كانت الواقعة غريبة في الجلسات المغلقة للحوار الفلسطيني. كان من المفترض أن يكون النقاش بين «فتح» و«حماس» على اللجان وآلية عملها، لكن الحركتين بدتا متفقتين في مواجهة باقي الحاضرين
حسام كنفاني
فوجئ المشاركون في حوار القاهرة الأسبوع الماضي باتفاق مسبق بين حركتي «فتح» و«حماس» على آلية عمل اللجان التي كان من المقرّر أن تنطلق في أعقاب الاجتماع، ما حوّل الجلسة من حوار بين الحركتين، اللتين تمثّلان أساس الخلاف الفلسطيني، إلى مطالبات من باقي الفصائل لتعديلات على الورقة المشتركة التي دخلت بها «فتح» و«حماس» إلى قاعة الاجتماعات.
وتؤكّد مصادر فلسطينية، لـ«الأخبار»، أن الحوار الثنائي بين الحركتين، لم يقتصر على مواد الاعتقال السياسي ووقف الحملات الإعلامية، بل ركّز في الجزء الأكبر منه على ملف الخلاف وآليات حله في إطار المبادرة المصرية، وتوزيعه على اللجان الخمس: الحكومة، والانتخابات، والأجهزة الأمنية، ومنظمة التحرير الفلسطينيّة والمصالحة الداخلية.
وتشير المصادر إلى أن الحوار الثنائي أثمر اتفاقاً بين الطرفين «بقي طي الكتمان، ولم يجرِ الكشف عنه إلا في سياق الحوار الشامل»؛ فبعدما افتتح مدير الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، الجلسة، ظهرت بوادر الاتفاق الثنائي، الذي أزعج باقي الأطراف المشاركة، ولا سيما الأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، الذين كانوا يصرّون على رفض «المحاصصة بين فتح وحماس».
الورقة المنجزة مسبقاً تحوّلت إلى مادة للنقاش والهجوم من باقي الأطراف الذين عملوا على وضع تعديلاتهم عليها، لتنقلب الصورة الحوارية، ولو مؤقتاً، إذ بدا أن «فتح» و«حماس» في خندق وباقي الفصائل في خندق آخر. وتؤكّد المصادر أن النقاش أفضى إلى تعديلات على «ورقة المحاصصة»، في بنودها المتعلقة بعمل اللجان.
ووفق المصدر نفسه، جرت تعديلات على لجنة الحكومة بإضافة فقرة أن «الحكومة التي ستتألف ستكون حكومة انتقالية مؤقتة حتى انتهاء فترة ولاية المجلس التشريعي»، بعدما كان النص المقترح ينص على حكومة منقطعة الولاية. كذلك أُضيفت عبارة «إعداد مشروع برنامج الحكومة» بدل «برنامج الحكومة»، «تأكيداً لوجود مرجعية للحكومة العتيدة»، بحسب المصدر.
وفي اللجنة نفسها، أُضيفت فقرة عن «استئناف عمل المجلس التشريعي وفقاً للقانون»، حتى تحصل الحكومة الانتقالية على الثقة أولاً، وحتى يزاول التشريعي مهامه بعد انقطاع.
وتشير المصادر إلى إجراء تعديل أيضاً على لجنة الأمن بشطب الفقرة الثانية من ورقة «حماس» و«فتح»، التي تنص على «تكييف أوضاع الأجهزة الأمنية الحالية في الضفة وغزة وفق ما يُتفَق عليه». ووفق المصدر، فإن هذه الفقرة كانت «تقود إلى اعتماد الأجهزة والملاكات والتشكيلات الميليشاوية خارج إطار النظام وبالتضاد مع القانون من خلال صفقات ثنائية». واستُبدلت هذه الفقرة بأخرى «تطرح المعالجة بدلاً من التكيف وتنص على تطبيق القانون»، لتصبح «معالجة أوضاع الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة وفق قانون الخدمة والمصلحة الوطنية».
أما لجنة منظمة التحرير، فأُضيفت «وثيقة الوفاق الوطني إلى اتفاق القاهرة»، وهي الوثيقة التي تنص بوضوح على دمقرطة منظمة التحرير بواسطة انتخاب مجلس وطني على قاعدة التمثيل النسبي. أما التعديل الثاني فتم بإضافة «الممثل الشرعي الوحيد».
وفيما لم تحظ لجة الانتخابات بأي تغيير يذكر، نالت لجنة المصالحة الوطنية نصيبها من التعديلات. وتشير المصادر إلى أنه «إلى جانب النص التوضيحي لمعالجة قضايا المواطنين، بما هي قضايا الأشخاص والأملاك والمؤسسات، أضيفت فقرتان، الأولى مبدئية ذات طابع تثقيفي واستتباعات عملية، وهي: وضع ميثاق شرف يتضمن الأُسس والضوابط لتجنيب المجتمع الفلسطيني تكرار اللجوء للسلاح والعنف لحل الخلافات». والثانية ذات طابع تنظيمي عملي «وضع الآليات لتنفيذ ما يُتَوافَق عليه».