strong>مرة أخرى، يبقى الملف النووي الإيراني مدار جدل واسع يمتد من شرم الشيخ وصولاً إلى واشنطن مروراً بفيينا، حيث يعقد حكّام وكالة الطاقة الذرية اجتماعهم، الذي يبدو أن دمشق وطهران في قائمة أولوياتهاتهم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، أمس، إيران بعدم التعاون مع الوكالة، وحثها على كسر الجمود في ملفها النووي، فيما طالب سوريا بتقديم معلومات إضافية عن موقع الكبر الذي دمرته إسرائيل في عام 2007، مشيراً إلى احتمال ضئيل بأن تكون الصواريخ الإسرائيلية مصدر جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في الموقع.
وقال البرادعي، في خطاب ألقاه أمام اجتماع حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، إن الوكالة تابعت «تحليلها للمعلومات التي توافرت لها، بما في ذلك الزيارة إلى موقع (الكبر في) دير الزور في 23 حزيران 2008». وأضاف أن تحليل العينات التي أخذت من الموقع، كشف عن «وجود جزيئات يورانيوم نتجت من عملية كيميائية»، مشيراً إلى أن هذه الجزيئات وتلك الناتجة من تحليل سابق ليست من نوع المواد النوويّة التي تحدثت عنها سوريا سابقاً.
وأشار البرادعي إلى أن تقدير وكالة الطاقة توصل إلى «إمكان ضئيل بأن تكون جزيئات اليورانيوم نتيجة لاستخدام الصواريخ» الإسرائيلية لتدمير موقع الكبر، مشيراً إلى أن سوريا كررت في رسالة إلى الوكالة، مؤرخة في 15 شباط الماضي، أن «المنشأة المدمرة، في دير الزور كانت منشأة عسكرية لا تتضمّن أي نشاطات نووية». وأضاف أن الرسالة السورية لم «تجب على العديد من الأسئلة التي طرحتها الوكالة، وأن إجابات سوريا عن بعض الأسئلة كانت جزئية وتضمنت معلومات كانت قدمت إلى الوكالة سابقاً».
وتابع البرادعي أن الوكالة تتوقع أن تقدم سوريا «معلومات إضافية مدعومة بوثائق عن الاستخدام السابق لطبيعة البناء في موقع دير الزور».
وفي ما يتعلق بالملف الإيراني، حثّ المدير العام لوكالة الطاقة طهران على «تطبيق كل الإجراءات المطلوبة لبناء الثقة سلمياً حول برنامجها النووي في أقرب وقت ممكن، وعلى إخراج الوضع من هذا المأزق القائم».
وأعرب البرادعي عن الأسف لعدم تمكن الوكالة من «تحقيق أي تقدم» في المواضيع التي أثارت القلق «حول أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني بسبب عدم التعاون من قبل إيران». وأعرب عن أمله أن تعطي المقاربة الجديدة من المجتمع الدولي «بالحوار مع إيران دافعاً جديداً للجهود المبذولة لحل الموضوع القديم بطريقة توفّر التطمينات المطلوبة حول الطبيعة السلمية للبرنامج النووي».
ومن المتوقع أن يناقش مجلس حكام الوكالة مسألة تعيين خلف للبرادعي الذي تنتهي ولايته الثالثة في 30 تشرين الثاني.
من جهة ثانية، كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» أن تقريراً شارك في إعداده مستشارون للرئيس الأميركي باراك أوباما حث الولايات المتحدة على فرض عقوبات صارمة جديدة على إيران وتحييد خطط روسيا لبناء نظام دفاع جوي للجمهورية الإسلامية يمكن أن يدفع إسرائيل إلى ضربه.
وقالت الصحيفة إن التقرير، الذي سيصدره هذا الأسبوع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يحذّر من احتمال قيام إسرائيل بضرب إيران خلال العامين المقبلين، لأن قادتها مقتنعون بأن الخيار العسكري الذي يمتلكونه سيزول بعد هذه المدة بسبب تقدم العمل في برنامج إيران النووي واحتمال تسلمها صواريخ أرض ـــــ جو من طراز «إس ـــــ 300» من روسيا.
وأضاف التقرير أن الهجوم الإسرائيلي المفترض «يمكن أن يؤخّر العمل في برنامج إيران النووي مؤقتاً، لكنه سيجعل الولايات المتحدة نفسها تدفع ثمناً غالياً من وراء اندلاع أزمة جديدة بسبب ذلك في منطقة الشرق الأوسط، لذلك يتعيّن على الإدارة الأميركية توسيع حملتها لمنع المصارف الدولية من التعامل مع إيران لتشمل الشركات التجارية والصناعية».
واقترح التقرير تقاسم المعلومات الاستخبارية مع لجنة العقوبات في الأمم المتحدة لضمان تنفيذ الإجراءات التي تتخذها الأخيرة بحق إيران بصورة مشددة. ودعا الولايات المتحدة إلى «تزويد إسرائيل بالقدرات، ومن بينها الطائرات المقاتلة الحديثة، كي تستمر في تهديد الأهداف الإيرانية الهامة إذا مضت روسيا في بيع إيران صواريخ أرض ـــــ جو».
في هذا الوقت، شكّكت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في أن تستجيب إيران لمبادرات إدارة أوباما للحوار معها، حسبما نقل مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية أمس عنها أثناء اجتماعها بنظيرها الإماراتي، عبد الله بن زايد، في شرم الشيخ. وذكر المسؤول أن كلينتون «قالت إنها متشككة في أن تستجيب إيران لأي نوع من عروض الحوار أو لليد الممدودة لها». وكشف أن الوزير الإماراتي أبدى لكلينتون قلق دول الخليج من أن يُبرم أوباما اتفاقاً مع إيران من دون التشاور التام مع حلفاء أميركا. لكن الوزيرة أكدت أن إدارة أوباما تحسب بحذر خطواتها وستتشاور مع حلفائها الخليجيّين.
(أ ف ب، أ ب، يو بي آي، رويترز)


مخطط إيراني لإلحاق أكبر الخسائر بالعدو

طهران ــ محمد شمص ومن جهته، أعلن قائد القوة الجوية في الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، أن «إيران اليوم هي بمثابة مرفأ المنطقة وأمنها وأنها وصلت إلى الاكتفاء الذاتي في جوانب عسكرية عديدة ولديها الكثير من الكلام لتقوله بشأن النظام العالمي الراهن».
إلى ذلك، أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، عزم طهران وأنقرة على التوجّه إلى المزيد من التطوير في العلاقات على جميع الصعد، واصفاً مستقبل العلاقات بين البلدين بأنه «واضح جداً وبناء».
وقال نجاد، لدى لقائه وزير النقل التركي بينالي يلدريم في طهران أمس، «إن العلاقات بين الشعبين الإيراني والتركي تتطور بقوة وبسرعة»، لكنه دعا إلى ضرورة السعي لتنمية مستوى العلاقات «أكثر فأكثر». وأشار إلى وجود مشاريع مختلفة للاستثمار المشترك، وخاصة في قطاع الطاقة والنقل، منوّهاً بإمكان رفع حجم العلاقات الاقتصادية إلى 20 مليار دولار سنوياً بين البلدين. وأكد عدم وجود قيود تعترض تنمية التعاون بين البلدين، مشدداً على «ضرورة دعم أحد الشعبين للآخر».