تحوّل مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة إلى منبر سياسي، أطلق خلاله قادة العالم شروطاً سياسية بدت غير قابلة للمساومة، مع تبنٍّ لنهج السلطة الفلسطينية، ومطالبة «حماس» بالاعتراف بإسرائيل، وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، في مقابل تلميح ضبابي بسحب المبادرة العربية، ليخلص إلى دعم مادي بلغت قيمته 5.2 مليارات دولار، ينتظر آلية لتنفيذه بعيداً عن الحركة الإسلامية
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
كأن الجهات العربية والدولية التي شاركت في مؤتمر إعادة إعمار غزة في شرم الشيخ في مصر أمس، سعت إلى إبراء ذمتها حيال صمتها عن العدوان الإسرائيلي على القطاع، فتعهدت دفع مليارات الدولارات لإعماره، مظللة باتفاق القادة المشاركين على ضرورة إنهاء الحصار وتحقيق مصالحة فلسطينية، تليها تسوية النزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي. وحدّد وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، في ختام المؤتمر، المبلغ المتوقع قائلاً: «جمعنا اليوم أربعة مليارات و481 مليون دولار، تضاف إلى تعهدات سابقة، فيبلغ إجمالي المبلغ 5 مليارات و200 مليون دولار».
وشدد أبو الغيط على أن «المشاركين دعوا إلى الفتح الفوري والكامل وغير المشروط لكل معابر إسرائيل مع غزة»، إضافة إلى «تحقيق المصالحة الفلسطينية والتهدئة باعتبارهما متطلبين ضروريين لإنجاز جهود الإعمار، ومطالبة إسرائيل بالاحترام الكامل للقانون الدولي، ووقف استهداف أو تدمير البنية التحتية المدنية لغزة».
إلاّ أن هذا لا يعكس حقيقة طابع «الحلبة السياسية»، التي اتخذها المؤتمر على حساب الجانب الإنساني. حلبة شهدت عدة مواقف سياسية أعلنت تبنيها للسلطة الفلسطينية ورفضها لـ«حماس» إلاّ وفق شروطها. مواقف تمثلت في دعوة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، «حماس» إلى الحوار مع إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية، ليعود ويؤكد أولوية استعادة الجندي الإسرائيلي «الفرنسي» الأسير، جلعاد شاليط، بموازاة تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، على أن المساعدات الأميركية «لن تذهب إلى حماس»، فيما لمّح وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، إلى سحب المبادرة العربية.
ورغم «الإيجابية» التي كان قد أبداها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في معالجته للأوضاع المعقدة في المنطقة، وما تعدّه إدارته «إرهاباً»، أكدت كلينتون أنها «حصلت من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على ضمانات بأن المال الأميركي (نحو 900 مليون دولار) لن يصل إلى حماس»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «المساعدات الأميركية لا يمكن فصلها عن عملية السلام».
وأضافت كلينتون أن حجم المساعدات «سيعرض على الكونغرس الأميركي لإقراره»، ويهدف إلى مساعدة «سكان غزة والصفة الغربية»، موضحة أنه «من خلال تقديمنا المساعدة إلى غزة، فإننا نستهدف كذلك توفير الشروط اللازمة لقيام دولة فلسطينية». وجدّدت مطالب واشنطن «باعتراف حماس بإسرائيل ونبذ العنف».
أما ساركوزي فقال إن بلاده «ستدعم عباس مالياً لتقديم المساعدة للمتضرّرين، وسنوفر للسلطة الفلسطينية المساعدات الأساسية لدفع الرواتب للموظفين تحت سلطتها»، مشدداً على «ضرورة المصالحة بين الأطراف الفلسطينية باعتبارها مفتاح السلام». وبعد تكرار مطالبته بفتح المعابر ونقاط المرور باعتبارها «أولوية»، على أن يواكبه «إغلاق الأنفاق»، شدد على أن «تحرير شاليط مقابل المئات من السجناء الفلسطينيين هو أمر ضروري». وأكد أن «شاليط بالنسبة إلى فرنسا مواطن فرنسي، وإطلاق سراحه أولوية بالنسبة إلينا».
وتوجّه ساركوزي إلى قادة «حماس» بالقول: «إذا أردتم أن تكونوا محادثين شرعيين يجب أن تقبلوا بحل سياسي والحوار مع إسرائيل». وأضاف: «أقول للدول التي تربطها صلات بحماس إنها تتحمل مسؤولية خاصة في المطالبة بأن تنضم الحركة إلى عباس».
وفي السياق، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن «الأولوية الآن هي فتح معابر قطاع غزة».
بدوره، أكد الفيصل أن «الخيار بين السلام والحرب الذي قدمته مبادرة السلام العربية لإسرائيل لن يكون مفتوحاً في كل وقت»، موضحاً: «أطلقت مبادرة السلام في قمة بيروت عام 2002، ولم تجد أي تجاوب من إسرائيل... المبادرة المطروحة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد». ووصف الوضع في غزة بأنه «كارثة إنسانية»، مؤكداً أن «المملكة خصصت مليار دولار للمساهمة».
ورغم اعتبار الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أن «إعفاء إسرائيل من الالتزام بالقانون الدولي هو كارثة سياسية، وأن الحل في غزة لن يكون فقط بإعادة البناء، بل بالتزام إسرائيل القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة»، إلاّ أنه قال إن مبادرة السلام العربية «لا تزال مطروحة حتى الآن».
أما الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، فأكد أن «جهوداً تبذل لتوحيد الصف الفلسطيني»، مجدداً دعوته إلى «الالتزام بحل الدولتين والاتفاقيات الموقعة وضرورة التحرك السريع من الإدارة الأميركية لإحياء عملية السلام»، مشيراً إلى أن «جهود الإعمار ستبقى مهددة في ظل غياب الحل السياسي».
وخلال افتتاح المؤتمر، قال الرئيس المصري، حسني مبارك، أمام وفود 87 دولة ومنظمة إقليمية مشاركة، «أتطلع لأن تدعم كل الدول المحبة للسلام جهود مصر لتحقيق التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصار، ما يرتبط بالضرورة بالأولوية الموازية لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني ضماناً لتسهيل عملية إعادة الإعمار». وشدّد على ضرورة «الاتفاق على آلية دولية تحظى بثقة المانحين تتولى تلقي مساهماتهم وتوجّهها لعملية إعادة الإعمار في إطار من الشفافية والمحاسبة».


مليون دولار من لبنان إلى غزة

السنيورة مع «حلّ جذري للصراع»


أعلن رئيس الحكومة اللبنانيّة فؤاد السنيورة، بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في مكتبه في مقر مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة في شرم الشيخ، عن «مساهمة لبنانيّة إضافية متواضعة للمساعدة في إعادة إعمار غزة، مقدارها مليون دولار أميركي».
وتابع السنيورة أن «تكرار هذه المآسي التي نعيشها ونصرف الجهد والإمكانات لمعالجتها، من دون أن ننسى أرواح الشهداء، سببه غياب الحل السلمي الشامل والعادل لقضية فلسطين وتمسك إسرائيل باستخدام القوة ورفض إعادة الحقوق لأصحابها». وطالب السنيورة «ببذل الجهود للوصول إلى حل جذري لمسألة الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي على أساس استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ما يخلق أرضية صالحة لترسيخ الاستقرار في المنطقة»، مضيفاً أنه «إذا تحقق الأمر، يمكن أن يحول ذلك دون تكرار المآسي الإنسانية ويوفر علينا وعلى العالم كلفة الحروب وإعادة الإعمار الباهظة».
وأشار السنيورة إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز عام 2006، قائلاً إنه «لا يزال يعاني نتائج تلك الحرب المدمرة التي كلفته الكثير من الدماء والضحايا والأعباء المالية الضخمة».
(الأخبار)

كلينتون: حصلت من الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ضمانات بأن المال الأميركي (نحو أكثر من 900 مليون دولار) لن يصل إلى «حماس»


ساركوزي: تحرير شاليط مقابل المئات من السجناء الفلسطينيين هو أمر ضروري. شاليط بالنسبة إلى فرنسا مواطن فرنسي، وإطلاق سراحه أولوية


الفيصل: الخيار بين السلام والحرب الذي قدمته مبادرة السلام العربية لإسرائيل في قمة بيروت عام 2002 لن يكون مفتوحاً في كل وقت




موقف

كلينتون تريد وقف نار «قابلاً للاستمرار»


دعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي في ختام مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار قطاع غزّة، «كل الأطراف إلى التحرك باتجاه وقف إطلاق نار قابل للاستمرار» في قطاع غزة، ودانت إطلاق الصواريخ على قطاع غزة. وقالت كلينتون «أشعر بالقلق من استمرار الهجمات بالصواريخ من قطاع غزة. إننا ندعو كل الأطراف إلى التحرك باتجاه وقف إطلاق نار قابل للاستمرار». وأضافت «من الصعب جداً على أيّ دولة أن تجلس ساكنة وتتلقى الهجمات بالصواريخ على شعبها». وأوضحت أن الولايات المتحدة تشجع الجهود المصرية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ورأت الوزيرة الأميركية كذلك أن «من المهم جداً أن تعمل إسرائيل مع شركائها الفلسطينيين»، وخصوصاً الرئيس محمود عباس ورئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض.
وفي ما يتعلق بعملية السلام، قالت كلينتون إن «الولايات المتحدة على استعداد لبدء دبلوماسية نشطة مع كل الأطراف من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تجلب الأمن والسلام لإسرائيل وجيرانها العرب».
ومن المقرّر أن تلتقي كلينتون اليوم في إسرائيل عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء المكلّف بنيامين نتنياهو، على أن تنتقل إلى رام الله غداً للقاء عباس وفياض.
(ا ف ب)


ما قل ودل

شدّدت السلطات المصرية إجراءات الأمن في مؤتمر المانحين الدوليين لإعمار غزة في منتجع شرم الشيخ. وشكا الصحافيون ما وصفوه «بسوء التنظيم»، بعدما أُجبروا على الابتعاد عن الوفود المشاركة لاعتبارات أمنية. واكتفت السلطات المصرية بإقامة مركز صحافي من خلال نصب شاشات عملاقة لنقل وقائع المؤتمر إلى المكان المنعزل، وكأنهم ينقلون المؤتمر من القاهرة، على حد تعبير أحدهم لـ«الأخبار».
(الأخبار)


إيطاليا تعرض استضافة محادثات سلام

عرض رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني، أمس، «استضافة محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في جزيرة صقلية»، داعياً إلى «إطلاق مشروع مارشال لدعم الاقتصاد الفلسطيني»، ومعلناً أن «بلاده خصّصت 100 مليون دولار لإعادة إعمار غزة». وقال برلوسكوني «إننا نجتمع لجمع المال اللازم لإعادة بناء غزة وستؤدي أوروبا دورها». وأضاف «منذ سنوات طويلة، أنا أطلقت خطة مارشال لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني، وسأقدم هذه الخطة ثانية من أجل الفلسطينيين»، في إشارة إلى المشروع الاقتصادي لإعادة إعمار أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي وضعه رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي أثناء الحرب، الجنرال جورج مارشال. وتابع أن «هذه مشكلة عالمية، ونحن هنا لدعوة الفلسطينيين إلى تأليف حكومة وطنية، ودعوة إسرائيل إلى تأليف حكومة وحدة وطنية قادرة على الوصول إلى حلول وسط».
(يو بي آي)