القاهرة | لم يكن «التكليف» الذي طرحه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أسبوع، كافياً لجمع الأحزاب المصرية تحت مظلة انتخابية واحدة، ولو عبر الانتخاب بنظام القائمة. فقد أُعلن إخفاق أولى هذه الخطوات بعد مقاطعة عدد كبير من الأحزاب اجتماع السبت الماضي الذي عقد في مقر حزب «الوفد»، مع أنه استبعد دعوة تيارات الإسلام السياسي.
يأتي هذا الإخفاق، الذي أسست له الأحزاب منذ الحديث عن النظام الانتخابي وتحالفاته، بسبب إيثار كل منها لنفسها، وإصرارها على أن تكون المحاصصة هي أساس توزيع المقاعد الفردية، الأمر الذي يعاكس ما يتغنى به رؤساؤها ليل نهار واحتجاجهم بأنه لا مجال للمحاصصة!
14 حزباً من إجمالي 94 مدنياً وإسلامياً اجتمعت تحت لواء قائمة موحدة فقط، هكذا كان مقدار الاستجابة لمطلب السيسي السابق. وأبرز هذه الأحزاب كان تحالف «الوفد المصري»، و«الأمل المصري»، و6 أحزاب أخرى غير مؤثرة في المشهد العام، لكنها مدرجة ضمن القائمة التي اعتمدتها لجنة شؤون الأحزاب.
حتى هذه القائمة الموحدة، التي دعا «الوفد» إلى تشكيلها، لم يستقر على اسم لها بعد، لكن اللجان المنبثقة منها ستعقد أول اجتماعاتها في مقر الحزب اليوم (الثلاثاء)، كما أفاد رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات، الذي أوضح أنهم سيدرسون آليات الاندماج مع قائمة «صحوة مصر» التي يعكف على تشكيلها عضو لجنة الخمسين السابق، عبد الجليل مصطفى، في محاولة لمزيد من توحيد القوائم.
تعمل الأحزاب الإسلامية على إعداد مرشحيها بصورة منعزلة عن القوى المدنية

وأضاف السادات: «المشاورات تتسم بالسلاسة، ومن المحتمل إعلان الاندماج بيننا»، ولكنه اتهم الأحزاب المنسحبة (المصريين الأحرار، والحركة الوطنية، وأحزاب تيار الاستقلال)، بأنها تسعى إلى الانضمام إلى القائمة التي يعكف على وضعها المستشار الاقتصادي للرئيس، كمال الجنزوري، «ظناً منها أنها القائمة التي تساندها الدولة». وتوقع كذلك أن يعلن تحالف «الوفد المصري» برنامجه الانتخابي نهاية الشهر الجاري بعد مراجعته، قائلاً: «سيركز البرنامج على تحقيق مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وعلاج المشكلات الاجتماعية والاقتصادية».
ويكشف الأمين العام لحزب «المؤتمر» وأحد أعضاء لجنة معايير اختيار المرشحين للقائمة الموحدة، اللواء أمين راضي، أن من أبرز معايير اختيار المرشحين في قائمتهم «الشعبية، وحسن السمعة، وقدرته على الرقابة والتشريع»، مشيراً إلى أن اللجنة ستلتقي هؤلاء المرشحين قبل اعتمادهم. وأكد راضي أنه «يجب أن يتوافر لدى المرشح كتلة شعبية يعتمد عليها عند خوضه الانتخابات في دائرته»، وبناءً على ذلك فإن اللجنة «ستوزع المرشحين على ثلاث فئات من الناحية المادية لتحديد الدعم، فالأول القادر مالياً، والثاني متوسط الدخل، والثالث محدود الدخل، على أن تقدم المساعدة المالية للفئتين الأخيرتين بنسبة أكبر من الأقدر مالياً، فيما ستشمل المساعدات المركزية جميع الفئات».
إلى هذا، أصدر حزب «الكرامة» بياناً أكد أنه شريك رئيسي في تحالف «التيار الديموقراطي»، وفي الوقت نفسه في قائمة «صحوة مصر» التي يشكلها عبد الجليل مصطفى. إذ يرى الحزب أنها القائمة «الأكثر تعبيراً عن الثورة ونبض الشارع المصري في هذه المرحلة».
أما التيار الديموقراطي، المكون من الأحزاب التي خرجت من رحم ثورة 25 يناير، فاعترض على الانضمام إلى القائمة السابقة، مشيراً إلى أنها «قائمة تغسل سمعة فلول نظام مبارك». يقول القيادي في تحالف التيار الديموقراطي، جورج إسحاق، إن التحالف لن يقبل أن يكون من قائمة انتخابية تغسل سمعة الفلول، مضيفاً أن «قيادات التحالف لا تعترض على دمج الوفد المصري مع قائمة صحوة مصر، ولكن بشرط أن يُنقي الوفد تحالفه من أي عناصر محسوبة على النظام الأسبق. كذلك رفض إسحاق الفكرة القائمة بإعداد قائمة انتخابية تضم جميع الأحزاب، أو نصفها.
من ناحية أخرى، إن الأحزاب المصنفة على أنها تتبع تيار الإسلام السياسي، تعكف منفردة على إعداد النواب الذين سيترشحون لانتخابات البرلمان على النظامين، الفردي والقائمة، بعدما رفضت الأحزاب المدنية الجلوس معها على طاولة مفاوضات القائمة الواحدة. وقال رئيس حزب النور، يونس مخيون، إن «الأحزاب شكلت القوائم بعيداً عنا، وأرسلت الدعوات لكل الأحزاب التي قابلت الرئيس ولم تقابله باستثناء النور، لكننا لم نجد هذه الاعتراضات أمام السيسي عند اجتماعنا معه».
مع ذلك، يستبعد مراقبون نجاح فكرة القائمة الموحدة التي طرحها السيسي، على اعتبار أن الانتخابات تقوم على التنافس لا التوحد.