يحيى دبوقواصلت إسرائيل أمس متابعة رواية «قصف سلاح الجو الإسرائيلي لشحنة أسلحة إيرانية في السودان»، الشهر الماضي، رغم أن الدولة العبرية لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن عمليات القصف. وأشارت وسائل إعلامها إلى أن عمليات القصف الجوي لشحنات السلاح الإيراني، تمثّل «مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران».
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن «إيران تفرض على إسرائيل، في واقع الأمر، مواجهة عسكرية مباشرة، إذ لا تتعلق المسألة (تهريب السلاح إلى حماس) بحماسة لفظية صادرة عن (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد، فإيران التي أدارت حرب استنزاف ضد إسرائيل بواسطة وكلائها كحزب الله وحماس ومحافل فلسطينية أخرى، تصل بهذه الحرب إلى مكان لا يمكن إسرائيل أن تتجاهله، وأن تكتفي بمعالجة الوكلاء فقط».
ويضيف مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، اليكس فيشمان، أن «الإيرانيين يسعون إلى إقامة قاعدة صواريخ في جنوب إسرائيل، يصل مداها إلى منطقة تل أبيب، الأمر الذي لا يمكن اعتباره (مجرد) جنون اضطهاد (إسرائيلي)، إذ إن نظرية الالتفاف الإيرانية من الجنوب والشمال، تجعل من إيران عدواً حقيقياً، لا عدواً نظرياً».
وتحدثت الصحيفة عن دوافع «عملية القصف» وأهدافها. وقالت إنه «منذ انتهاء حرب لبنان الثانية، البائسة، التي حاولنا من خلالها أن نظهر للجميع أن إسرائيل فقدت صوابها، نجحنا فقط في الخروج عن المسار وقمنا بشن حرب لم نكن مستعدين لها، لكن شيئاً ما تغير في إسرائيل، فرب البيت في الدولة العبرية عصبي بما يكفي، وهو يمتلك أذرعاً طويلة جداً، وهذا الوضع يجعل من الطرف الآخر يشعر بأنه ملاحق، وأن إسرائيل قد تغلغلت فيه، وأنها تعرف مؤامراته الخفية ومشاريعه النووية السرية، أو إرساليات السلاح لتأجيج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني».
من جهته، كتب مراسل الصحيفة نفسها للشؤون الأمنية، رونين بيرغمان، أن «الرقابة العسكرية الإسرائيلية أصبحت أكثر ليبرالية في هذه الأيام، وبالتالي فإن مثل هذه التقارير، سواء كانت صحيحة أو لا، تخدم أهداف إسرائيل التي لا تعلن عن مسؤولية مباشرة عن العمليات التي تُنَفَّذ في عمق أراضي العدو، لكنها تعمد إلى الرد من خلال الصمت أو التلميح، وهذا ما حدث مع قصف المفاعل النووي في سوريا في أيلول 2007، ومع الانفجار الغامض الذي حدث في مصنع صواريخ سكاد السوري في حزيران 2007، وأيضاً مع ما حدث مع الخلل الخفي في مصنع تخصيب اليورانيوم في نتانز في إيران، واغتيال (المسؤول العسكري في حزب الله) عماد مغنية والجنرال السوري (محمد) سليمان، في سوريا، إذ كان الأخير متورطاً في المشروع النووي، وفي التنسيق مع إيران وحماس».
وفي السياق نفسه، ركزت صحيفة «هآرتس» على «الدور الذي يؤديه السودان الذي يعدّ ساحة مريحة جداً لمنظمات الإرهاب»، مشيرة إلى أن «المشبوه الأساسي في توريد السلاح إلى السودان، هو إيران». وأضافت أن «زيارة وزير الدفاع الإيراني مصطفى محمد النجار للخرطوم في الشهر الحالي، تخللها توقيع اتفاقيات للتعاون العسكري، وتزويد الخرطوم بسلاح متطور، بل إن التقارير تشير إلى أن السودان يسمح لنفسه أيضاً بأن يعمل عناصر حزب الله على أراضيه، وأغلب الظن أنه يشتري سلاحاً لنفسه ولحركة حماس أيضاً».
وتحت عنوان «الضربة الاستباقية»، كتب مراسل صحيفة «معاريف» للشؤون العسكرية، أمير بوحبوط، أن «شخصاً ما اتخذ القرار بقصف قافلة الشاحنات في السودان، على مسافة 1400 كيلومتر»، مضيفاً أن «التقديرات تشير إلى أنه ما كان أحد ليصادق على عملية كهذه، إلا إذا كانت الشاحنات تحمل وسائل قتالية نوعية، غير موجودة لدى الفلسطينيين، كصواريخ يمكنها أن تصل إلى تل أبيب».
وربط الكاتب بين التقدير الاستخباري الذي قدمه رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يدلين، قبل ساعات من نشر الخبر، و«الذي أشار فيه إلى أن حماس تحاول تهريب السلاح إلى قطاع غزة بمساعدة مكثفة من إيران».
من جهة أخرى، قال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا ايلاند، إن «على مصر أن تؤسس منطقة أمنية داخل أراضيها، بمحاذاة محور فيلادلفي (رفح)، لمنع عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة»، معرباً عن اعتقاده بأن السلطات المصرية لا تعمل على منع عمليات التهريب لأنها «ليست معنية بمواجهة جهات تستفيد من التهريب، تشمل ضباطاً في الجيش (المصري) ومواطنين بدواً».
وأضاف ايلاند، في حديث للإذاعة الإسرائيلية أمس، أن «على إسرائيل عدم الانتشاء من الغارة الجوية التي استهدفت شحنات الأسلحة الإيرانية في السودان، وأيضاً من الإنجاز الاستخباري الذي تحقق، لأن المسألة لن تؤدي إلى حل القضية الاستراتيجية، المتمثلة في تهريب السلاح» إلى قطاع غزة.