اتحاد المقعدين يرفض المماطلة... ويدعو إلى التحرك
«نحن في اتحاد المقعدين اللبنانيين، نطالب بإقرار موازنة عام 2009، على الرغم من ملاحظاتنا عليها وعلى الرغم من أنّ بلادنا تفتقر كلياً إلى خطة إنقاذ اقتصادي حيوية»... هذا ما أعلنه أمين سر اتحاد المقعدين اللبنانيين مروان البساط، في مؤتمر صحافي عقد أمس في نقابة الصحافة، داعياً جميع منظّمات المجتمع المدني إلى لقاء تشاوري ينبع طابعه الطارئ من حيويّة الالتقاء حول همّ واحد هو كيفيّة زيادة الضغط على الحكومة لإقرار الموازنة، إضافة إلى صياغة طبيعة التحرّكات المقبلة لتحقيق الرقابة الأمثل على إنفاق المال العام وعلى عمل المؤسّسات في لبنان واحترام الدستور والقوانين. كما طلب من وزارة المال المشاركة في هذا اللقاء الذي وإن كان طابعه مدنياً فإنّه يتطلب الشراكة مع القطاع العام لضمان حقوق المواطنين بأفق اقتصادي إيجابي وبمقوّمات معيشية واجتماعيّة محقّة.
ورأى البساط أن طغيان أجواء الانتخابات النيابيّة على الهمّ الاقتصادي الاجتماعي هو واقع غير سليم ويؤجّل معالجة مشاكل المواطنين. موضحاً أنه حتّى الآن لا تزال عملية إقرار موازنة عام 2009 تترنح في متاهة التجاذبات السياسية، ورغم أنّ التأخير حكم الموقف منذ تشرين الأوّل الماضي، حين كان يُفترض بوزير المال تقديم مسوّدة الموازنة إلى مجلس الوزراء، ورغم أنّ تلك المسوّدة خضعت لتعديلات كثيرة، تبقى الأمور عالقة عند محاور طابعها سياسي. ويبدو الخلاف بين الأفرقاء السياسيين جوهرياً يتعلّق ليس بالأرقام وبكيفية التشاور في شأن توازنها، بل بكيفية إدارة الأموال العامة.
ولفت البساط إلى أن لبنان لم يشهد منذ 4 سنوات ولادة موازنة طبيعية تتضمّن توجّهات اقتصادية فعلية وقد عزي ذلك إلى الفوضى الأمنية التي بدأت في عام 2005، إضافةً إلى حرب تمّوز عام 2006. وفي المرحلة الحالية تبرز الحاجة إلى موازنة حقيقية تطرح سياسات طبيعية، لتكون أداة لتحسين وضع الاقتصاد لا موازنة اثني عشرية جديدة تكون فقط لتدوين النفقات والإيرادات بطريقة رياضية بحتة.
ولكن يبدو أنّ لبنان يحتاج إلى أكثر من حكومة وحدة وطنية من أجل التعاطي بمسؤولية مع الأموال العامة وتحديد مستقبله على الصعيد الاقتصادي وبالتالي على الصعيد الاجتماعي. فالفقراء والطبقة الوسطى يحتاجون إلى أكثر من الخطابات السياسيّة على صعيد الرعاية الاجتماعيّة، وهذا ما يبدو متجاهَلاً لدى المعنيين.
ولفت البساط إلى أن موجة بطالة الأجانب تضرب منطقة الخليج العربي وباقي مناطق الاغتراب اللبناني، وقريباً ستبدأ انعكاسات الأزمة على تحويلات المغتربين وعلى الودائع في المصارف التي تجاوز حجمها 4 أضعاف الناتج المحلّي الإجمالي، كما أنّ نسبة النموّ الحيادي (الذي لا يأخذ بعين الاعتبار حاجات الفقراء) سينخفض أيضاً خلال العام الجاري، بسبب الخلل في هيكلية الاقتصاد اللبناني المعتمد أساساً على السياحة، في ظلّ إهمال القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتحديداً الزراعة والصناعة.
وفي ظل هذه الظروف، يشاهد اللبنانيون يومياً النقاشات العبثية المتعلقة بكيفية إنفاق المال العام من دون أية محادثات بنّاءة لتحديد المصير الاقتصادي لوطنهم.
ورأى أن الأزمة الاقتصاديّة التي يمرّ بها العالم وما تسببه من تدهور مؤشّرات النموّ والتنمية، لم تصل بعد مباشرة إلى لبنان، ولكن بلادنا تعاني معضلات ماليّة واقتصاديّة وموجة الركود العالمي ستنعكس بشكل أو بآخر، الآن أو بعد حين، على واقعنا الاقتصادي والاجتماعي.
وتلك التداعيات لا يمكن مواجهتها سوى من خلال عمل مؤسّساتي يتخطّى الخلافات السياسيّة، لأنّ تلك الخلافات لن تنتهي، لذا فإنّ ما يمكن فعله هو إبعاد المصلحة العامّة التي تعكس الموازنات السنويّة أوجهها الاقتصاديّة والاجتماعيّة، عن الجدل السياسي العقيم الموجود دائماً، لأنّ المواطن يستحقّ أكثر من موازنة اثني عشريّة تقوم على إنفاق من دون رؤية. فالمواطن يستحقّ موازنة فعليّة تعكس هواجسه الاقتصاديّة وترسم خططاً تنمويّة ترفع مستوى معيشته والرخاء الاجتماعي.
وسأل «هل نحن في لبنان مستمرّون في تجاهل أهميّة الموازنة كأداة اقتصادية فاعلة تمسّ مباشرة المستوى المعيشي للمواطن وتفاصيل حياته اليومية؟ أم أنّنا سنتخذ موقفاً بشأن ضرورة خطّ سياسات اقتصادية تحاول قدر الإمكان مقاربة الاستقرار الاقتصادي لتأمين الاستقرار الاجتماعي؟» معتبراً أن هذه السياسات لا تصاغ سوى من خلال توافق على الأولويّات ينعكس في الموازنة.
(الأخبار)