دعوة سورية إلى محاورة إيران تثير سجالاً وزارياً عربياًالقاهرة ــ الأخبار
علمت «الأخبار» أن الاجتماع العربي الثلاثي بين وزراء خارجية مصر وسوريا والسعودية، أحمد أبو الغيط ووليد المعلم وسعود الفيصل، انتهى بالاتفاق على أن يتّجه الفيصل، اليوم، برفقة المعلم، على متن طائرة الأخير، إلى دمشق، للقاء الرئيس بشار الأسد، لاستكمال المحادثات الرامية إلى إنهاء الخلافات العالقة بين الرياض ودمشق.
وبعد اللقاء الثلاثي، الذي أعقب اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، أمس، أكّد مصدر عربي مطّلع أن الفيصل سيمضي ليلته في دمشق، قبل أن يعود إلى بلاده غداً، مشيراً إلى أن الأجواء كانت «إيجابية وتعرضت لموضوع المصالحة».
ورأى المصدر نفسه أنّ اللقاء الثلاثي لم تتخلّله «برودة مصرية»، من دون أن ينسى التذكير بأنّ «هذا التحرك لا يعني أن قمة ثلاثية وشيكة ستُعقَد بين قادة مصر وسوريا والسعودية لأنّ الأجواء لا تزال في طور التهيئة ولا داعي لاستعجال حدوث لقاء مماثل قريباً».
وكان «التحدّي الإيراني» حاضراً في أروقة الاجتماع الوزاري الموسّع، وخصوصاً في الكلمة الافتتاحية للفيصل. كذلك علمت «الأخبار» أن وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، احتدّ بشدة على دعوة وجّهها المعلم لإقامة حوار عربي مع إيران. وبحسب مصادر شاركت في الاجتماع، فإنّ رئيس الدبلوماسية السورية رأى أنه «بما أن العرب يسعون لإقامة علاقات جيدة مع الصين والهند، فإن الأولى أن يفكروا في كيفية إقامة حوار مع إيران». دعوة أيدها وزير الخارجية اللبناني، فوزي صلوخ، وعارضها بشدة كل من بن زايد ونظيره المصري، أحمد أبو الغيط، الذي أصرّ على أنه «لا إمكان مطلقاً لإقامة حوار إيجابي مع إيران لأنها تتدخّل في شؤون الدول العربية».
وبدا الانفعال والغضب واضحين على ردة فعل بن زايد، الذي علق على دعوة المعلم بالتساؤل «كيف يمكن العرب إقامة علاقات مع دولة لا تزال تحتل أراضي دولة عضو في الجامعة العربية؟»، في إشارة إلى الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران في مياه الخليج العربي.
وبعد نحو 6 دقائق من المساجلات الحادة، عاد الهدوء إلى القاعة بعدما اقترح المعلم عدم مناقشة الموضوع خلال الاجتماع، «ما دامت الأجواء على هذا النحو».
ووفق ما أعلنه الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، فقد تضمن البيان الختامي للاجتماع، «تنويهاً بانطلاق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتحقيق العدالة ومحاسبة قتلة الرئيس رفيق الحريري»، محذّراً في الوقت عينه، من «تسييس المحكمة».
وعن الملف الفلسطيني، لفت موسى إلى أن الكلام عن «إلغاء حماس»، ليس موضع أي بحث في أي مكان، داعياً إلى وجوب أن تتم المصالحة الفلسطينية «بأسرع وقت ممكن»، وجازماً بأنّ الأمم المتحدة والدول العربية «ستؤدّي دوراً في إعادة إعمار غزة». وتوقع تأليف حكومة وحدة وإطلاق إعادة الإعمار وتنشيط العمل العربي تجاه عملية السلام «وخصوصاً في ظل وجود إدارة أميركية جديدة نشعر بتجاوبها الإيجابي، حتى يمكن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة».
وبشأن القمّة العربية المنوي عقدها في نهاية الشهر الجاري في قطر، قال موسى إنّ «كل ما نقوم به الآن من اتصالات ولقاءات هو لضمان نجاح قمة الدوحة». وبعدما أعرب عن شعوره «بالارتياح ليس لأن أمراً ما قد حلّ، ولكن لأن الجو (العربي) أفضل»، اختصر الوضع الحالي بالقول «العقبات كثيرة على طريق المصالحة العربية، ولكن الجو أصبح أقل توتراً».
وفي سياق حديثه عن استمرار حالة التوتّر العربي ـــــ الإيراني، كشف موسى عن اجتماع عقده يوم الثلاثاء الماضي مع مجموعة من الوزراء العرب لم يسمّهم، موضحاً أنه تقدم خلال اللقاء بـ«ورقة تم بحثها بشأن الأوضاع الإقليمية».
وفي السياق، رفع وزراء الخارجية مشروع جدول أعمال القمة المقبلة، ويتضمن «عدداً كبيراً من القضايا الأساسية والاقتصادية والأمنية، إلى الاجتماع التحضيري للقمة في قطر على مستوى وزراء الخارجية يومي 27 و28 آذار لوضعه في صورته النهائية قبيل رفعه إلى القادة العرب»، على حدّ ما جاء في البيان.
وكان الفيصل قد جدّد في افتتاح الاجتماع، موقفه القديم الرافض لسحب مبادرة السلام العربية (بيروت 2002). وفي تقويمه للرئاسة الدورية التي شغلتها بلاده لمجلس الجامعة، اعترف الفيصل بأنّه «لا يشعر بالزهو إزاء ما تحقق من نتائج، بما أنّ الأمة العربية لا تزال تشهد وضعاً لا يختلف كثيراً عما كان سائداً عند تقلّدنا مهمة رئاسة الدورة».
غير أنّه هنّأ نفسه على «إنجاز استصدار قرار مجلس الأمن رقم 1860 الذي أدى في نهاية المطاف إلى إيقاف الحرب الجائرة على غزة». وذكّر بأن خطاب الملك السعودي عبد الله في قمة الكويت الاقتصادية، «شكّل بكل المقاييس علامة هامة في السياسة العربية حيث جاء ليحول دون غرق هذه القمة في متاهات الفرقة ويوقظ ضمائر الزعامات العربية والفلسطينية».
وركّز الفيصل في كلمته، على ضرورة موقف عربي موحَّد لمواجهة «التحدي الإيراني، سواء في ما يتعلق بالملف النووي أو أمن منطقة الخليج العربي أو اقتحام أطراف خارجية في الشؤون العربية سواء في العراق أو فلسطين أو في الساحة اللبنانية».


تضامن مع البشيروأكد القرار الخاص بالسودان «الرفض التام لجميع محاولات تسييس مبادئ العدالة الدولية وكذلك رفض أي معايير مزدوجة في تطبيق القواعد القانونية، وأي محاولات للانتقاص من سيادة الدول ووحدتها وأمنها واستقرارها ورموز سيادتها الوطنية».
وجدّد الوزراء دعوتهم مجلس الأمن للاستفادة من المادة 16 من الاتفاقية المنشئة لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح «تأجيل الإجراءات الخاصة بجميع الحالات المرفوعة إلى المحكمة بشأن دارفور بما يسمح بتعزيز فرص السلام والعدالة».
وتميّز الاجتماع العربي بأنه كان برئاسة وزير الدولة السودانية للشؤون الخارجية، علي أحمد كرتي.
(أ ف ب)