محمد زبيبالسجال بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة في شأن الإعلانات في الصحف والمجلات والطرقات والتلفزيونات الأرضية والفضائية التي تشكر الدول العربية على مساهماتها في إعادة الإعمار، لم يلامس المسألة الأهم في هذا الإطار، وهي مدى مشروعية إنفاق مبالغ طائلة على الدعاية في الوقت الذي لا يزال فيه أصحاب المساكن المهدّمة والمتضررة ينتظرون قبض مستحقاتهم منذ 33 شهراً بحجة عدم كفاية هذه المساهمات، وعدم توافر المال من المصادر المحلية!
لولا الرغبة الدائمة بالتسييس و«النكايات»، لكان يكفي أن تقوم الحكومة أو رئيس الجمهورية بتوجيه برقيات شكر إلى كل دولة أو مؤسسة قدّمت المساعدة إلى لبنان، وهذا لن يكلّف إلا سعر الطابع البريدي الذي يعود إلى الخزينة العامّة، أو سعر الحبر والورق والمغلّفات، أو ربما لن يكلّف شيئاً إذا اعتُمدت الوسائط الحديثة عبر البريد الإلكتروني... فالمسألة لا تتمحور حول ذكر، أو عدم ذكر، هذه الدولة أو تلك، بل تتمحور حول إصرار الحكومة على ارتكاب جريمة سوء الأمانة في مجال التصرّف بالمال العام وما يتضمّنه من ضرائب ورسوم وأتاوات وهبات وقروض وسندات.
ليس هناك أي لبس في طبيعة الدعاية التي استفاقت عليها الحكومة اليوم، وأسقطت منها سوريا وإيران، وإذا كان هناك التباس ما فهو في القاعدة التشريعية أو القانونية التي تسمح للحكومة بإنفاق مبالغ طائلة لا تنطبق عليها القاعدة الاثني عشرية في صرف الاعتمادات... فهل هناك من لا يزال يشك في الأهداف التي تحول دون إقرار أي مشروع للموازنة منذ عام 2006 حتى اليوم؟