السنيورة يقترح إجراءات... والمطلوب خطط زراعية وصناعية!رشا أبو زكي
بدأت خطط مواجهة الأزمة المالية العالمية تلفّ العالم بأسره، وهي تركّز على تنمية القطاعات الإنتاجية وحمايتها، التي ستتأثر كثيراً بالأزمة القائمة، إذ إن مساعدة هذه القطاعات ستوفر حصانة معينة للدول التي تنزلق الواحدة تلو الأخرى إلى مستنقع الركود، وتنامي معدلات البطالة. فأعلنت دول الخليج جملة خطط للإنفاق على القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والخدمات والتعليم والتدريب، وقد بدأت السعودية باستثمار شراء أراضٍ زراعية وتمويل النشاطات الزراعية، لتدرّ دخلاً على المملكة. وبدأت مصر بصرف حوالى 2,2 مليار جنيه مساندةً إضافية للشركات المستفيدة من خدمات صندوق تنمية الصادرات، وذلك بزيادة 50% على المساندة التصديرية المقررة، ليفيد من هذا الإجراء 15 قطاعاً إنتاجياً أهمها الحاصلات الزراعية والملابس والمنسوجات. وكذلك الأمر في الأردن والعراق واليمن وغيرها من الدول المحيطة. أما لبنان، ففاز بخطة واحدة أعدها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ولم تُناقَش حتى الآن، لكون الصراع قائماً في مجلس الوزراء على «تناتش الحصص»، وإزهاق «أموال» الشعب. وتشير مقدمة الخطة إلى أنّ «على الحكومة أن تنفّذ خطوات استباقية تُسهم في تحييد الاقتصاد الحقيقي عن تداعيات الأزمة المالية العالمية وتفادي الوقوع في خطر الركود والتراجع الاقتصادي وتفشي البطالة»، وقد رأى السنيورة عبر بنود هذه الخطة أن مواجهة الأزمة المالية العالمية وتحصين الاقتصاد يكونان عبر سلة من الإجراءات التي تحفز الاستثمار في القطاع الخاص وتقدم التسهيلات الضريبية والتمويلية، وتزيد فرص العمل. وهذا ما وضعه ممثلو القطاعات الإنتاجية في لبنان في إطار «الشعارات» السطحية، مشيرين إلى أن مواجهة الأزمة تكون عبر إقرار خطط قطاعية، تضع تصوراً واضحاً ومتكاملاً عن كيفية النهوض بالزراعة والصناعة وإعادة هذه القطاعات إلى أداء دورها بوصفه محوراً أساسياً في الاقتصاد الوطني.

اقتراحات غير مجدية

تشير خطة السنيورة إلى تداعيات عديدة قد تصيب الاقتصاد اللبناني والقطاعات الإنتاجية من جراء الأزمة، وخصوصاً في ما يتعلق بتراجع فرص العمل وانخفاض معدل الصادرات الناتج من توقعات انكماش معدل التجارة العالمية، وانخفاض فرص الاستثمارات، واحتمال قيام مصارف لبنانية بزيادة حجم ومبالغ استثماراتها خارج لبنان بحثاً عن عائدات أكثر ارتفاعاً، ما يؤثر سلباً على قدرة القطاع الخاص اللبناني على الاستدانة ويخفض السيولة الداخلية... وفي المقترحات الآيلة لتجنيب لبنان تداعيات الأزمة، تعدد الخطة سلسلة من الإجراءات، ويُذكَر القطاع الزراعي مباشرةً باقتراح «إعادة النظر ببرنامج دعم الصادرات والتركيز على تسويق الصادرات الواعدة والقادرة على المنافسة». ويرى رئيس جمعية المزارعين أنطوان حويك أن «الكوارث التي تصيبنا من الحكومة والمعنيين بالقطاع الزراعي أقوى بكثير من تلك التي سنستوردها من الأزمة العالمية». «فما تذكره خطة السنيورة عن القطاع ينبع من منطلق سطحي ولامبالي، وهو غير مستغرب، بحسب حويك، الذي يشدد على أن خطة المواجهة هذه ليست سوى ورقة تدغدغ مسامع المواطنين. لافتاً إلى أن التطرق إلى إعادة النظر ببرنامج دعم الصادرات يعني إلغاءه «وهو ما يطمح السنيورة إلى القيام به»، لافتاً إلى أنه لا يمكن النظر إلى القطاع من ناحية الصادرات في المرحلة المقبلة التي يبدو أنها ستكون قاسية، بل يجب القيام بإجراءات فورية لحماية الزراعة والمستهلكين عبر خطة واضحة ودقيقة لتوفير الأمن الغذائي. ولا يأمل حويك من الحكومة الحالية الكثير، إلا أنه يشدد على ضرورة أن تقوم بأمر واحد، هو «تسلم القمح من المزارعين بأسعار معقولة»، لافتاً إلى أن هذه الحكومة لم تقم إلا بإعادة الروزنامة الزراعية، فيما استمرت كسابقاتها باستهداف القطاع الزراعي عبر إهماله، مشيراً إلى أن الإجراءات التي من الممكن أن تعيد سكة الإنتاج الزراعي إلى طبيعتها هي اتخاذ قرار بتنمية القطاع الزراعي وتوفير إدارة جيدة للملف، «أما اليوم فلا يوجد قرار ولا إدارة».

... والصناعة كذلك

واقتراحات مساعدة القطاع الصناعي مذكورة كذلك في الخطة عبر إجراءات عديدة، ويخصص لهذا القطاع بند يشير إلى «تحفيز الشركات الصناعية أو المنتجة للاستثمار في استعمالات الطاقة البديلة التي توفر استهلاك الطاقة، عبر قروض ميسرة، والتشجيع على توفير تسهيلات تمويلية وإعفاءات ضريبية للمؤسسات الإنتاجية الصاعدة، وإنشاء المناطق الصناعية والاقتصادية». ويقول رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود إن «صياغة خطة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية في غاية الأهمية، إذ إن لبنان لا يستطيع أن يبقى بمنأى عن البحث الذي يدور في العالم اليوم عن سبل مواجهة هذه الأزمة، لكن يجب أن تكون الخطة المطروحة محددة وواضحة في ما خص الإجراءات العملية التي ستتخذها الحكومة لمواجهة الأزمة».
ويشدد على أنه «يجب وضع خطة متكاملة وإجراء إحصاءات جدية عن حجم البطالة المتوقعة بسبب عودة الكثير من اللبنانيين من الخارج، ويجب أن يتحول مبدأ خلق فرص عمل، وكذلك الآليات المقترحة في الخطة إلى خطة وطنية مع إعطاء المزيد من الحوافز لمن يخلق فرص عمل جديدة في لبنان». ويرى أن هذه الأزمة مثّلت إنذاراً بضرورة الانتقال إلى اقتصاد مبني على الإنتاج، والعمل على تنميته بهدف التوصل إلى مرحلة المنافسة والتصدير. فمن الضروري خلق استراتيجية في المرحلة المقبلة لتنمية الصادرات وزيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، لذلك من الضروري أن تلحظ الخطة خطوات عملية لزيادة القدرة الإنتاجية في القطاع العام والخاص، وهذا من خلال تنفيذ بند أساسي في مقررات باريس 3، وهو تأسيس مجلس التنافسية لإعادة صياغة كل الإجراءات الإدارية المتبعة في لبنان. وتبقى النقطة الأهم هي وجود نية صادقة في تطبيق أي خطة وإيجاد سبل تنفيذية لترى كل هذه الخطط الدور لنستطيع أن ننتقل بالفعل لا بالقول إلى اقتصاد منتج وتنافسي.


3 إجراءات

هي أساسية وفق وزير المال محمد شطح لتحصين لبنان من تداعيات الأزمة، وهي توفير الاستقرار الأمني والسياسي، والاستمرار في اعتماد سياسة مالية رصينة وعقلانية ثابتة، وأن يؤكد لبنان عدم تراجعه عن الإصلاح في أكثر من قطاع، ومنها الاتصالات والطاقة.


تحصين لبنان بالخصخصة