عشيّة انطلاقة حوار اللجان الفلسطينية تمهيداً لتأليف حكومة وحدة، أعلن رئيس حكومة تسيير الأعمال، سلام فياض، استقالته، وعينه على رئاسة حكومة الوحدة، بمباركة أميركيةخطوة مفاجئة أقدم عليها رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، بإعلانه استقالة حكومته أول من أمس، تزامناً مع استعداد الفصائل الفلسطينية للتوافد إلى القاهرة غداً لبدء جلسات الحوار الداخلي. على أثرها، حاول الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلغاء هذا القرار، داعياً فياض إلى «الاستمرار في عمله حتى ظهور نتائج الحوار»، فيما وضع عدد من السياسيين الفلسطينيين الاستقالة في إطار الفرصة الجيدة لتأليف حكومة توافق وطني.
إلّا أن الأمر يبدو بعيداً عن هذه «المحبة» الخالصة وحلحلة جميع العراقيل الفلسطينية الداخلية، على خلفية ما كشفته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وهو أن «فياض استقال لشق طريقه إلى رئاسة حكومة الوحدة»، بدعم أميركي.
وأعلن فياض أنه «يعتزم الاستقالة بحلول نهاية آذار الجاري»، وقال بيان صادر عن الحكومة إن «الاستقالة تدخل حيز التنفيذ فور تأليف حكومة التوافق الوطني وبما لا يتجاوز نهاية الشهر الحالي كحد أقصى». وفي حال فشل المحادثات، أوضح مصدر في مكتب فياض أن «عباس سيطلب عندئذٍ من فياض أن يظل في المنصب أو أن يؤلّف حكومة أخرى»، مشيراً بحسب تقديره إلى «خلافات أولية تشي بصعوبة تأليف حكومة وحدة».
إلّا أن فياض قال إنه «على ثقة» بأن جولة الحوار المرتقبة ستؤدي إلى «تأليف حكومة توافق وطني». ورداً على سؤال عن إمكان قبوله بتأليف حكومة فلسطينية جديدة، اكتفى بالقول «ما تقدمت به هو استقالة لا طلب وظيفة».
سؤال يتماشى مع ما أضافته مصادر فلسطينية لـ«هآرتس»، إلى فكرة أن «خلفية الاستقالة هي رغبة فياض في ألّا يمثّل عائقاً في وجه المفاوضات بين حماس وفتح، وخصوصاً أن الأولى طالبت بإقالة فياض»، إذ يدور الحديث عن خطوة ترمي أساساً إلى «جر ردود فعل جماهيرية ايجابية تجاه فياض، وربما شق طريقه إلى رئاسة حكومة الوحدة. وإذا نجحت الاتصالات للوحدة، فسيتخذ فياض صورة من ساعد مساعي المصالحة بين الطرفين، الخطوة التي ستزيد فرص طلب تعيينه لرئاسة الحكومة المقبلة».
وأشارت «هآرتس» إلى أن «تعيين فياض رئيساً للوزراء هو شرط أساسي لاعتراف الولايات المتحدة بحكومة وحدة فلسطينية، وهو ما أفادت به الأسبوع الماضي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون». وأكدت مصادر دبلوماسية غربية أن «الولايات المتحدة نقلت رسالة إلى حماس من خلال محفل أوروبي مفادها: إذا كانت حكومة الوحدة ستتألّف من تكنوقراط ليسوا أعضاءً في فتح وحماس، فإن الولايات المتحدة لن تعقد اتصالاً مع أي من أعضائها باستثناء فياض. ومع أن فياض ليس عضواً في فتح، فإن الأميركيين يرونه مرشحاً للحلول محل محمود عباس».
ورغم متابعة فياض لعمله، أعلن وزير الإعلام، رياض المالكي، أن «الحكومة المستقيلة أصدرت قراراً بوقف التعيينات والترقيات».
أما أبو مازن، فطلب من رئيس وزرائه الاستمرار في عمله حتى ظهور نتائج الحوار الوطني وتأليف حكومة وحدة وطنية»، وقال «اليوم تقدّم لنا الأخ فياض باستقالة حكومته. هذه الاستقالة تأتي من أجل تعزيز ودعم الحوار الفلسطيني والدفع من أجل تنفيذ مهمات اللجان الخمس». كما شدّد على ضرورة «إنجاح لجان الحوار الوطني الفلسطيني» غداً، وحث «حماس على التحرك بسرعة نحو حكومة وحدة وطنية»، وبالتالي إعادة إعمار غزة.
بدورها، قالت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان لها إن «استقالة فياض ستمهّد الطريق لتأليف حكومة فلسطينية جديدة».
وبدت الحركة الإسلامية «غير آسفة» من خلال ما أعلنه المتحدث باسمها، فوزي برهوم، الذي قال إن «حماس لا تأسف على استقالة فياض وحكومته. هذه نهاية متوقعة لهذه الحكومة لأنها غير شرعية»، مضيفاً «لا أعتقد أن لهذه الاستقالة أي علاقة بالمرحلة المقبلة وتأليف حكومة وحدة، بل بأزمة داخل السلطة». فيما أكد جهوزية حركته «للمشاركة في حوار اللجان الفلسطينية».
من جهته، دعا المتحدث باسم حكومة إسماعيل هنية، طاهر النونو، إلى «إعادة الأمور إلى نصابها وتمكين حكومتنا الشرعية من ممارسة دورها بالكامل في الضفة والقطاع حسب القانون إلى حين تأليف حكومة جديدة».
ردات الفعل على استقالة فياض تخطّت الداخل، وأعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، مايك هامر، أنه «يتوقّع رؤية تقدم مستمر في السلام بين العرب وإسرائيل رغم إعلان فياض استقالته»، معتبراً أن «هذه الحكومة قطعت أشواطاً كبيرة في توفير الشفافية والمحاسبة والأمن، التي ستكون أساسية في تحقيق حل يقوم على أساس دولتين».
إلى ذلك، دعت منظمة التحرير الفلسطينية جميع الجهات الفلسطينية إلى مقاطعة النشاطات والمؤتمرات التي تعقدها القيادة الإيرانية، رداً على تصريحات للزعيم الأعلى، آية الله علي خامنئي».
(أ ف ب، أ ب، رويترز)