غزة ــ قيس صفديطغى التشاؤم على أحاديث الفلسطينيين وتوقعاتهم في قطاع غزة إزاء الجولة الرابعة من الحوار الوطني، التي بدأت أمس في القاهرة، بسبب أجواء انعدام الثقة والمناكفة بين حركتي «فتح» و«حماس».
ورأى غزّيون، في أحاديث منفصلة مع «الأخبار»، أن الاتهامات والاعتقالات المتبادلة في غزة والضفة تثبت أنه لا نيّات حقيقية وإرادة صادقة لدى الحركتين للتوصل إلى اتفاق مصالحة ينهي معاناة الفلسطينيين، الذين عانوا على مدار عامين ويلات الفرقة والانقسام.
وقال عدنان أبو سالم إن الأجواء في غزة والضفة لا تبشر بنجاح حوار القاهرة، متسائلاً: «كيف يمكن أن ينجح الحوار في ظل استمرار الاعتقالات السياسية والتعذيب والاتهامات المتبادلة بالتخوين والتكفير؟».
ويعتقد أبو سالم، وهو سائق أجرة، أن «الحوار لن يكتب له النجاح ما دام الشارع الفلسطيني بقواه السياسية وجماهيره الشعبية في حال صمت، داعياً إلى خروج جميع الأطراف عن صمتهم والضغط على الحركتين لدفعهما إلى تغليب المصلحة الوطنية واستعادة الوحدة الوطنية.
وحمّل أبو سالم، الذي لا يخفي دعمه لحركة «حماس»، المسؤولية الأكبر لحركة «فتح» عن عرقلة الحوار الوطني وعدم الدفع به إلى الأمام، متهماً إياها بالارتهان والخنوع للشروط الأميركيّة الإسرائيلية، إضافة إلى صراعاتها الداخلية.
لكنّ آلاء أحمد، وهي مدرّسة تاريخ في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، تعتقد أن المسؤولية مشتركة بين الحركتين. وقالت: «لا يمكن تحميل طرف دون آخر مسؤولية فشل الحوار الوطني، فالطرفان يتحمّلان المسؤولية عن معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته».
واتهمت آلاء الحركتين بأنهما «تقدمان مصلحتهما الحزبية على المصلحة الوطنية»، لافتةً إلى أن حركة «فتح» تحاول استعادة هيبتها وتفرّدها بالسلطة بكل الطرق، بينما حركة «حماس» التي فشلت في تحقيق وعودها للفلسطينيين، تتمسك بالسلطة رغم ما تعانيه غزة من حصار وتهديدات إسرائيلية.
واتفقت آلاء مع عدنان على أن الفصائل والقوى السياسية مطالبة بأداء دور أكبر بمشاركة الجماهير الفلسطينية للضغط على الحركتين من أجل المصالحة.
وقال الطالب الجامعي أسعد معمر «أنا غير متفائل»، مضيفاً «ما يحدث على الأرض من ممارسات في غزة والضفة واعتقالات لا يدعو إلى التفاؤل». وطالب الحركتين بإدراك خطورة الأوضاع الداخلية نتيجة الحصار، والمخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية في ظل حكومة إسرائيلية متطرفة، داعياً إلى الاتفاق على حكومة وحدة وطنية تعمل على توحيد الفلسطينيين ورفع الحصار وإعادة إعمار غزة والتصدي لمؤامرات إطاحة المشروع الوطني.
وتبدي رانيا الجديلي، التي دمّر منزلها خلال الحرب الأخيرة على غزة، أملاً خافتاً بنجاح الحوار. وقالت إن «الفشل يعني زيادة معاناة الفلسطينيين والمشردين من أصحاب المنازل المدمرة في غزة».
وأضافت رانيا بمرارة: «ماذا تريد فتح وحماس لإدراك أهمية التوافق أكثر مما تعرضت له غزة خلال الحرب، وآلام المرضى بسبب الحصار، وحكومة إسرائيلية لا تؤمن بالسلام؟»، معتقدة بأن «فشل الحوار سيجعل غزة هدفاً لعدوان إسرائيلي جديد».
وخلال تظاهرة لمئات الفلسطينيين قبالة معبر رفح الحدودي للضغط من أجل إنجاح الحوار، بدعوة من المؤسسات النسوية الممثلة لقطاع المرأة في شبكة المنظمات الأهلية، قالت رئيسة اتحاد لجان العمل النسائي عربية أبو جياب، «تأتي جولة الحوار الثنائي في ظل أجواء متعاكسة مع نتائج لجنة المصالحة، حيث استؤنفت الاعتقالات المتبادلة في الضفة وغزة وتجددت الحملات الإعلامية، في ظل مزاج شعبي فقد اهتمامه بجدوى جولات الحوار الثنائي».
وأكدت أبو جياب «عجز الطرفين عن حل القضايا العالقة» من خلال الحوارات الثنائية، داعية إلى «الإسراع بالعودة إلى الحوار الوطني الشامل تجنّباً لفشل الحوار الثنائي»، وبغية الوصول «إلى تحقيق أهداف الحوار الوطني الشامل في إصلاح النظام السياسي وتطويره، بما يحقق شراكة وطنية شاملة بعيداً عن منزلقات الحوار الثنائي نحو تقاسم السلطة التي تعمّق أزمة النظام السياسي الفلسطيني وتكرس المصالح الفئوية على حساب المصالح الوطنية العليا».
وكان نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عبد الرحيم ملوح، قد استبق انطلاق الحوار بتوجيه مذكرة إلى الرئيس محمود عباس تدعوه إلى وقف المفاوضات مع الاحتلال، والإعداد لانتخابات المجلس الوطني والانتخابات التشريعية والرئاسية في كانون الثاني 2010 للخروج من المأزق الوطني الراهن.
وقال ملوح، في مذكرته، «في ضوء تعثّر الحوار الوطني الشامل، وإمكان أن يأخذ الأمر وقتاً طويلاً أكثر مما يتوقع المتفائلون، ندعو إلى إعلان وقف المفاوضات، والامتناع عن أي لقاءات سياسية مع القادة الإسرائيليين».