شهد الملف السوداني، أمس، حراكاً دبلوماسياً عربياً تقاسمته السعودية وقطر. ففيما وصل نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه إلى الرياض أمس، في ثاني زيارة لمسؤول سوداني إلى السعودية خلال أسبوع واحد، كثّفت قطر من مشاوراتها مع الأطراف السودانية لاحتواء قرار حركة «العدل والمساواة» تعليق المفاوضات مع الحكومة السودانية احتجاجاً على قرار الرئيس عمر البشير، طرد المنظمات الإغاثية الأجنبية العاملة في إقليم دارفور. واجتمع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبد الله آل محمود، مع السفير السوداني في قطر، إبراهيم عبد الله فقيري، وممثل حركة «العدل والمساواة» الموجود في الدوحة، أبو بكر القاضي، كلّ على حدة. وجرى خلال الاجتماعين تبادل الأراء بشأن اخر التطوّرات المتعلقة بمحادثات سلام دارفور، في أعقاب توقيع اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة، وميثاق طرابلس، الذي أبدت بموجبه عدد من الحركات المسلحة في دارفور موافقتها على الانضمام إلى مباحثات السلام في الدوحة لتحقيق السلام في دارفور. وقال رئيس المؤتمر العام للحركة، أبو بكر القاضي، بعد اجتماعه مع آل محمود، «طلبوا منا أن ننقل إلى الحركة رسالة مفادها أنه يمكن أن نحتج على هذا القرار من دون إيقاف العملية السلمية». وأضاف «وعدناهم خيراً، وسننقل هذا الطلب إلى قادتنا في الميدان». كما اجتمع آل محمود للغاية نفسها مع كلٍّ من المبعوث الخاص للرئيس الروسي للسودان، ميخايل مارغيلوف، ومدير إدارة بناء السلام والاستقرار في وزارة الخارجية الهولندية، كون دافيد.
وفي الرياض، سلّم علي عثمان طه رسالة من الرئيس السوداني إلى الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، إلى الرياض، لبحث عدد من القضايا الإقليمية، وبينها الملف السوداني.
وعلى صعيد الداخل السوداني، كان لافتاً أمس إصدار هيئة علماء السودان فتوى تؤكد «عدم جواز» توجه الرئيس السوداني إلى الدوحة لحضور القمة العربية خوفاً من «كيد الأعداء» و«لتفويت الفرصة عليهم»، ما عزّز من احتمالات عدم حضور البشير القمة. وبرّرت الهيئة فتواها بالقول «لا يخفى عليكم أن الأعداء يتربّصون بكم وببلادكم ودينكم وقد أعلنوها صريحة بلغت كل الأسماع... وهؤلاء القوم الكافرون لا عهد لهم ولا ميثاق ولا قيم ولا أخلاق... يكيلون بمكيالين... تدفعهم كراهيتهم للإسلام وإلى أهله، ساعين إلى وأد كل جهد وإسكات كل صوت يدعو إلى إعلاء كلمته وتحقيق وحدته».
وجاءت الفتوى بعدما اتهم المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو اوكامبو، البشير بالسعي «إلى إبادة» لاجئي دارفور بطرده المنظمات غير الحكومية الدولية. ورأى، في مقابلة تلفزيونية، أن البشير «بمنعه المساعدة الدولية (..) فإنه يثبت أنه يقوم بإبادة هؤلاء الأشخاص»، مضيفاً إن هذا الموقف «يجعل من الضروري توقيف البشير لوقف هذه الجرائم». وأوضح أنه «سيكون من الممكن توقيفه حالما يسافر إلى الخارج وسأعمل بهذا الصدد».
من جهةٍ ثانية، اقترح زعيم حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، من القاهرة، إنشاء محكمة تتكوّن «من قضاة سودانيين مشهود لهم بالاستقلال في الرأي وقضاة عرب وقضاة أفارقة»، لمحاكمة البشير بدلاً من المحكمة الجنائية الدولية. كذلك حذّر من خطورة النتائج المترتبة على تسليم البشير للمحاكمة، معتبراً أن من نتائجه «اضطراب شديد في البلاد واستقطاب حاد في الجسم السوداني السياسي». لكنه رأى أن «فكرة رفض التعامل مع المحكمة الجنائية سيكون لها نتائج مدمرة ستسبّب للسودان محنة كبيرة».
إلى ذلك، أفاد تقرير نشر أمس وجود توجّه لدى إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للتخلي عن العداء الواضح للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يتطلب حشد الدعم من أعضاء الجيش والكونغرس.
(أ ف ب، يو بي آي، قنا)