Strong>2500 شرطي لحماية تظاهرة لليمين المتطرّف «لم تستمر إلا ثواني»نحو مئة يميني متطرّف «غزوا» أم الفحم بحماية 2500 شرطي إسرائيلي. ساروا في شارع التفافي وناء بالقرب من المدخل الغربي للمدينة، فتصدى لهم الأهالي وأجبروهم على المغادرة بعد دقائق. ثم اندلعت مواجهات بين الشرطة وفلسطيني الـ48 والمتضامنين معهم، أدَّت إلى جرحى واعتقالات

فراس خطيب
حوّلت قوات الأمن الإسرائيلية، أمس، أم الفحم الفلسطينية ومحيطها إلى ثكنة، إذ انتشر أكثر من 2500 شرطي إسرائيلي على مداخل المدينة وعلى طول شارع وادي عارة المؤدي إلى باقي مدن وقرى المثلث. وطوّقت هذه القوات الأحياء المتاخمة لمستوطنة «ميعامي» القريبة من أم الفحم، معلنةً إياها منطقة عسكرية مغلقة. وكل هذه الإجراءات من أجل تمكين أقل من 100 عنصر من قيادة المستوطنين، وفي مقدّمهم باروخ مارزل وإيتمار بن جفير، من التظاهر الاستفزازي في المدينة و«فرض العلم الإسرائيلي على أم الفحم».
ساد الغليان المناطق الفلسطينية كلها. وفي ساعات الصباح الباكر، تجمهر الآلاف من سكان أم الفحم وقرى ومدن مجاورة، إضافة إلى متضامنين يهود من قوى يسارية تقدّمية. وقفوا جميعهم على مداخل المدينة، وكلّ شيءٍ كان يُنذر بالانفجار: «لا نعرف ماذا يتوقع هؤلاء حين توضع النيران إلى جانب الوقود»، قال أحد السكان قبل المسيرةكانت الشرطة الإسرائيلية مجهّزة بأحدث العتاد، من القنابل الصوتية والمسيلة للدموع والهراوات الثقيلة لتفريق المحتجين، وانتشرت عناصر من وحدة المستعربين التابعة لشرطة «حرس الحدود» بين المتظاهرين.
وما إن وصل اليمين المتطرّف بحافلته من منطقة الأقواس على المدخل الغربي صوب أم الفحم، حاملاً الأعلام الإسرائيلية والشعارات العنصرية، حتى اشتعلت المواجهات؛ فرشق المتظاهرون العرب الحجارة، وأطلقت الشرطة الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المحتجين. وما هي إلا دقائق حتى عاد المستوطنون إلى الحافلة فوراً، وأنهوا مسيرتهم.
لكنّ المواجهات بين الشرطة وفلسطينيي الـ48 استمرت حتى بعد خروج المتطرفين، على مدى أكثر من ساعتين. وادّعت الشرطة أن تجمّع الفلسطينيين «ليس قانونياً»، وواصلت اعتداءاتها على سكان المدينة والمتضامنين معهم، حيث جُرح نحو 12 شخصاً. وقال شاهد عيان: «كانت الشرطة تعاملنا بعنف كبير، وتوسع المتظاهرين ضرباً بالهراوات على أعينهم». وقد اعتقل المستعربون 10 متظاهرين من سكان المدينة.
كذلك أُصيب عضو الكنيست آيلان جيلئون، من حزب «ميرتس»، بجراح إثر تعرّضه لغاز مسيل للدموع. وقال للإذاعة الإسرائيلية العامة «جئنا إلى هنا للتوازن. لقد استعملت الشرطة غازاً مسيلاً كان من الممكن الاستغناء عنه». وأيضاً أُصيب نائب المفتش العام للشرطة، شاحر آيلون، بحجر في رأسه، إضافة إلى 15 شرطياً إسرائيلياً بجراح طفيفة.
وحاول المفتش العام للشرطة دودي كوهين تصوير ما حصل في أم الفحم بأنه «إنجاز» رغم تصدّي الأهالي للمتظاهرين. وقال «أُصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، واستعملت أساليب عديدة لتفريق المتظاهرين. ولكن في النهاية، يجري الحديث هنا عن خطوات بدأت قبل شهرين بطلب لاحتجاج شرعي (أي مسيرة اليمين المتطرّف)»، مضيفاً «دخل 2500 شرطي لتأكيد سير خطوة ديموقراطية في إسرائيل».
واستخفّ رئيس الجبهة الديموقراطية النائب محمد بركة بما قاله كوهين عن القدرة على تسيير المسيرة العنصرية. وقال إن «هذه العصابة، وتحت حراسة الشرطة، سُيِّرت في شارع حرج التفافي ناء بعيد عن المدينة، حتى جرّوا أذيالهم وهربوا». وأضاف «على المؤسسة الإسرائيلية بكامل أذرعها السياسية والعسكرية والقضائية أن تعي حقيقة ما جرى اليوم، وهو أن الجماهير الفلسطينية والقوى الديموقراطية اليهودية لن تسمح لعصابات العنصرية والإرهاب بأن تنفذ مخططاتها».
من جهته، قال رئيس الحركة الإسلامية الشمالية الشيخ رائد صلاح، وهو من سكان أم الفحم وكان موجوداً خلال الاشتباكات، إنَّ «المسيرة لم تستمر إلا ثواني معدودة على أطراف أم الفحم»، مضيفاً أن «خطوتهم الاستفزازية كانت موجّهة ضدّ كل فلسطيني الـ48». وأشار إلى أن «تدخّل الشرطة جاء لدبّ الرعب وإيقاع الإصابات في صفوف الأهالي، كأنهم يحاولون تلقين الدرس وكمّ الأفواه»، موضحاً أن «هذا التعامل ليس بالجديد، وبدأ منذ 1948. فهم يحلمون حلماً أسود بالوصول إلى أرض فلسطين من دون أن يكون أيّ فلسطيني فيها».
وعقّب النائب عن التجمع الوطني الديموقراطي جمال زحالقة قائلاً إن «الشرطة كالعادة تتعامل معنا كأعداء لا كمواطنين، لأننا مارسنا حقّنا في الدفاع عن بلدنا أم الفحم وفي صدّ الفاشيين الذين أرادوا تدنيسها». وأضاف «نحن اليوم أكثر إصراراً على التصدّي للعنصرية والفاشية اللتين أصبحتا جزءاً لا يتجزأ من التيار السياسي المركزي في إسرائيل». والمحاولة الاستفزازية لليمين المتطرّف في أم الفحم تندرج ضمن محاولات تاريخية أشعلت فتيل مواجهات أعنف، لعل أبرزها حين دخل آرييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى عام 2000، وأُشعل بعدها فتيل الانتفاضة الثانية.