هل يرفض مجلس الإدارة تنفيذ قرار مجلس الوزراء؟
يعقد مجلس إدارة صندوق الضمان جلسة استثنائية الاثنين المقبل لدراسة ملف التعرفات الاستشفائية، ولا سيما قرار مجلس الوزراء ونتائج دراسة اللجنة الاستشارية الطبية العليا. ووفق المعطيات، يتجه المجلس لرفض تنفيذ القرار لكونه يمسّ بالتوازن المالي ويزيد العجز المتراكم بعشرات مليارات الليرات

محمد وهبة
يعقد مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جلسة استثنائية الاثنين المقبل لدراسة ملف زيادة التعرفات الاستشفائية وقرار مجلس الوزراء، الذي اتخذه في آذار الماضي، ووافق بموجبه على مقترحات وزير الصحة محمد جواد خليفة، فأقرّ جملة بنود، طالباً من المؤسسات الضامنة الرسمية الالتزام بها، وأبرزها زيادة تعرفة الأطباء وتعرفة الإقامة في الغرفة العادية في المستشفى... لكن هذه الزيادات سترتّب على الصندوق كلفة تتراوح بين 53.9 مليار ليرة و70.9 ملياراً، وستضاف إلى عجز فرع ضمان المرض والأمومة البالغ 50.3 ملياراً كما ورد في مشروع موازنة 2009، أي إن الزيادة سترفع العجز إلى ما بين 101.2 مليار و121.2 ملياراً.

الكلفة بالتفصيل

وبما أن الصندوق مؤسسة مستقلة تخضع للتوازن المالي، سيدرس مجلس الإدارة الانعكاسات المالية للقرار الذي تضمن الآتي: زيادة تعرفة الإقامة في الغرفة العادية في المستشفى إلى 70 ألف ليرة وتعرفة المختبر إلى 270 ليرة والاشعة إلى 445 ليرة، والرمز (K) المستخدم لتحديد فاتورة المعاينات إلى 6500 ليرة، على أن يُعتمد البدل المقطوع بحسب تعرفة وزارة الصحة.
وقد أظهرت الدراسة التي أعدّها الخبير الاكتواري في الصندوق أن هذه الزيادات على التعرفات سترتب 53.936 ملياراً موزعة سنوياً كالآتي: 28.080 ملياراً للإقامة العادية في المستشفى، 15.856 ملياراً لأتعاب الأطباء المرتبطة بالرمز (K)، و10 مليارات ليرة للبدل المقطوع على العمليات الجراحية. وإذا جرى تضمين تعرفة المعاينات الطبية في قرار الزيادة فسترتفع الكلفة إلى 70.984 ملياراً وتتوزع كالآتي: 53.936 ملياراً للزيادات الناتجة من قرار مجلس الوزراء، 13.440 ملياراً للمعاينات الطبية في العيادات الخاصة، 3.608 مليارات للمعاينات الطبية داخل المستشفى.
لكن، بحسب دراسة اللجنة الاستشارية الطبية العليا في الصندوق، تبلغ كلفة زيادة التعرفات 78.080 مليار ليرة سنوياً موزعة كالآتي: 34.208 ملياراً للخدمات الاستشفائية، 17.920 ملياراً للمعاينات الطبية في العيادات الخاصة، 4.811 مليارات للمعاينات الطبية داخل المستشفى، 21.141 ملياراً لأتعاب الأطباء المرتبطة بالرمز (K).

زيادة العجز

إلا أن المشكلة تكمن في تمويل هذا العجز الجديد، فالصندوق يعاني أصلاً من عجز يجري تمويله من فرع نهاية الخدمة بشكل مخالف للقانون، فبحسب أحد المسؤولين المعنيين بالملف في الصندوق سيكون من الصعب الحصول على موافقة مجلس الإدارة على القرار، لأن اعتماده بلا مصادر تمويل سيسهم في استمرار تغطية العجز من صندوق نهاية الخدمة، وهو ما درجت عليه العادة في السنوات الماضية، إذ تجاوزت المسحوبات 560 مليار ليرة حتى نهاية 2008.
وما يعزز فرضية عدم القبول بهذا القرار، وهي ستكون المرة الأولى التي يرفض فيها الضمان قراراً لمجلس الوزراء، أن ممثلي أصحاب العمل والعمّال في مجلس الإدارة متفقون على عدم القبول بأي قرار يرتّب أعباء أضافية قبل تأمين الموارد المالية، فقد أكّد أمين سر المجلس، رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن ضرورة درس الانعكاسات المالية على الصندوق، ولا سيما أن كلفة تنفيذ القرار تبلغ 100 مليار ليرة وفق دراسةٍ للجنة الفنية، فيما سأل ممثل العمال جورج العلم: «من يقول إن هذه التسعيرات هي الصحيحة؟». وأوضح ممثل أصحاب العمل إيلي شلهوب أن «تنفيذ القرار يتطلب زيادة الاشتراكات على عاتق أرباب العمل، فإذا كان وزير الصحة يريد البهورة علناً فذلك لن يكون على حسابنا». ورأى نائب رئيس مجلس الإدارة ممثل جمعية الصناعيين غازي يحيى أن «المجلس لا يمكنه تقرير أي شيء يتعلق بالوضع المالي قبل تأمين التوازن المالي».
إلا أن التسوية ممكنة بحسب المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن هويته، وهي تقضي بالطلب من مجلس الوزراء تأمين التغطية المالية من أجل الشروع بالتنفيذ، أو الموافقة على زيادة معدل الاشتراك لفرع ضمان المرض والأمومة من 9 إلى 11 في المئة ضمن حد أقصى للأجر الخاضع للاشتراك بقيمة 2.5 مليون ليرة.

المحاذير والأفضليات

ولا شك أن أي سيناريو سيكون مكلفاً على الصندوق، ولكل واحد تداعياته ومحاذيره وحسناته التي فصّلها رئيس القسم الاقتصادي في مؤسسة البحوث والاستشارات كمال حمدان في دراسة طلبتها اللجنة، فوضع أربعة خيارات مرجّحاً كفّة خيارين (1 و3) لأنهما الأقل ضرراً بالنسبة إلى المجتمع ككل، وتمهدان الأرضية للاتفاق اللاحق على نتائج الدراسة الجديدة الموعودة:
1 ــ اعتماد التعرفة الاستشفائية لوزارة الصحة، كأساس لعلاقة الصندوق مع المستشفيات لأن ما سيتغير فيها هو خضوع الأعمال الجراحية لنظام البدل المقطوع، ما يزيد كلفتها، لكنه يُسهم في عملية توحيد التعرفات في لبنان. ومن محاذيره احتمال تراجع مستوى الخدمة الاستشفائية، والاضطرار تكراراً إلى تجديد مدة الإقامة لبعض الحالات، واضطرار المريض إلى دفع نفقات إضافية من جيبه.
2 ــ التوافق بين الصندوق ونقابة المستشفيات على التعديلات انطلاقاً من مقترحات النقابة وتقارير اللجنة الفنية. إلا أنه يُخشى أن يؤدي هذا «البازار» وسط هوّة في الأرقام، إلى تعديلات «مرتجلة» تعمّق التشوّهات في بنية التعرفة الاستشفائيّة الحالية.
3 ــ حصر التسوية المؤقتة في بند الإقامة وهو الأكثر تأثّراً بمفاعيل تصحيح الأجور، ويمكن الاستناد إلى: متوسط قيمته في التعرفات المعتمدة في هيئات ضامنة مع الزيادات الأخيرة، فيصبح 53 ألف ليرة، أو زيادة التعرفة وفقاً لمؤشر تطور أسعار الاستهلاك الصادر عن مؤسسة البحوث والاستشارات بين 1995 ـــ 2008، فيبلغ 68.4 ألفاً.
4 ــ لدى تعديل التعرفة الأخذ بالاعتبار المؤشرات الماكرو ــ اقتصادية المستمدّة من النتيجة الفعلية لتصحيح الأجور وتأثيرها على قيمة الأجر الوسطي في البلد (الأجر المقدّر على المستوى الوطني، وليس ذلك المستخلص من الأجور المصرح عنها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي).


13 في المئة

هي الزيادة المطلوبة في معدل الاشتراكات التي تؤمن التوازن المالي في فرع ضمان المرض والأمومة، إذ تطلبت تغطية العجز السابق زيادة 1.55% (زائد رفع الحد الأقصى الخاضع إلى 2.5 مليون ليرة ). وإذا احتسبت زيادة التعرفات فسيتطلب الأمر 2% إضافية