يترأس الرئيس ميشال سليمان الوفد اللبناني المشارك في قمة الدوحة. انتهت أزمة التمثيل الشرعي للبنان، على أن يستمرّ الانخراط «إلى العظم» في مسيرة التسويات الداخلية والعربية
نادر فوز
انتهى الجدل الحاصل منذ سنوات في شأن من يمثّل الجمهورية اللبنانية في الاستحقاقات العربية. حسم الرئيس ميشال سليمان هذا الملف على اعتباره النتيجة الأولى للتسوية العربية، وهو اليوم يستعدّ للمشاركة في القمة لمتابعة التسويات الأخرى التي أطلقها الأقطاب العرب في قمّة الكويت المصغّرة.
لم يحدّد سليمان أو الحكومة أسماء أعضاء الوفد المشارك في القمة، إلا أنّ وزير الخارجية فوزي صلّوخ سيشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب في 28 آذار. مع العلم أنّ الرئيس فؤاد السنيورة أعلن من قصر بعبدا عدم مشاركته في الوفد. «الحمد لله تجاوزنا الأزمة في لبنان وسنشارك في القمة فريقاً واحداً»، يقول صلّوخ، مضيفاً أن الأجواء العربية تدعو إلى التفاؤل. ومن العناوين الأساسية التي سيطرحها لبنان، ملف تحسين العلاقات العربية الداخلية وتطويرها. كذلك سيطالب اللبنانيون باستمرار الدول العربية في التزاماتها بإعلان القاهرة الصادر في أيار 2008، إبّان الاشتباكات التي اندلعت في بيروت بين قوى 8 آذار (المعارضة اللبنانية حينها) وقوى الأكثرية. ويؤكد صلوخ أنّ المواضيع العالقة مع سوريا لن تطرح على طاولة القمة، على اعتبار أنها «ملفات عالقة بين البلدين وتعالج بين الطرفين».
من جهة أخرى، يقول عارف العبد، المستشار الإعلامي للسنيورة، إنّ الأخير تفاهم مع الرئيس سليمان في ما يخصّ عدم مشاركته في الوفد. ويعتقد العبد أنّ مشاركة لبنان في القمّة «ستسير طبيعياً»، مستبعداً أن تؤثّر مقاطعة لبنان للقمة الأخيرة التي عقدت في دمشق على وضع لبنان في قمة الدوحة. ويضيف أنه غير مطّلع على الملفات التي يمكن الوفد اللبناني طرحها، على اعتبار أنّ «وزارة الخارجية عادة ما تكون معنيّة بالإعداد للقمم العربية بالتنسيق مع رئيس الحكومة».
من جانب تيار «المستقبل» وفريق الأكثرية أيضاً، يرى النائب مصطفى علّوش أنّ «من التقاليد السياسية الرسمية أن يرافق رئيس الحكومة رئيس الجمهورية، لكن يبدو أنّ الرئيسين سليمان والسنيورة تفاهما على التمثيل، ورئيس الجمهورية يمثّل القوى اللبنانية كافة».
وينقل علّوش أن الأكثرية النيابية اللبنانية تأمل من قمة الدوحة «استمرار التفاهمات التي بدأت مع القمة العربية في الكويت، وإعادة القرار العربي إلى مرجعيته». ويضيف أنّ العنوان الثاني هو «التخفيف من التأثير الإيراني على الدول العربية»، مشيراً إلى أنّ هذا الملف نوقش في الكويت، وسيتابع البحث فيه في الدوحة.
ويتابع علّوش عرضه لنقاشات قوى 14 آذار بشأن القمة، فيشير إلى استمرار بحث إمكان طرح ملف العلاقات اللبنانية ـــــ السورية. يقول «بعد الانتهاء من ملف التبادل الدبلوماسي مع سوريا، ثمة ثلاثة عناوين رئيسية لا تزال عالقة، وهي أولاً ملف ترسيم الحدود والاعتراف الرسمي والموثّق بشبعا، ثانياً قضية المعتقلين اللبنانيين في سوريا، وأخيراً موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات».
لا تزال قوى 14 آذار تطرح هذا الاحتمال في مجالسها الداخلية، لكن اللافت أنّ وزراءها لم يتطرّقوا أو لم يلمحوا إلى إمكان إدراج هذه القضايا في الملف الذي سيحمله سليمان إلى الدوحة.
في الضفّة الأخرى، لا ترفع قوى 8 آذار سوى عنوان المصالحة العربية، وهي قضية لا تنفكّ عن الظهور في مواقف نواب ووزراء «المعارضة» السابقة، على مختلف تلاوينها. والأهم أنّ هذه القوى تراهن على الدور العربي في لبنان بعد الانتخابات النيابية، إذ ترى أنّ على الأقطاب العربية إدراج موضوع حكومة الوحدة الوطنية في مشاريع كل القوى المحلية للخروج من أزمة حكم قد تظهر إذا فازت الأقلية في الانتخابات ورفضت الأكثرية الحالية المشاركة في حكومة وحدة وطنية.
بالعودة إلى الأجواء اللبنانية في القمم العربية السابقة، فقد انعكست الأزمة الداخلية على أداء لبنان ومشاركته في القمم منذ انطلاق الأزمة في عام 2005. الانعكاس الأول كان في قمة الجزائر (2005)، التي مثّل لبنان فيها وزير الخارجية حينها محمود حمود. لم يشارك الرئيس السابق إميل لحود في هذه القمة، نظراً إلى الظروف الداخلية التي نشأت في لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
في عام 2006، كانت الفضيحة الأولى على المستوى اللبناني الرسمي، إذ مثّل الرئيس لحود لبنان في قمة السودان، وشارك الرئيس فؤاد السنيورة في القمة عبر وفد خاص بقوى الأكثرية، رغم أنّ الدعوة الرسمية وُجّهت إلى لحود. وتكرّر المشهد نفسه في قمة الرياض، فشارك اللبنانيون بوفدين، الأول رسمي يترأسه لحود ويضمّ الوزيرين فوزي صلوخ ويعقوب الصراف، وآخر «سياسي» يضم السنيورة والوزيرين محمد شطح وطارق متري. تتابع انعقاد القمم العربية على وقع الأزمة اللبنانية، والمحطة الأخيرة كانت في العاصمة السورية، العام الماضي. كان الرئيس لحود قد خرج من القصر الرئاسي اللبناني، وتسلّمت حكومة الرئيس السنيورة زمام السلطة في بيروت. قاطعت هذه الحكومة قمة دمشق، وبقي الملف اللبناني عالقاً.
انعكس التوتر العربي في بيروت طيلة السنوات الأربع الماضية. وإذا كانت قمة الدوحة لتنظيم الخلافات، فالسؤال هو كيفية انعكاسها على الداخل اللبناني وخلافات أطرافه؟