معدّل البطالة 65%... و80% من السكان تحت خط الفقرغزة ــ قيس صفدي
للعمل في قطاع غزة قصة خاصة تحكي أن أعمالهم تُسرق منهم عنوةً، لأن الاحتلال الإسرائيلي رغب بفرض حصار عليهم، فغدا العامل السابق عاطلاً من العمل، ويشتهي الراحة من آلام الجوع. وهكذا، طالب آلاف العمال الفلسطينيين في تظاهرة دعت إليها جبهة اليسار في مدينة غزة، المجتمع الدولي بأن «يتحمل مسؤولياته القانونية تجاه إلزام دولة الاحتلال بمسؤولياتها الاقتصادية عن الأراضي المحتلة وفق القانون الدولي الإنساني». ووجهت جبهة اليسار (الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني)، مذكرتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والمدير العام لمنظمة العمل العربية، أكدت فيهما أنه «لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة والعالم ما دام هناك ظلم، وكيل بمكيالين تجاه قضايا الشعوب، وخصوصاً في تعامله مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتقاعسه عن إلزامها بقرارات الشرعية الدولية التي تنصف قضيتنا الفلسطينية».
وحمل العمال، خلال التظاهرة، أدوات ومعدات تدل على مهنهم، تعبيراً عن تمسكهم وقناعتهم بهذه المهن البسيطة التي فقدوها بسبب الحصار والاحتلال، فيما أحرق عمال غاضبون مجسمات تمثل قادة دولة الاحتلال، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، وزعيمة حزب «كديما» تسيبي ليفني.
وردد العمال هتافات غاضبة تعبر عن رفضهم لواقع الفرقة والانقسام في الساحة الفلسطينية، وصدحت حناجرهم بهتافات «يا عباس ويا هنية، بدنا وحدة وطنية. يا هنية ويا عباس، وين رايحين بحقوق الناس». كذلك اشتكى آخرون من تجاهل الفرقاء لمعاناتهم صارخين: «همّا ياكلوا حمام وفراخ وإحنا الفول دوّخنا وداخ».
ودعا العمال حركتي «فتح» و«حماس» إلى تحقيق الوحدة كضمانة مهمة للتصدي لمخططات الاحتلال وعدوانه المستمر ضد الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، مطالبين في الوقت ذاته السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها تجاه شريحة العمال، التي تعاني منذ سنوات طويلة من البطالة والفقر في ظل أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية سيئة.وقال العامل محمد أبو شباب، إنه «فقد عمله في قطاع البناء منذ أن منعت سلطات الاحتلال توريد الاسمنت والحديد ومواد البناء إلى قطاع غزة قبل نحو عامين». وبلغ السوء بأبو شباب قبل بضعة شهور إلى عرض ثلاثة من أبنائه للبيع في السوق، في محاولة منه للفت الانتباه إلى واقعه المأسوي، كما آلاف العمال في غزة. وقال «كنت أكسب لقمة العيش يوماً بيوم ولم تتوفر أي فرصة للادخار لمواجهة مثل هذه الأيام السوداء».
ووصف أبو شباب حياة أسرته المكونة من تسعة أفراد بأنها لا تطاق، قائلاً «نعيش مجاعة حقيقية، وإلا ما معنى أن تأكل الفول والعدس المقدم من الجمعيات الخيرية معظم أيام الشهر». وشدد على أن «الحصار الظالم ضاعف من الجحيم في غزة.
وبكثير من الحسرة والسخرية، قال أبو أحمد عبد العال: «نحن أسعد عمال في العالم. العيد عنا بالسنين وليس بالأيام»، لافتاً إلى أنه «عاطل من العمل منذ الانسحاب الإسرائيلي من مستوطنات غزة في خريف عام 2005، حيث كان يعمل خياطاً في المنطقة الصناعية في معبر بيت حانون إيرز، شمال غزة».
وتابع أبو محمد، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة تغلفها المرارة، إنه «عيد العاطلين من العمل في غزة»، متسائلاً «أي عيد هذا الذي سنحتفل به؟».
بدوره، قال العامل محمد حنش إنه «افتقد الشعور بالراحة والاستقرار منذ فقدانه عمله في أحد مصانع الباطون الجاهز في مدينة رفح جنوب القطاع»، مبدياً استعداده للعمل «في أي شيء من أجل توفير لقمة العيش لأسرته المكونة من خمسة أفراد».وشددت الكتل العمالية لجبهة اليسار على أن «جماهير عمالنا وكل الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمهمشة هي التي تدفع أكثر من غيرها ثمن سياسات الاحتلال من ناحية، والانقسام من ناحية ثانية، وهي بحاجة إلى سياسات تنموية واجتماعية تنصفها وتعيد لها كرامتها».
وناشدت الكتل العمالية، خلال التظاهرة، الرئيس محمود عباس «إصدار قانون الضمان الاجتماعي لتوفير الحماية للعمال من البطالة والعوز، ووضع سياسة اقتصادية تنموية واضحة تحمي العمال ومصالحهم وتوفر لهم لقمة العيش الكريم». وأشارت إلى «تداعيات العدوان الأخير على قطاع غزة الذي طاول الإنسان والشجر والحجر، وكل فئات شعبنا وعلى رأسها شريحة العمال والكادحين والفقراء، وفاقمت من أوضاعهم الكارثية».
وفي السياق، قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة «حماس»، أحمد الكرد، إن «معدل البطالة بلغ 65 في المئة، بينما يعيش نحو 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر، ويعتمد 85 في المئة منهم على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية». وقدر عدد العاطلين من العمل في غزة بسبب الحصار وإغلاق المعابر بنحو 150 ألف عامل.
إلى ذلك، أعلنت مصادر طبية وأمنية، وفاة عاملين اثنين، هما: محمد إبراهيم معمر (23 عاماً) بتماس كهربائي، وعثمان محمد فتفوت (22 عاماً) اختناقاً، داخل نفق مخصص لتهريب البضائع على الحدود الفلسطينية ـــــ المصرية في مدينة رفح جنوب القطاع.

وأوضح أبو ردينة أن «عباس لم يبدأ بعد إجراءات تأليف حكومة جديدة. وعلى أي حال، فإنه ينوي تأليف حكومة موسّعة قريباً».
(أ ف ب)