طغت مسألة مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير على أجواء القمة العربية من دون منازع، ولا سيما بعد الشكوك التي أحاطت إمكان مشاركة البشير فيها، ورفع الوزراء العرب المسألة إلى مستوى «تهديد الأمن القومي العربي»
الدوحة ــ الأخبار
فاجأ الرئيس السوداني، عمر البشير، الجميع بوصوله بعد ظهر أمس إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية، التي أصبح «نجمها» بلا منازع، واضعاً حداً للتكهنات بإمكان عدم مشاركته في القمة بعد فتوى مجلس علماء السودان بعدم جواز سفره إلى الدوحة، متحدّياً مجدداً مذكّرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه.
واستقبل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني البشير لدى وصوله إلى المطار عبر طائرة سودانية. ومثّل وصوله مركز اهتمام الإعلاميين والسياسيين، إذ إنّه لقي استقبالاً «حاراً» من خلال «التصفيق» الذي رافق مشهد نزوله من الطائرة، والذي كان يبث، على غرار وصول القادة الآخرين، على شاشات عملاقة داخل قاعات المركز الإعلامي.
ومن المقرر أن يشارك الرئيس السوداني في القمة اللاتينية ـــــ العربية التي تعقد فور اختتام القمة العربية. ومن المفترض أن يحضر القمتين، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي لن يدفعه حضور البشير على التغيب، حسبما أعلن مصدر مسؤول في المنظمة أكد أن «بان كي مون لن يتراجع عن مشاركته في القمة»، مضيفاً أن «السودان عضو في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية جهاز قضائي مستقل لا يمنع الأمم المتحدة من التعامل مع السودان».
واحتلت مسألة مذكرة توقيف الرئيس السوداني حيزاً واسعاً مناقشات اجتماع مجلس الوزراء العرب، التي تضمنت 25 بنداً كان قد أقرها المندوبون الدائمون وكبار المسؤولين في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
وخصص مشروع القرار المرفوع إلى مجلس الجامعة البند التاسع لمسألة التضامن مع السودان، وتحديداً «دعم السلام والتنمية والوحدة في جمهورية السودان»، ليصدر في هذا الإطار 22 قراراً، أكد أولها التضامن مع السودان لمواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره، وكل ما يهدد جهود السلام الجارية. ثم شددت القرارات على رفض جميع محاولات تسييس مبادئ العدالة الدولية، لتحذر أيضاً من «الآثار الخطيرة» التي تهدد عملية السلام الجارية جراء صدور قرار المحكمة الجنائية بحق البشير.
ورحبت القرارات بتوقيع اتفاق «حسن النيات وبناء الثقة» بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة الدارفوريّة في الدوحة، معلنة دعمها لجهود اللجنة الوزارية العربية الأفريقية برئاسة رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم والأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى.
وفي خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، قال بن جاسم، إن هناك توافقاً عربياً واضحاً بخصوص السودان، ونفى ما تردد عن وجود ورقتين بخصوص الشأن السوداني، واحدة من الجامعة العربية، وثانية من الخرطوم. وشدد بن جاسم على أن التوافق سيعكسه البيان الخاص حول السودان، مشيراً إلى أن مسألة السودان تمس الأمن القومي العربي.
وعن مغادرة وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية غاضباً من الاجتماع بسبب إصراره على عقد قمة عربية طارئة حول السودان، وهو ما تردد في قاعة المؤتمرات، قال الوزير القطري إنه «لم يكن هناك أي غضب سوداني، بل كان هناك شرح من الوفد السوداني للموقف، والجميع كان يقدم اجتهادات، لكن دائماً كان الموقف السوداني حاضراً، ولا أعتقد أن الوزير السوداني غادر بسبب غضب، فهذا غير صحيح».
وأشار بن جاسم إلى أن موضوع القمة التضامينة الطارئة بحث في اجتماع وزراء الخارجية العرب، وأن هناك توافقاً عربياً سيصدر في البيان بخصوص تكثيف الزيارات لرؤساء الدول والمسؤولين العرب إلى السودان، «وأعتقد أن رؤساء كثيرين ملتزمون بالذهاب إلى السودان في القريب العاجل، وهذا ما فهمته من الوفود العربية».
من جهته، أكد عمرو موسى أن موضوع السودان بكل حساسيته وتعقيداته انتهى إلى بيان وافقت عليه مختلف الأطراف، مشيراً إلى أن بياناً سيصدر برفض قرار اتهام محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس السوداني. وأكد أن موقف جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي بخصوص هذه القضية قائم على أساس استثمار كل المواد والنصوص التي من شأنها وقف قرار الاتهام.
وفي رد على سؤال عن ارتكاب اسرائيل لجرائم الحرب في قطاع غزة من دون ملاحقتها من محكمة الجنايات، رأى موسى أن القضية الفلسطينية تختلف عن دارفور حيث يتعدد أفرقاء النزاع وأن قرار الاتهام موجه إلى رئيس في السلطة.