بغداد ــ زيد الزبيدينفى مكتب رئيس جهاز الاستخبارات العراقي الفريق الطيار محمد عبد الله الشهواني، أمس، الأنباء التي تحدثت عن قرب إحالته إلى التقاعد، أو «انتهاء عقد عمله» الذي يصادف غداً في الأول من أيار، والذي أبرم قبل خمس سنوات بقرار من الحاكم الأميركي بول بريمر.
وترافق الحديث عن إنهاء عقد الشهواني مع قرار مجلس الوزراء إلغاء «مستشارية الأمن القومي» التي يرأسها موفق الربيعي، «ونقل حقوقها وواجباتها وموجوداتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء» بحجة «عدم وجود أساس دستوري لها»، ولانتهاء عقد الربيعي.
ويرى مراقبون أن إنهاء أو عدم تجديد عقد الربيعي ممكن، بعدما طرح الموضوع في مجلس النواب، لأن هذه «المستشارية» ليست كياناً مؤسساتياً له تشكيلاته ودرجاته الوظيفية، إلا أن إلغاء «جهاز الاستخبارات» غير ممكن عملياً، بسبب سرّيته وعدم معرفة الحكومة تفاصيل عمله أو تشكيلاته، ولا سيما ما يتعلق بالشعبة المختصة بالملف الإيراني.
ويقول الشهواني إنّ «جزءاً كبيراً من الاستقرار الأمني النسبي في العراق تحقق من خلال جهاز الاستخبارات، الذي يقدم تقاريره وتوصياته مباشرة إلى رئيس الوزراء نوري المالكي»، فيما يسود الاعتقاد بأنّ الجهاز يرتبط بالأميركيين وهم الذين يديرونه فعلياً، ولا يعر أي أهمية لحكومة بغداد.
ويشير الملف الشخصي للشهواني إلى أنه من مواليد مدينة الموصل عام 1938، تخرّج من الكلية الملكية العسكرية العراقية عام 1957. وكان قد رافق وزير الدفاع العراقي الأسبق عدنان خير الله، ابن خال الرئيس الراحل صدام حسين وشقيق زوجته، خلال دراستهما الطيران العسكري، ويُعدّ من أكثر المقرّبين إليه.
وما يثير الاستغراب في قراءة ملف الشهواني أنه أحيل إلى التقاعد عام 1984 بحجة الزيادة على الملاك، وذلك بقرار من «مجلس قيادة الثورة»، الذي كان صديقه خير الله، آنذاك، عضواً فاعلاً فيه بصفته وزيراً للدفاع.
لكن هناك رواية أخرى مغايرة تؤكد أنه أُخرج من الجيش بسبب قربه من عدنان خير الله الذي قتل في حادث طائرة خلال سفرة عائلية عام 1989، في ما بات شبه مؤكد اليوم أنه كان اغتيالاً. ولا ينفي الشهواني هذه الرواية بالقول «الحمد لله أن عقوبتي جرّاء هذه العلاقة كانت الإحالة إلى التقاعد لا الاغتيال كما فعلوا مع عدنان خير الله. لكنني بقيت ملاحقاً من قبل أجهزة نظام صدام حسين منذ إحالتي إلى التقاعد حتى تركي للعراق عام 1990».
ويكشف الشهواني فصول رحلته في معارضة النظام السابق، ويروي أنه بعد حرب 1991 عاد نظام صدام حسين إلى ملاحقته، فأسّس تنظيماً معارضاً وسرياً يضم عسكريين ومدنيين، «ليست له أهداف سياسية سوى القضاء على نظام صدام حسين، وكنا مدعومين من أصدقائنا في الإدارة الأميركية».
ولم ينسَ الشهواني كيف أنّ «النظام تمكّن من إلقاء القبض على 400 من أنصار تنظيمه، أُعدموا، وبينهم أبناؤه الثلاثة أثير وأنمار وإياد».
ودخل الشهواني العراق خلال الغزو عام 2003 مع القوات الأميركية، وكان من ضمن مجموعة من الضباط المعتمدين لدى الاستخبارات الأميركية. وفي الأيام الأولى، تولّى مهمة إنشاء «قوات الصحراء»، لتكون نواة الجيش الجديد، ثم أنيطت به مهمة العمل الاستخباري، وجمع الضباط الذين كانوا يعملون على الملفين السوري والإيراني. ويبدو الشهواني متخصصاً في مناوأة إيران، إذ يتفاخر بأنه «أول من كشف مدى التغلغل الإيراني في العراق»، وهذا ما أكسبه عداء الأحزاب والكتل السياسية الشيعية.
وبحسب موقع «براثا» التابع لـ«المجلس الأعلى الإسلامي»، فإن حكومة بغداد اتخذت قرار استبعاد الشهواني منذ سنوات، إلا أنه كان يصطدم بالفيتو الأميركي. وتعبيراً عن مدى ثقته ببقائه في منصبه، يردّ الشهواني على الأنباء التي تحدثت عن قرب موعد إقالته بقول الشاعر: «إن الزرازير لمّا قام قائمها توهمت أنها صارت شواهينا».