بات مستحيلاً على حكّام بغداد، بعد مجزرتي يوم أمس اللتين أودتا بحياة نحو 73 شخصاً وجرح 100 آخرين، أن يهللوا لإنجازاتهم الأمنية. بدت الصورة أشبه بعراق السنوات الماضية، مع إضافة ديكور عليها تمثّل بالاحتفال باعتقال زعيم «القاعدة» في العراق أبو عمر البغداديقُتل ما لا يقل عن 73 شخصاً وجرح نحو 100 آخرين، بينهم عدد كبير من الزوار الإيرانيين، في هجومين انتحاريين في بغداد وديالى أمس، أعادا ذاكرة أعوام 2005 و2006 و2007 التي شهدت المراحل القصوى من العنف الطائفي.
تفجيران سارعت السلطات العراقية إلى التخفيف من وطأتهما بإعلانها السريع عن اعتقال الزعيم المفترض لتنظيم «القاعدة» في العراق، أبو عمر البغدادي.
وكشف مصدر عسكري في عمليات محافظة ديالى (المحاذية للحدود مع إيران) أنّ انتحارياً يرتدي حزاماً ناسفاً فجر نفسه، مستهدفاً زواراً دينيين إيرانيين، ما أدى إلى مقتل 45 شخصاً وإصابة 55 آخرين بجروح. وأوضح أن «الانتحاري فجّر نفسه في بلدة المقدادية داخل مطعم مزدحم بالزوار الإيرانيين القادمين إلى كربلاء والنجف، ما أسفر عن مقتل 45 وإصابة 55 آخرين بجروح». وأشار المصدر إلى أنّ أجزاء من سقف المطعم انهارت، ما أدّى إلى ارتفاع أعداد الضحايا ومعظمهم من الإيرانيين.وبحسب مصادر إدارية عراقية، فإن نحو 2000 إيراني يدخلون يومياً من معبر المنذرية الحدودي في محافظة ديالى للتوجه إلى الأضرحة الشيعية في بغداد وكربلاء والنجف وسامراء.
وفي هجوم آخر، أعلنت مصادر أمنية وطبية مقتل 28 شخصاً، بينهم عشرة من عناصر الشرطة، وإصابة 52 آخرين في تفجير نفّذته انتحارية ترتدي حزاماً ناسفاً ضدّ قوات للشرطة كانت توزع مساعدات على عائلات مهجرة قرب ساحة التحريات.
وبالتزامن مع وقوع الهجومين، أكّد المتحدث باسم قيادة «عمليات بغداد»، اللواء قاسم عطا، اعتقال «أمير دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي. وقال إن القوات العراقية «وبناءً على معلومات، تمكنت من اعتقال الإرهابي المجرم أبو عمر البغدادي الذي يسمى أمير دولة العراق الإسلامية». ولم يعطِ المسؤول العراقي مزيداً من التفاصيل عن كيفية أو تاريخ اعتقاله.
يُذكَر أن مجموعة البغدادي سبق أن تبنّت هجمات كبيرة في العراق، منها التفجير الانتحاري الذي استهدف البرلمان العراقي في 13 نيسان 2007 وأسفر عن مقتل نائب، والعديد من التفجيرات الانتحارية وأعمال الخطف والقتل، بينها إعدام عشرين شرطياً في 17 نيسان من العام نفسه.
وقد ظهر البغدادي للمرة الأولى في نيسان 2006 بعد توليه قيادة إحدى الخلايا التكفيرية، ومن ثمّ تسلّم قيادة تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين.
وكان زعيم التنظيم العالمي أسامة بن لادن قد دعا في 30 كانون الأول 2007 في تسجيل صوتي، الإسلاميين في العراق إلى مبايعة الشيخ أبو عمر البغدادي «أميراً على دولة العراق الإسلامية» وذلك بعد مقتل سلفه أبو مصعب الزرقاوي.
ودعا بن لادن في شريطه آنذاك «الأمراء المجاهدين وأعضاء مجلس الشورى ممن لم يبايعوا البغدادي إلى الوحدة ومبايعته أميراً على دولة العراق الإسلامية حفاظاً على جماعة المسلمين»، بحسب المقاطع التي بثتها فضائية «الجزيرة» القطرية. وأضاف بن لادن «لا يجوز التأخر في المبايعة»، ودعا الإسلاميين «لئلّا يستسلموا لأعذار لتعطيل الوحدة والاجتماع والامتناع عن التعصب للرجال أو الجماعات، بل إلى التعصب للحق»، في إشارة فُسّرت حينها بوجود خلافات عميقة داخل خلايا «القاعدة» في العراق.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت في مطلع عام 2008، قتل البغدادي في منطقة الغزالية في العاصمة بغداد، لكن تبيّن بعد ذلك أن الخبر لم يكن صحيحاً.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)