Strong>5 اقتراحات في أدراج الأمين العامعندما تولّى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى منصبه في شهر أيار عام 2001، رفع شعارات التطوير والإصلاح، لا للجامعة العربية فقط، بل لكلّ آليات ومؤسسات العمل العربي المشترك. تسلّم موسى منصبه وهناك عجز ماليّ كاد أن يدفع الجامعة العربية إلى الإفلاس، ولا سيما أن العديد من الدول تتأخر في سداد مساهمتها السنوية في الميزانية. كذلك فإنه لم يتمكّن من التخلّص من تركة الموظفين، وبالأحرى كبار المسؤولين القدامى في الجامعة، رغم أنه أدخل طاقمه الشخصي إليها. وهكذا بات الإصلاح مقتصراً فقط على زيادة أعداد رجال الأمن وتهذيب القاعات وإصلاحها من دون أن يشمل العقلية المسؤولة عن إدارة العمل اليومي لأقدم منظمة عربية على الإطلاق.

القاهرة ــ الاخبار
دخلت عملية تطوير منظومة العمل العربي المشترك وإصلاح الهياكل الإدارية والمالية للجامعة العربية مرحلة السبات. ولم يعد أحد معنياً بالسؤال عنها، بعد تزايد الأزمات العربية، رغم أن محاولات إصلاح عديدة جرت، إلا أنها اصطدمت بتعدّد الأوراق والأفكار التي قدمتها رسمياً ستّ دول عربية فقط، هي مصر والسعودية وليبيا والسودان وقطر واليمن.
وعلى مدى شهور، وجّه الأمين العام للجامعة ملفاً ضخماً إلى وزراء الخارجية العرب يحتوى على حوالى مئتي صفحة، ويتضمن عرضاً لمعظم المبادرات التي قُدّمت إلى الجامعة العربية، طالباً منهم الإدلاء بملاحظاتهم النهائية.
في المحصّلة، لم ترَ سوى بعض الأفكار القليلة النور، بينما بقيت الأخرى حبيسة الأدارج. وبينما تدعو المبادرتان الليبية واليمنية إلى إنشاء ما يسمّى الاتحاد العربي على أطلال الجامعة العربية، فإن أوراق العمل الرسمية التي قدّمتها مصر والسودان وقطر والسعودية تطالب بالحفاظ على الجامعة العربية وميثاقها مع إضافة ملاحق إليه.
وللمرة الأولى، قدّمت السعودية مشروعاً يقضي بفرض عقوبات تصل إلى حد إسقاط العضوية عن الدول التي تخالف قرارات الجامعة، في محاولة لإعادة الهيبة إلى المؤسسة العربية، وإلزام دولها الأعضاء بقراراتها.
وعلى الرغم من أن الورقة السعودية تقع في ثلاث صفحات فقط، إلا أنها تضمنّت لهجة حاسمة وغير معتادة في التعامل مع الواقع العربي الراهن، حيث أشارت إلى أن «ما يجرى من أمور على الساحة العربية يوحي بالعجز وقلة الحيلة، ما جعل البعض يستسهل التهجّم على الأمة العربية وإلحاق الضرر بمصالحها المشروعة». ودعت إلى وضع ميثاق عربي جديد يضمن حماية هذه المصالح ويحقق المطالب العادلة للأمة العربية.
وبعدما عدّدت الورقة السعودية مجموعة من الأهداف التي تصلح لبناء قاعدة اتفاق عربي عليها، فإنها شددت على أن من يرى في هذه المبادئ ما لا يناسب أهدافه وغاياته، لا يمكن أن يكون جزءاً من العمل العربي المنشود.
أما «ميثاق الاتحاد العربي» الذي قدمته ليبيا، فيقع في ست صفحات ويتألف من 21 مادة، يتشابه معظمها مع الميثاق الحالي للجامعة العربية الموضوع عام 1945. وتنص المادة الثانية على أنه «بما أن العرب أمة واحدة وشعب واحد وتجمعهم وحدة الدم واللغة والتاريخ والمصير، فإن غرض الاتحاد العربي هو تحقيق سياسة عربية خارجية موحّدة، وسياسة تجارية خارجية واحدة، وسياسة دفاعية واحدة، وتكوين سوق عربية واحدة». ويكون للاتحاد العربي مجلس وزراء يتألف من ممثّلي الدول المشتركة في الاتحاد، ويكون لكلّ منها صوت واحد مهما يكن عدد ممثّليها.
في المقابل، طرحت مصر مبادرة لتطوير الجامعة العربية وتفعيل العمل العربي المشترك تدعو إلى بدء حوار صريح لتطوير النظام العربي وتفعيل مؤسسته الرئيسية، وهي الجامعة العربية. وتتضمن المبادرة إنشاء برلمان عربي وظيفته الرئيسية إيجاد نوع من الرقابة السياسية على عمل أجهزة الجامعة العربية، والإسهام برسم السياسات العامة لها، وكذلك الاختصاص بالرقابة التشريعية وبالرقابة المالية على ميزانية الجامعة ومشروعاتها. وتدعو إلى إعادة ترتيب أوضاع النظام الأمني العربي، وتقترح بديلين أو الجمع بينهما لتحقيق ذلك. الأول: إنشاء مجلس أمن عربي لمواجهة حالات الإخلال بالسلم والأمن العربيين، وله صلاحيات للعمل المباشر إذا ما وقع عدوان على إحدى الدول الأعضاء، والثاني: إقامة منتدى للأمن القومي العربي يعقد لقاءات وحوارات للخبراء والمتخصصين.
وفي ما يتعلق بالتصويت في مجلس الجامعة العربية، رأت المبادرة المصرية أن قاعدة الإجماع كانت تناسب الظروف التي نشأت فيها الجامعة، ولكنّها لم تعد ملائمة الآن، بل أصبحت عائقاً. وبدلاً من ذلك، اقترحت المبادرة الاختيار بين أساليب أخرى للتصويت، بما يحقق التوازن والمرونة، ومنها الاجتماعات التشاورية والتصويت بنظام توافق الآراء أو بالغالبية الموصوفة وإمكان إعادة التصويت أكثر من مرة.
بدورها، دعت الورقة القطرية إلى المزيد من إجراءات تعريب الجامعة العربية عن طريق تزويدها بالكادر المناسب من جميع الدول الأعضاء بلا استثناء، وتوفير كل الصلاحيات للأمين العام لإدخال أساليب الإدارة الحديثة. واقترحت شطب كل البنود التي مضى على إدراجها على جدول أعمال الجامعة العربية أكثر من خمس سنوات، ما عدا البنود المتعلقة بالقضايا المصيرية.
واقترحت الورقة القطرية، التي تقع في ثماني صفحات، العمل على ترسيخ مفهوم الشراكة وتفعيل صيغ العمل المشترك، ودعت إلى التعجيل بقيام السوق العربية المشتركة للرد على التحديات التي يتعرّض لها النظام الإقليمي العربي.
أما الورقة السودانية، فنوّهت بأهمية استكمال هيكلة الجامعة العربية وتنفيذها وإعادة النظر في بنية المنظمات العربية المتخصصة وبرامجها لتغدو قادرة على الاضطلاع بمهماتها، مشيرة إلى ضرورة بعث الحيوية في المشروعات العربية الكبرى، مثل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والسوق العربية المشتركة، واتخاذ الخطوات العاجلة لصياغة استراتيجية عربية شاملة لتأسيس نهضة عربية جديدة تدرأ المخاطر عن الدول العربية.


مبادرة اليمن المسحوبةوقالت الورقة اليمنية إن من مبادئ الاتحاد العربي احترام سيادة كل دولة عربية وحقّها في اختيار نظام الحكم، وعدم الاعتراف بالوصول إلى السلطة بالقوة أو بالطرق غير الشرعية، بالإضافة إلى قيام نظام أمن عربي إقليمي يسهم بتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
(الأخبار)