مراسيم لا تُنفّذ... ومؤسسات عامّة وخاصة فوق القوانين [2] رشا أبو زكي
انتهاكات فاضحة للحقوق المكتسبة، تعمّد من الإدارات العامة كما الخاصة لعدم تطبيق القوانين، الحكومة لا تنفذ المراسيم، وإن تحركت فبمشاريع تلحق الضرر بالطبقة العاملة... هكذا يمر عيد العمال في لبنان، وحتى لو كانت القضايا الاجتماعية والمطلبية تجذب المرشحين إلى المجلس النيابي، فأيّ من هؤلاء لا ينظر إلى معاناة آلاف العمال من جرّاء خرق القوانين النافذة، حتى إن الجهات الرسمية الموكلة بالاهتمام بهذه الفئة لا تسأل وإن سألت، فبـ 10 مفتشين في وزارة العمل فقط لا غير، مقسَّمين على كل المحافظات لتغطية كل قطاعات العمل، المنظَّمة منها وغير المنظَّمة!
قطاعات عديدة منسية، وغائبة حتى عن بيانات المستنكرين والشاجبين. أيها المرشحون، هذه هي معاناة العمال... فهل من يداوي؟

مياه لبنان الجنوبي: مرسوم 14914

نفذت نقابة مستخدمي وعمال مؤسسة مياه لبنان الجنوبي منذ سنة 1997 تحركات مكثفة بهدف الحصول على إنجاز قانون دمج المصالح في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي المقرر منذ سنة 1970، ولم ينفّذ لأن دمج المصالح يؤدي إلى تحديد هيكليات وإنشاء ملاكات، وتثبيت عمال زادت سنوات خدماتهم على 30 عاماً. وتم دمج مصالح المياه، وبات يجب استخدام عمال إضافيين للقيام بأعمال الصيانة وتشغيل الآبار الارتوازية. وبما أن الحكومة ترفض التوظيفات، صدر قرار باستبدال الوظائف، بعمال غب الطلب بواسطة متعهدين. واستطاعت النقابة أن تنتزع مرسوماً حمل الرقم 14914 وينص على إجراء مباراة محصورة تتعلق بالمراكز الشاغرة في المؤسسة والتي يشغلها العمال لدى المتعهدين وعمال تشغيل المنشآت المائية في الجنوب، إلا أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ المرسوم!

TMA: تعويضات الضمان

53 طياراً صرفوا تعسّفياً من شركة الخطوط الجوية عبر المتوسط (TMA)، وعلى الرغم من أن الشركة ستعود إلى العمل بإدارة جديدة، إلا أن عودة المصروفين إلى العمل أصبحت محسومة سلباً، ووزارة العمل لا تزال غائبة عن هذه القضية، ويشير رئيس نقابة الطيارين في الشركة محمود حوماني إلى وجود حل تم اقتراحه أخيراً يتعلق بدفع 12 شهراً للمصروفين على أن لا يعودوا إلى العمل، وأن قرار الموافقة أو الرفض سيكون متروكاً للجمعية العامة، كذلك يشير إلى دعوى رفعت بحق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تتعلق بعدم احتساب الضمان تعويضات الطيارين كاملة، كون الطيار يتقاضى نصف أجره بالدولار، والضمان لا يحتسب إلا النصف المحتسب بالليرة!

عمال البناء: المرسوم رقم 14293

في 11 آذار 2005، صدر المرسوم رقم 14293 المتعلق بشروط تأمين السلامة العامة في الأبنية والمنشآت والمصاعد والوقاية وتم تعديل المرسوم على أن يصبح نافذاً حكماً في 31 أيار 2007، بحيث يعطى لأصحاب الابنية مدى سنة للتقيّد بشروط السلامة. إلا أن هذا المرسوم الذي يحفظ حياة عمال ورش البناء لم ينفذ، كذلك لم ينفذ مشروع المرسوم الرامي الى تأليف لجنة اعتماد المدققين الفنيين لتطبيق المرسوم! كذلك لم يطبق مرسوم يعطي أفضلية للشركات اللبنانية والمواد الأولية الوطنية في المشاريع وخاصة التابعة لمجلس الإنماء والإعمار ووزارة الأشغال والبلديات، ولم يتم إنجاز مرسوم إفادة عمال ورش البناء من تقديمات الضمان.

الخياطة: رسوم جمركية

قرار الحكومة الأخير بإعفاء استيراد الألبسة الجديدة الى لبنان من الرسوم الجمركية، عبر لعبة تمرير قرار السماح باستيراد الألبسة المستعملة، إضافة الى سياسة الانفتاح العشوائي الذي لم تعمل الحكومات المتعاقبة على إعادة النظر به، يلحق ضرراً كبيراً بعمال مصانع ومعامل الألبسة والخياطين، إذ يشير رئيس نقابة عمال الخياطة والتريكو في بيروت وجبل لبنان يوسف حرب الى أن خفض الرسوم الجمركية على استيراد الألبسة ألحق الضرر بأكثر من 30 ألف عامل وعاملة في هذا القطاع، إذ تم إقفال عدد كبير من المصانع وشرّد آلاف العمال، ويشير الى أن عدداً من أصحاب العمل لا يلتزمون بالساعات الرسمية للعمل، ولا بمرسوم رفع الحد الأدنى للأجور...

المطاعم: المرسوم 5756

عندما يقرأ أي مواطن على فاتورة المطعم أو الفندق اقتطاع بين 10 إلى 16 في المئة للخدمات (بحسب تصنيف المؤسسة السياحية)، فعليه أن يعرف أن هذه النسبة يجب أن تقدم للعمال كحق مكتسب، وذلك وفق المرسوم رقم 5756 الصادر في الخمسينيات، إلا أن هذا المرسوم لا يطبق بسبب جشع أصحاب العمل، بحيث يضيفونه إلى الفاتورة ليحصلوا على النسبة الإضافية كأرباح! ويشير مصدر من نقابة مستخدمي الفنادق والمطاعم والمقاهي في لبنان ونقابة الطهاة اللبنانيين، الى أن أصحاب العمل حاولوا إلغاء المرسوم، ولكنهم لم يستطيعوا بضغط من النقابة، فإذا بهم يتجاهلون مضمونه منذ أكثر من 10 سنوات، وخلال هذه الفترة فإن التفتيش في وزارة العمل غائب كلياً عن متابعة هذا الحق المكتسب، علماً بأن هؤلاء العمال يعدّون بالآلاف، ولكن عدداً كبيراً منهم غير لبنانيين، وذلك خلافاً للقانون الذي يحظر على العمال غير اللبنانيين التعاطي بهذه المهنة، إلا إذا كانوا اختصاصيين، على أن تستخدمهم المؤسسة السياحية 6 أشهر فقط ليقوموا بتدريب العمال اللبنانيين، وخلال هذه الفترة يتم اقتطاع 25% من راتبهم لمصلحة العمال اللبنانيين.

مياه الشمال: تعويضات

يعاني مستخدمو وعمال مؤسسة مياه لبنان الشمالي من عدم دفع تعويضات نهاية الخدمة، والمستحقات المتأخرة، وإدارة المؤسسة لا تنفذ البنود المتعلقة بالاستشفاء والمساعدات المرضية والتعرفة الطبية، علماً بأن النقابة أرسلت إلى الإدارة اقتراحاً بتصفية التعويضات وإعطائها إلى مستحقيها، إذ إن البعض قد توفّي ولم يستفد حتى اليوم من الاستشفاء، والبعض الآخر ترك الخدمة أو سيتركها ولم يستفِد أيضاً، وتلفت النقابة الى أن تنفيذ المراسيم المتعلقة بصرف التعويضات يتعطل دائماً بحجة الطلب الدائم للتفسير ولتوضيحٍ لكل كلمة وجملة.


1993

في هذا العام صدر مشروع قانون ضمان العمال في البلديات، وقد حُوّل من الحكومة إلى مجلس النواب آنذاك، وهو ينام في الأدراج ولم يناقش. وخلال مواسم الانتخابات النيابية والبلدية تنهال الوعود على كل الناس، وبعد انقضاء الموسم يعود عمال البلديات إلى عملهم خائفين من المرض!


عمال التبغ... 105 آلاف منسي!