إجراءات لمنع السوق السوداء... وخطوة نيسان غير واضحةرشا أبو زكي
بعد مماطلة على مدى سنوات طويلة، سيستفيد مشترك الهاتف الخلوي الثابت، لأول مرّة اليوم، من إجراءات، ولو محدودة نسبياً، تقضي بخفض كلفة التخابر، علماً بأن هذه الكلفة ستبقى على الرغم من ذلك، من أغلى الأكلاف عالمياً. فبدءاً من اليوم، ستنفّذ شركتا الخلوي القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء سابقاً، بناءً على اقتراح وزير الاتصالات جبران باسيل، التي تقضي بخفض الاشتراك الشهري للخط اللاحق الدفع (الثابت) من 25 دولاراً إلى 15 دولاراً، أي بنسبة 40 في المئة، وخفض سعر دقيقة التخابر من 13 سنتاً إلى 11 سنتاً، أي بنسبة 16 في المئة، على أن تخفض اشتراكات الخدمات الإضافية في وقت لاحق.
الا أن العيون لا تزال شاخصة على نيسان المقبل، وهو الموعد المحدد لإطلاق الحزمة الثانية من الإجراءات التي تطال البطاقات المسبقة الدفع، وتتمثل بخفض دقيقة التخابر بنسبة 24 في المئة، أي من 45 سنتاً إلى 36 سنتاً، مضافةً إليها الضريبة على القيمة المضافة. كذلك سيُوَحَّد السعر لدى الشركتين المشغلتين لشبكتي الخلوي، بحيث يصبح على أساس الدقيقة. كذلك فإن صلاحية البطاقة في المرحلة الأولى ستمتد إلى 3 أشهر، لكن آلية تطبيق هذه الإجراءات لا تزال غامضة... حتى الآن.
وبين استعدادات شركتي الخلوي التي أصبحت وفق مصادر الشركتين شبه كاملة، وهواجس عدد من المتابعين لعودة السوق السوداء مع توقع عدم قدرة الشركات على تلبية الطلبات المتزايدة، وخصوصاً أن العقود الجديدة، التي فازت بها «أوراسكوم» المصرية و«زين» الكويتية، تفرض تنفيذ برامج محددة لتوسيع الشبكتين العاملتين لتتسعا إلى 800 ألف مشترك إضافي، ما سيزيد عدد المشتركين بحسب باسيل من 34 في المئة من المقيمين حالياً إلى ما بين 50 و55 في المئة على المدى المتوسط، ويؤكد رئيس هيئة المالكين في قطاع الخلوي في وزارة الاتصالات جيلبير نجار لـ«الأخبار» أن نقل الخط من مسبق الدفع إلى الثابت سيكون مجانياً، ومن المتوقع أن يكون عدد طلبات النقل مرتفعاً، وخصوصاً مع ارتفاع فرص الإفادة من كلفة التخابر المنخفضة نسبة إلى البطاقة المسبقة الدفع.
من جهة أخرى، يلفت نجار إلى وجود تسهيلات في طريقة دفع فاتورة الخط الثابت، إذ بدلاً من التوجه إلى البنك أو الشركة يستطيع المشترك دفعها عبر ليبان بوست، أو في مكاتب ويسترن يونيون بكلفة منخفضة، بحيث لا تتجاوز 2000 ليرة. ويشير نجار إلى أن تلبية الطلبات ستكون يسيرة مع ارتفاع عدد الموظفين في شركتي الخلوي، وخصوصاً بعد إجراءات توسيع الشبكات، ما يشير إلى الاستعداد لاستقبال الطلبات مهما كان عددها كبيراً.
أما بالنسبة إلى إجراءات خفض كلفة التخابر عبر البطاقات المسبقة الدفع في نيسان، فيشير نجار إلى أن من كان يتكلم 20 دقيقة بكلفة 10 دولارات مثلاً، سيستطيع الكلام 10 دقائق إضافية بعد خفض كلفة الاتصالات من 48 سنتاً للدقيقة إلى 36 سنتاً. وعن آلية اعتماد تمديد فترة صلاحية البطاقات، يوضح نجار أنها غير واضحة حتى الآن، إذ إن الوزارة تعمل خطوة خطوة، وبالتالي ستكون التوضيحات في متناول المشتركين قبل انقضاء شهر آذار، لافتاً إلى وجود اقتراح بإصدار 3 أنواع من البطاقات المسبقة الدفع، الأولى كلفتها 25 دولاراً لشهر، والثانية كلفتها 50 دولاراً لشهرين، والثالثة كلفتها 75 دولاراً لمدة 3 أشهر. لكنّ مدة انتهاء صلاحية البطاقة نهائياً، غير محسومة.
وكذلك يشير رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات كمال شحادة لـ«الأخبار» إلى أن آلية الخفوضات في البطاقات المسبقة الدفع لم تتوضح بعد، إذ ثمة قرار بتمديد مهلتها، لكن لا تزال آلية تطبيقه موضوع بحث بين الوزارة والشركات، إذ إن هذه الخدمة غير واضحة بعد، وكذلك شروط التمديد.
ومع بدء تنفيذ الإجراءات الخلوية الجديدة، تُطرح تساؤلات عديدة عن آلية مراقبة طريقة بيع البطاقات، إضافة إلى التزام شركتي الخلوي بالإجراءات الوزارية. ومن هنا يؤكد شحادة أن مسؤولية الهيئة هي تنظيمية ومتعددة، منها ما يتعلق بتخصيص الترددات، حيث خصصت لشركتي الخلوي ترددات إضافية، تزامناً مع توسيع الشبكات، وهي تراقب آلية استخدام هذه الترددات. كذلك وضعت الهيئة المخطط الوطني للترقيم، ومن خلاله خصصت لكل شركة حوالى مليوني رقم لزيادة عدد المشتركين. كذلك كان لها دور في إبداء الرأي من الأسعار، بحيث كان مرحباً وداعماً لموقف الوزير باسيل في خفض الأسعار، وكان للهيئة دور في مراجعة كل سياسة التوزيع في الخلوي المتعلقة بالخدمات، بحيث تكمن مسؤوليتها بالموافقة على خطة التوزيع لكل شركة، وتراقب توزيع الخدمات بسرعة وعلى كل الأراضي اللبنانية، على أن تتأكد من أن خطط التوزيع لن تؤدي إلى السوق السوداء والتلاعب بالأسعار.
كذلك تفرض العقود الإدارية على الشركات التزام معايير جودة الخدمة التي وضعتها الهيئة، بحيث ترفع الشركتان معايير جودة الخدمات المستخدمة إلى الهيئة، التي تقارن تطابقها مع المعايير الموضوع من قبلها، وهذا ما سيتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وبعد ذلك سيبدأ دور الهيئة في مراقبة تطبيق نوعية الخدمات ومعايير الجودة والخدمة. ويشير شحادة إلى أن الهيئة تستعد عبر توفير آليات مراقبة المقاييس وشراء المعدات اللازمة، واحتساب معدلات الخدمة وبرامج الـ«سوفتوير»، إضافة إلى تدريب الفنيين الموكلة إليهم مهمات المراقبة.
في كل ما يتعلق بحماية المستهلكين، يشير شحادة إلى اتفاقية عقدت بين الهيئة ومصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، للتنسيق في كل ما يتعلق بالشكاوى من خدمات الاتصالات، ومنها الخلوي، وفي الأشهر المقبلة سيُرَكَّز على حماية المستهلك. أما طريقة الشكوى، فهي تمر بثلاثة مسارات، الأولى أن يراجع المستهلك الشركة في شكواه، وإذا لم يحصل على حقه خلال مهلة زمنية محددة، يراجع مصلحة حماية المستهلك التي فور تبلغها تنسق مع الهيئة المنظمة للاتصالات، وهذه الأخيرة تتابع الشكاوى مع الشركات، وإذا مرت مهلة ثانية ولم تحل المشكلة تتسلم الهيئة الملف وتتابعه مع الشركة.


225 مليون دولار

هي القيمة التي سيوفرها المشتركون سنوياً نتيجة خفض بعض أكلاف الخلوي وفق ما أعلنه باسيل الذي أشار إلى أن الخزينة لن تكون متضررة من هذا الخفض، إذ إن زيادة عدد المشتركين وزيادة التخابر ستؤديان إلى زيادة في الواردات بـ 300 مليون دولار سنوياً.


إنها الخطوة الأولى