في محاولةٍ لتأكيد قدرته على التحرك والسفر خارج بلاده رغم المخاطر التي تحدق به، توجه الرئيس السوداني، عمر البشير، إلى مصر في ثاني زيارة خارجية له بعد صدور مذكرة توقيف بحقه
القاهرة ــ الأخبار
قام الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، بزيارة خاطفة دامت ثلاث ساعات إلى القاهرة، في ثاني رحلة خارجية له بعد زيارته لإريتريا قبل أيام، في تحدٍّ جديد لمذكرة التوقيف التي أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية، بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم بحقّ الإنسانية في إقليم دارفور.
واستقبل الرئيس المصري، حسني مبارك، نظيره السوداني لدى وصوله إلى مطار القاهرة قبل أن يعقدا قمة ثنائية. وقالت مصادر مطلعة إن مبارك أطلع البشير على نتائج المحادثات الخاصة بالسودان التي أجراها رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان مع مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال زيارته للولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وطبقاً لما أعلنه وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره السوداني دينق ألور، فإن «مشاورات الرئيسين تركزت على كيفية التوصل إلى تسوية في دارفور وتأمين الوضع الإنساني هناك، بحيث لا تتاح الفرصة لأي طرف خارجي للتدخل بحجة أن هناك أزمة إنسانية في دارفور».
وقال أبو الغيط إن مصر أوضحت نيتها في مساعدة السودان على تجاوز أي صعوبات إنسانية على الأرض، مشيراً إلى أن «هناك قراراً مصرياً بدفع عدد من الأطباء المصريين لدارفور، والسعي لدى كل المنظمات غير الحكومية العربية والإسلامية لزيادة وجودها في إقليم دارفور، لتجاوز أي ثغرة يمكن أن تنشب نتيجة قرار البشير طرد المنظمات الإغاثية الأجنبية من الإقليم».
من جهةٍ ثانية، أوضح رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أن قطر واقعة تحت ضغط لكي لا تستقبل الرئيس السوداني لحضور القمة العربية المقررة الأسبوع المقبل. وقال: «توجد ضغوط، ولكن أنتم تعرفون قطر جيداً». وأضاف: «نحن قدمنا الدعوة وتوجهّت إلى السودان لأكرر الدعوة كرئيس الوزراء ووزير الخارجية. نحترم القانون الدولي ونحترم حضور البشير للدوحة».
وفي سياقٍ متصل برحلات البشير الخارجية، رأت منظمة العفو الدولية، في بيان أمس، أنه «لا ينبغي لمصر والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية حماية البشير من العدالة الدولية». ورأت المنظمة أن جامعة الدول العربية «بإعلانها أن البشير يتمتع بحصانة من مذكرة التوقيف، تقوّض القانون الدولي الذي ينص على أن لا حصانة لأحد في هذه الجرائم حتى لو كان رئيس دولة».
في هذا الوقت، أعلنت الولايات المتحدة، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية روبرت وود، أنها لا تخضع «لواجب قانوني» يملي عليها اعتقال البشير.
ويفيد مراسلو وكالات الأنباء العالمية أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير دفعته إلى القيام بما يشبه الحملة الانتخابية لحشد التأييد السياسي وضمان استمراريته في سدة الرئاسة. فأخذت صوره تنتشر في كل مكان على شاشات التلفزة وفي الشوارع، وعلى القبعات والقمصان التي توزع على نطاق واسع. كذلك بات البشير يكثر من ظهوره العلني ويلقي العديد من الخطب في مؤتمرات جماهيرية.
أما على صعيد الأوضاع الإنسانية والأمنية في إقليم دارفور، فأفاد كبير موظفي قوات حفظ السلام في دارفور، أمجد مرسي، أمس، أن مسلحين أشعلوا النيران في مخيم أبازور للنازحين، ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة أربعة على الأقل. وأشار إلى أن الحريق دمر نحو ربع المخيم الذي يقطنه نحو ستة آلاف شخص معظمهم من قبيلة المساليت.
في المقابل، قال مسؤول محلي في حكومة ولاية غرب دارفور إن الحريق «أدى إلى تدمير 60 خيمة».
من جهةٍ ثانية، قال مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، جون هولمز، إن الحكومة السودانية لم تفعل ما يكفي لسد الفراغ في توزيع المعونة الإنسانية في دارفور الناجم عن طرد المنظمة الإغاثية، وخصوصاً بعدما تبين أن أربعاً من المنظمات التي طردت كانت تخدم نحو 1.1 مليون شخص. وقال هولمز إنه لإطعام الجوعى في دارفور «نحتاج إلى بعض الشركاء المناسبين لبرنامج الأغذية العالمي إذا لم يُتَراجع عن هذا القرار». وأضاف أن طرد المنظمات «يبدو لنا عملاً طائشاً».
أما في جنوب السودان، فأعلن مساعد ممثل المفوضية العليا في الأمم المتحدة للاجئين، جف ووردلي، أمس أن 750 شخصاً قتلوا في نزاعات على ملكية ماشية، بين قبيلتي مورلي ولو نوير، في مقاطعة بيبور في ولاية جونقلي خلال الشهر الحالي. وأوضح أن «خلاصة كل تلك المشاكل هي توجيه رسالة سلبية إلى سكان المخيمات من النازحين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم»، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.