لم يكن المنع مجدياً في السنوات الأربع الماضيةردّت وزارة الاقتصاد والتجارة على جمعية الصناعيين اللبنانيين، التي رفضت قرار مجلس الوزراء بإعادة السماح باستيراد الألبسة المستعملة، واعتبرته مضرّاً بالصناعة الوطنية... واللافت في بيان الوزارة أنه برّر هذا القرار بعجزها عن تنفيذ قرار مجلس الوزراء السابق رقم 69 الصادر بتاريخ 20/9/ 2004، والذي قضى بمنع استيراد «البالات» منعاً تاماً.
وجاء في ردّ الوزارة حرفياً «ان قرار مجلس الوزراء المذكور لم يكن له تأثير كبير للحدّ من كميات الألبسة المستعملة في الأسواق المحلية، وهذا مؤكد من خلال تقارير مراقبي حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة، ومن الشكاوى المتكررة التي تلقّتها الوزارة على مدار سنوات المنع الأربع الماضية».
المعروف أن وزارة الاقتصاد والتجارة (مصلحة حماية المستهلك) ووزارة المال (الجمارك) معنيتان مباشرة بتنفيذ قرار المنع، وبالتالي لا يمكن التذرّع بالعجز عن أداء هذه المهمة من أجل تمرير قرار آخر يعتبره الصناعيون بمثابة الضربة القاضية على قطاع الألبسة الذي يعاني أصلاً من مشكلات كبيرة وخطيرة.
وقالت وزارة الاقتصاد أيضاً «إن قرار مجلس الوزراء بإعادة السماح باستيراد الألبسة المستعملة لم يتخذ، وكما ورد في البيان الصحافي الصادر عن جمعية الصناعيين، لمصلحة أحد المستوردين، وبالتالي لم يرد في ذهن وزارة الاقتصاد والتجارة أو وزارة الصناعة أو أية جهة حكومية لها علاقة بصدور هذا القرار، بما فيها مجلس الوزراء، تأمين مصلحة فردية لأي جهة كانت، وبالتالي لم تستشر أي جهة لها علاقة باستيراد الألبسة المستعملة قبل صدور القرار، وإنما كان الدافع هو تأمين المصلحة العامة لجميع شرائح المجتمع، وخاصة المتدنّية الدخل منها بعد استشراء موجة الغلاء بقصد التخفيف من الأعباء المالية والاجتماعية على كاهل الفئات الشعبية، وقد فات جمعية الصناعيين أن هذه الشرائح من المواطنين لو كانت قادرة على شراء الملابس الجديدة لما لجأت إلى شراء المستعمل منها، وإنما النظرة الضيقة الأفق قد غلبت مصالح فئة قليلة من المواطنين ونسيت الشرائح الواسعة منها، وهذا ما اعترفت به وأكدته جمعية الصناعيين في كتابها المعنون إلى مجلس الوزراء بتاريخ 24/4/2009 حيث ذكرت بأن 90% من الألبسة المستعملة يستهلكها اللبنانيون، ما يعني الحاجة الماسة لدى الشعب اللبناني لهذه السلع».
طبعاً تجاهل بيان الوزارة كلياً ما أوردته جمعية الصناعيين عن حجم استيراد الألبسة المستعملة الذي وصل إلى أكثر من 50 مليون قطعة سنوياً، ما يعني بكل وضوح أن هذه الألبسة ليست مستعملة، وإنما مستوردة بهذه الصفة للتهرّب من تسديد الرسم النوعي والقيمة الفعلية للضريبة على القيمة المضافة التي تتم جبايتها على المعابر الجمركية... كذلك فإن الوزارة تتحدث عن الغلاء وكأنه أمر طبيعي من دون أن تتنبّه إلى أن دورها يكمن في حماية المستهلكين من جشع المحتكرين.
وزعم بيان الوزارة «إن الحكومة اللبنانية حريصة على الصناعة الوطنية ولم تأل جهداً في سبيل تشجيعها ودعمها، وقد اتخذت العديد من الإجراءات بهذا الشأن ولا سبيل لتعدادها جميعها حالياً، ولكن نذكر منها إعفاء المواد الأولية والمواد نصف المصنعة من الرسوم الجمركية واستحداث رمز جمركي صناعي مخصص لتشجيع الصناعة الوطنية (الرمز الصناعي 322) وكذلك تطبيق برنامج لدعم التصدير وإيجاد أسواق تصديرية للصناعة الوطنية وغيرها... وبالتالي لا نجد رابطاً بين سياسة تشجيع الصناعة الوطنية والقرار المذكور باعتبار صناعة الألبسة الجاهزة موجّهة إلى فئات اجتماعية وإلى أسواق محلية وخارجية تختلف عن الأسواق التي يرمي إليها قرار إعادة السماح باستيراد الألبسة المستعملة... مع الإشارة إلى أن المسؤوليات الوطنية للحكومة تفرض عليها تأمين مصالح جميع الفئات الاجتماعية وتأمين التوازن بين جميع القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية».
وأوضح بيان الوزارة أن الترخيص بإعادة استيراد الألبسة المستعملة قد اقترن بفرض عدة شروط لا بد من توافرها، ومنها:
■ عدم إدخال أية ألبسة جديدة ضمن بالات الألبسة المستعملة.
■ التأكد من تعقيم وتبخير الألبسة المستعملة المستوردة بموجب شهادة ذات صدقية صادرة عن مختبرات معترف بها دولياً تثبت خضوعها لعمليات التبخير والتعقيم ومراعاة الأمور الصحية والبيئية.
■ التشدد في مراقبة عمليات استيراد الألبسة المستعملة لمنع التهريب، وخاصة بالنسبة للألبسة الجديدة، والتهرب من دفع الرسوم الجمركية والضرائب المتوجبة.
ولم توضح الوزارة كيف ستضمن تنفيذ هذه الشروط وإلزام المستوردين بها، وهي التي اعترفت في بداية البيان بأن السلطات كانت عاجزة عن تنفيذ قرار منع استيراد الألبسة المستعملة.
(الأخبار)