الصومال المأساوية.
ويزاول باريبري، الذي أصبح حديث الوسط الدبلوماسي العربي والأجنبي الموجود في سويسرا، عمله من مكتب مستأجَر صغير مكون من غرفتين، ويقطع يومياً 120 كيلومتراً بالقطار للذهاب إلى عمله بين جنيف ولوزان، بسبب عدم امتلاكه وسيلة مواصلات. كما أنه في أحيان كثيرة يضطر إلى أن يسير على قدميه، بينما تمر بجواره سيارات نظرائه العرب والأجانب.
ويعلق باريبري، لـ«الأخبار»، عبر الهاتف من مقر عمله في سويسرا، على الوضع بثقة كبيرة وبنبرة لا تعكس مطلقاً خيبة الأمل أو الشكوى. يقول «إنني فخور بأن أخدم شعبي العزيز وبلادي الغالية من دون دعم لوجستي حتى لو كان ذلك دراجة هوائية».
ولا يُعتبر وضع القنصلية الصومالية المادي أفضل حالاً، إذ اكتشف باريبري، فور وصوله إلى سويسرا قبل عام، أن القنصلية كانت ولا تزال مدينة لشركات خاصة وللحكومة السويسرية، ويتعين على الحكومة الصومالية تسديد كل هذه الديون المتراكمة. وعن هذه المصاعب، قال باريبري «من ناحيتي، حاولت وسأحاول أن أعيد المصداقية للقنصلية العامة في جنيف وبناء التعاون المشترك بين الحكومة السويسرية والحكومة الصومالية».
ولا تقتصر المصاعب التي يواجهها باريبري على الصعيد المادي فقط، بل تتخللها مصاعب ترتبط بعلاقات البعثة الصومالية والبعثات الدبلوماسية الأخرى، ومن ضمنها بعثة الجامعة العربية التي تقع في مبنى القنصلية الصومالية نفسه. إذ إن العلاقات ليست على ما يرام بين الطرفين تماماً كما كانت الحال بين ترويكا السلطة الانتقالية السابقة في الصومال ومقر الجامعة العربية في العاصمة المصرية.
كذلك فإن عدد أعضاء البعثة، التي تقتصر على شخصين فقط، يحدّ وفقاً لباريبري من إمكان تغطيتها العديد من المجالات الحيوية، وخصوصاً أنها تمارس مهماتها في جنيف، التي تمثّل كمقر للمنظمات الإنسانية الدولية أهمية خاصة بالنسبة لبلد كالصومال يحتاج إلى مختلف أنواع المساعدات الإنسانية والتنموية لمنع أي انتهاكات لحقوق الإنسان.
كما تمتد المشاكل، التي يواجهها باريبري، لتطال أيضاً أوضاع الجالية الصومالية في سويسرا، وما تواجهه من صعوبات من الناحيتين المدنية والإدارية. ويحاول تحسين أوضاع ما يقرب من 6 آلاف صومالي موجودين في سويسرا، وتسهيل أمورهم الإدارية في ظل محدودية الإمكانات المتاحة.
أما عن الأوضاع الصعبة التي يعانيها الصومال نتيجة سنوات الحرب الأهلية وما تخللها من انهيار كل المؤسسات الحكومية وانتهاك حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في العيش، فيرى باريبري أن الحل يبدأ من تعزيز المؤسسات الصومالية، عن طريق التعاون التقني الشامل وبناء قدرات كل من المؤسسات، معتبراً أن التحدي الكبير الذي تواجهه الصومال هو الملاءمة بين النظام التقليدي القائم على العشيرة وبناء دولة اتحادية حديثة ومستدامة ومتماشية مع القيم الإسلامية والتقاليد العريقة.
ويعتقد باريبري أنه تقع على عاتق الحكومة الصومالية أن تضمن تمتع مواطنيها بكل حقوق الإنسان، وتمنع حصول أي انتهاكات من خلال تطبيق برنامج شامل لبناء القدرات للمؤسسات والموارد البشرية على الصعيدين التشريعي والقضائي، وأجهزة إنفاذ القانون وقطاع التربية والتعليم، وإقامة حملة توعية جماهيرية حسبما جاء في الأولوليات التي وضعتها السلطات الصومالية.
في مقابل ذلك، يحق للحكومة الصومالية، من وجهة نظر باريبري، أن تحصل على الوسائل والأدوات اللازمة للقيام بواجباتها ومسؤولياتها من المجتمع الدولي. وفي هذا الإطار، حذر من نتائج مأساوية ستترتب على الصومال ومحيطه، إذا فشلت الحكومة الحالية بسبب انعدام الدعم الملموس من المجتمع الدولي. ومن هذا المنطلق، يحث باريبري الدول العربية على المساهمة في استقرار الصومال عن طريق خطة مارشال استراتيجية لمعالجة المشاكل الاجتماعية السياسية الحقيقية من جذورها حتى يُعاد بناء الصومال قبل فوات الأوان.
وفي ما يخص مشكلة القرصنة، يعتبر باريبري أنه ليس من الإنصاف التركيز فقط على الممارسات غير القانونية التي يقوم بها هؤلاء القراصنة، «دون أن ننظر إلى الحالة التي تمر بها البلاد والظروف التي تدفع بهؤلاء القراصنة أو تسمح لهم بالقيام بأفعالهم». ويضيف «إننا نرفض أية انتقادات من المجتمع الدولي مهما كان نوعها ما لم نجد منه أي التزام ملموس وبنّاء في الوقت المناسب». وختم بالقول «كصوماليين، نحن المسؤولون في النهاية عن دمار بلادنا الجميلة. إلا أننا لسنا المسؤولين الوحيدين».