اختلفت الروايات عن الشخصية الحقيقية لـ«أمير دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي، الذي أعلنت الحكومة العراقية إلقاء القبض عليه في حيّ الرصافة يوم الخميس الماضي وأكّدت، أمس، بالصور، اعتقاله
بغداد ــ زيد الزبيدي
انتظرت الحكومة العراقية 6 أيام لتؤكّد بالصور ورسمياً نبأ اعتقال «أمير دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي. وجاء في بيان لمكتب رئيس الحكومة نوري المالكي «لقد سقط بأيدي القوات الأمنية البطلة رأس الشر، زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو عمر البغدادي، هذا الإرهابي الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بالنظام السابق، وشكّل حلفاً شيطانياً مع أزلامه، انعكست آثاره على أجساد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في مشاهد دموية يندى لها جبين الإنسانية استنكاراً وخجلاً».
وخاطب البيان المواطنين بالقول «وحدتكم الوطنية هي التي أحبطت مشروع الفتنة الطائفية وأعادت للعراق قوته ومكانته وللمجتمع تماسكه، وإلقاء القبض على هذا الإرهابي يؤكد التعاون المستمر والفعال بين المواطنين والأجهزة الأمنية، ويتوّج خطط القوات الأمنية بالنجاح، ويفتح الطريق أمام الكشف عما بقي من أوكار الإرهابيين ومخابئهم».
وتشير إحدى الروايات إلى أن الاسم الحقيقي للبغدادي هو عبد الله رشيد صالح البغدادي، من مواليد 1947، وانضم إلى الجماعة السلفية الجهادية في العراق عام 1998، وكان من أبرز منظريها. وبحسب هذه المصادر، فإنّ البغدادي كان مطارداً من النظام السابق، وهرب من العراق إلى أفغانستان عام 1987، وعاد إلى بلاد الرافدين عام 1991، وقيل إنه «أُعدم بعد إلقاء أجهزة الأمن القبض عليه» آنذاك، ولم يعلن عن وجوده حيّاً في العراق إلا عام 2004، في معركة الفلوجة الأولى. وفي ما بعد، أعلن أنه اختير أميراً لـ«مجلس شورى المجاهدين»، ثم أميراً لـ«دولة العراق الإسلامية».
وتشير رواية أخرى إلى أنّ البغدادي هو ضابط سابق في الجيش، ويدعى حامد الزاوي، وبدأ الخطابة في المساجد بانتظام بعد فصله من الجيش، قبل أن ينضم إلى «القاعدة» تحت قيادة أبي مصعب الزرقاوي، الذي أسّس «دولة العراق الإسلامية». وقد تولى أبو حمزة المهاجر، الذي يعُرف كذلك بأبو أيوب المصري زعامة «القاعدة» خلفاً للزرقاوي، عقب مقتل الأخير في غارة أميركية في حزيران 2006. وفي تشرين الأول 2006، استُبدل «مجلس شورى المجاهدين» بـ«دولة العراق الإسلامية» التي تضم ـــــ بحسب مؤسّسيها ـــــ محافظات بغداد والأنبار وديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى وأجزاء من محافظتي بابل وواسط، وبايعت جميع الحركات البغدادي أميراً.
وكانت أنباء عن مقتل البغدادي قد انتشرت في أيار عام 2005 على لسان المتحدث باسم وزارة الداخلية عبد الكريم خلف، الذي قال حينها «إننا جلبنا أشخاصاً ممن كانوا يعرفونه منذ 20 عاماً، حيث شخّصوا الجثة، وبعدما أسمعناهم الشريط الصوتي الذي بث على شبكة الانترنت بصوت (أمير المؤمنين أبو عمر القريشي الحسيني البغدادي)، أكدوا أنه صوت حارب عبد الله لطيف الجبوري».
إلا أنّ عائلة الجبوري نفت أن يكون ابنها هو أبو عمر البغدادي، بل المسؤول الإعلامي لـ«دولة العراق الإسلامية»، وقد أعلن مقتله في ما بعد. في المقابل، بقيت قوات الاحتلال تروّج أنّ شخصية البغدادي وهمية، وليس لها وجود على الأرض. ولم تظهر أي صورة له من أي جهة رسمية أو إعلامية، كما لم يصدر حتى يوم أمس أي بيان من المواقع الإلكترونية التابعة للجماعات المسلّحة ينفي أو يؤكد خبر إلقاء القبض عليه. ولم يصدر حتى الساعة أي تعليق من القوات الأميركية على اعتقاله.