يتبارى المسؤولون عادة على وضع اللوحات التي تعلن المباشرة بمشروع ما عشية الانتخابات، إلا أن وزير الأشغال العامّة والنقل غازي العريضي اختار أن يقوم بالعكس، فقد بادر أمس إلى تحطيم اللوحة التي تشير إلى بدء الأعمال بجسر البحصاص، التي كان قد وضعها هو نفسه منذ فترة قبل أن تتكشّف الفضيحة التي علّقت تنفيذ هذا المشروع حتى الآن.يقول العريضي إن المتعهد اكتشف عند الاستعداد لبدء الأعمال أن كل البنى التحتية لمدينة طرابلس موجودة تحت الأرض في موقع المشروع، وهو ما لم يلحظه الاستشاري ومسؤولو الوزارة عندما أنجزوا الدراسة... الأمر الذي فرض خيارات صعبة: إما أن يجري نقل البنى التحتية إلى موقع آخر ما يرتّب كلفة إضافية تفوق ملياراً ونصف مليار ليرة، فضلاً عن قطع المياه عن مدينة طرابلس والتأخّر في عملية التنفيذ، وإما البحث مجدداً عن بديل للجسر، وهو ما تقوم به البلدية التي اختارت تلزيم الدراسة لمكتب خاص قادر على إعطاء الأجوبة المطلوبة. قام العريضي بما يشبه أعمال الشغب والاحتجاج التي يمارسها الناس الساخطون، ولكن كل هذه الأعمال ستبقى بلا معنى حقيقي إذا لم تصل إلى حدّ تحطيم نموذج دولة «جسر البحصاص»، أي نموذج: الفساد والهدر والاستهتار والعشوائية وغياب التخطيط وانعدام التنسيق وسلق المشاريع وتأجيلها وزيادة كلفتها... تبقى الإشارة إلى أن اكتشاف الفضيحة هذه المرّة جرى قبل أن يبدأ جرف البنية التحتية كما يحصل غالباً.
(الأخبار)