900 دولار المردود السنوي لكل استثمار بقيمة 125 دولارمحمد وهبة
مرّت ثلاثة أشهر على بدء تنفيذ خطّة إصلاح قطاع الخلوي في لبنان التي وضعها وزير الاتصالات جبران باسيل ووافق عليها مجلس الوزراء، والمرحلة الأولى منها ستنتهي في منتصف أيار المقبل، فماذا تغيّر حتى الآن؟ هل تحسّنت جودة الخدمة المقدّمة بعدما انخفضت الأسعار بمعدّل يصل إلى 22 في المئة، وهل تنخفض الكلفة بعد؟ وإلى أي مدى يُسهم هذا الأمر في تغيير خيارات القطاع الاستراتيجية؟

تجديد الشبكتين

استثمرت وزارة الاتصالات حوالى 100 مليون دولار «لتجديد شبكتي الخلوي الحاليتين وتوسيعهما بعدما بلغتا من العمر 14 عاماً»، بحسب ما يقول رئيس هيئة المالكين في قطاع الخلوي في الوزارة جيلبير نجار. فقد وضعت الوزارة، فعلياً، شبكة جديدة بدلاً من القديمة لاستيعاب الطلب الجديد المتمثّل في زيادة التخابر الناتجة من خفض الأسعار وإصدارات الخطوط الجديدة.
وبنتيجة هذا الأمر، ارتفعت قدرة الشبكتين إلى 2.2 مليون مشترك، منها مليون لشركة «ALFA» و1.2 مليون لشركة «mtc touch»، أي بزيادة بلغت 800 ألف خط، منها 364 ألفاً لـ«mtc touch» و436 ألفاً لـ«ALFA» ما زاد نسبة الاختراق في القطاع إلى 40 في المئة.
لكن تحسين الخدمة «لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوقت» يقول نجار. فالأولوية اليوم لضمان تغطية المناطق، إذ إن القطاع «يمرّ بمرحلة انتقالية لا يمكن ضمان إنجازها من دون مشاكل تقنية كالتي نشهدها اليوم، لكننا نسعى حالياً إلى إنجاز غالبية الأعمال في غير أوقات الذروة لتخفيف التداعيات التقنية». ويشير عضو الهيئة المنظّمة للاتصالات عماد حبّ الله إلى أن هذه التوسعة «لا تعني بالضرورة أن الخدمة هي الآن بالشكل المطلوب، إلا أن الأكيد أنها تحسّنت في بعض المناطق».

الثانية بدل من الدقيقة

هذا الواقع الجديد يثير تساؤلاً عن قدرة الشبكتين على تحمّل المزيد من الخفض في الأسعار أو الارتفاع الإضافي في الطلب، فالوزارة تسعى إلى اعتماد الثانية بدلاً من الدقيقة لاحتساب فاتورة الخلوي في المرحلة المقبلة، وهي تريد تنويع الخدمات المقدمة لتطال شرائح إضافية من المستهلكين. لا يستعجل نجار الأمر، فيلفت إلى أنه كلما «تقدّمنا مع الوقت نأخذ إجراءات جديدة بحسب الجدول الزمني الموضوع في الوزارة... وبالتالي نحن سائرون باتجاه مزيد من الخفض في الأكلاف، وذلك بعدما تكون المرحلة الحالية قد انتهت في منتصف أيار وتكون حينها نتائج مراقبة دراسة تفاعل السوق مع الإجراءات الجديدة قد ظهرت، إذ لا يجب أن تكون الخفوضات على حساب المداخيل، ولا سيما أن احتساب الفوترة على أساس الثانية سيخفض إيرادات الخلوي بنسبة 40 في المئة».

التنظيم والرقابة

وتفرض هذه التوسعة مواكبة من الهيئة المنظّمة، فيؤكد حبّ الله أنها تسير من خلال عنوانين أساسيين: ترقيم الخطوط، ومراقبة جودة الخدمة المقدّمة ونوعيتها.
ويوضح أنه بعد توقيع العقود مع مُشغّلَي الخلوي، تم التوافق بين الهيئة والوزارة على وضع معايير محددة للخدمة المنتظرة بعد إنجاز التوسعة. وبالتالي يكمن دور الهيئة في الإشراف على إمكان الوصول إلى النتائج المطلوبة لتحسين الخدمة من خلال هذه المعايير، فقد ارتفعت نسبة بيع الأرقام الجديدة باطّراد وزادت نسبة استخدام الشبكة (تخابر، رسائل قصيرة...)، ولذلك عقدنا «اتفاقاً مع وزارة الاقتصاد لتقوم مصلحة حماية المستهلك بإبلاغنا مباشرة بأي شكاوى تتعلق بالقطاع».
وعلى صعيد الترقيم، أعطت الهيئة شركة «mtc touch» الرمز (72) لإصدار مليون خط جديد تحمل هذا الرمز لكن «ALFA» تقدّمت بطلب مماثل ولم يخصّص لها أي رمز حتى الآن، والسبب وجود «نقاش» بين الوزارة والهيئة بشأن تنفيذ خطة عامة لتغيير الأرقام في لبنان. إذ يشير حب الله إلى أن للوزارة خيارات وأسباباً مختلفة، فيما تعتقد الهيئة أنه يجب تحويل الرمز في الهاتف الثابت إلى رقمين (61، 62، 63، 64...) وتخصيص الخلوي برموز مثل 70 و71 و72...

تقويم الإصلاحات

وأبرز الآثار التي ترتبت على عملية التوسعة تتمثّل في الهدف الاستراتيجي للقطاع، إذ كان المجلس الأعلى للخصخصة يرى أن الاستثمار فيه وتوسعته يجب أن يُترَك للمستثمر الجديد بعد الخصخصة، وذلك بهدف إعطائه خيارات استثمارية، أي أن بيع الشركة يجب أن يتضمن بيع الخيارات. إلا أن المشهد حالياً اختلف جذرياً، فهذه النظرة لم تعد واقعية، لأن الوزارة أنجزت عملية التوسعة، فيما تبيّن منذ انفجار الأزمة المالية العالمية أنه لا يمكن بيع شركتي الخلوي المملوكتين من الدولة لأسباب تتصل بتداعيات الأزمة على الاستثمارات العالمية.
ويعتقد نجار أن هناك وجهات نظر عدّة، إذ بات بإمكان الدولة اليوم أن تبيع المستثمر عدداً أكبر من المشتركين بعائد مرتفع يصل إلى 75 دولاراً شهرياً عن كل خط خلوي. أي إن احتساب هذا المردود سنوياً بعد التوسعة يشير إلى أن العائد على 2.2 مليون خط يبلغ 1.980 مليار دولار، إذ إن كلفة الاستثمار في إنشاء كل خط تصل إلى 125 دولار بعائد شهري يبلغ 75 دولاراً، وهذه نسبة مرتفعة جداً إن لم تكن هائلة، وهي مؤهلة للاتساع مع توسعة الشبكات وارتفاع نسبة الاختراق إلى مستويات مرتفعة تتجاوز 50 في المئة وبعد أن تدخل «ليبان تيليكوم» ميدان الخلوي.
وبالتالي، يقول نجار، لم يمثّل الاستثمار في هذا القطاع أي ضرر، وهناك تجارب بلدان عدّة منها ما ارتأى بيع سوق الخلوي قبل الاسترسال في الاستثمار فيه، فيما رأت بلدان أخرى أنه يمكن البيع «على الراس». لكن بعد عملية التوسعة في عهد ولاية وزير الاتصالات جبران باسيل تغيّرت الطروحات، فقد تساءل الوزير سابقاً: «هل يكون القطاع أكثر إنتاجاً عبر إدارة الدولة أم بعد خصخصته؟ ستكون هناك فسحة من الوقت للتبصّر في ضوء الأحداث الماليّة العالمية التي فرضت إرجاء الخصخصة، وبالتالي سنتمكن من دراسة كيفية التوصل إلى أفضل وأحدث خدمة للمستهلك بالتزامن مع توفير مداخيل للدولة».


100 في المئة

هي نسبة الاختراق في قطاع الخلوي التي تسعى وزارة الاتصالات إلى تحقيقها بحلول عام 2011، ويتوقع أن تبلغ في نهاية 2009 حوالى 60%، علماً بأن نسبة الاختراق في منتصف 2008 بلغت 30%


توفير 225 مليون دولار سنوياً