يحمل وزير الدفاع القديم ــ الجديد إيهود باراك ملفاته الأمنيّة من حكومة إيهود أولمرت إلى ائتلاف بنيامين نتنياهو، من دون تغيير في أثقالها. وأبرز التهديدات من وجهة نظره، هي لبنان، وفلسطين، وسوريا وإيران
يحيى دبوق
يرى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الذي يعود إلى وزارة لم يغادرها، أنّ المصلحة الإسرائيلية تتطلب حروباً وضربات قوية، لتحقيق الردع وتعزيزه. وهو يقول إن «الحروب توفّر هامشاً زمنياً مريحاً، لأنّ الدولة العبرية تنمو وتزدهر بين الهوامش الزمنية للحروب». ويمكن النظر إلى كلمات باراك، على أنها ستكون بوصلة توجهاته وزيراً للدفاع في الحكومة الجديدة.
لجهة الساحة اللبنانية، يقرّ باراك، الذي يُلقَّب بـ«السيد أمن»، بأن قدرات حزب الله العسكرية المتعاظمة تمثّل تهديداً حقيقياً حيال الدولة العبرية. ومنذ توليه وزارة الدفاع عام 2006، إثر سقوط سلفه عامير بيرتس، يشدّد باراك على القدرة العسكرية للحزب، التي «تجاوزت أربعين ألف صاروخ، من بينها ما يمكنه الوصول إلى بئر السبع وديمونا في الجنوب». ورغم ذلك، «ينصح» باراك مواطنيه بأن «لا يخدعوا أنفسهم بأن لديهم القدرة على توجيه ضربة خاطفة (للحزب) تؤدي إلى اختفاء كل تهديداته»، لكنه في الوقت نفسه، يلمّح إلى إمكان أن يقدم جيشه على توجيه ضربة عسكرية للحؤول دون امتلاكه منظومات دفاع جوي، «ستكسر التوازن» إذا توافرت له.
ويعترف باراك بـ «فشل» القرار 1701، ويصفه بأنه «فاشل وغير ذي فاعلية». ولدى سؤاله عما تعدّه إسرائيل لمواجهة «فشل القرار وتعاظم قدرات الحزب»، يكرر: «دعونا نعمل ولا نتحدث. لم نتحدث في السابق، والأفضل ألا نتحدث الآن، لكن في الوقت نفسه ليس كل شيء حرباً أو لا حرب، والأوْلى أن نترك الأمور لمناسباتها».
أما بشأن «التهديد السوري»، فيرى باراك أن «النظام السوري عنصر سلبي جداً حيال استقرار الشرق الأوسط، لكونه داعماً للمنظمات الإرهابية ومرتبطاً بمحور الشر مع إيران». لكنه في المقابل يوافق على وجوب الوصول إلى «تسوية مع دمشق تسحبها من هذا المحور، شرط أن تراعي المصالح الأمنية والحيوية لإسرائيل». وفي السياق، يشدّد رئيس حزب «العمل» على أن «فك التحالف السوري ــ الإيراني مع حزب الله وحماس له انعكاسات بعيدة المدى على كل المستويات، بدءاً من تقليص المناورة لدى الفلسطينيين، وصولاً إلى تحجيم الدور الإيراني في المنطقة».
وعن مطالب تل أبيب من دمشق، فإنها عديدة بحسب الوزير القديم ــ الجديد: «ضمان الأمن ومنطقة منزوعة السلاح، والإنذار المبكر، والمياه، والاقتصاد، وأمور أخرى تتعلق بلبنان».
فلسطينياً، لطالما حارب باراك خلال توليه وزارة الدفاع في حكومة إيهود أولمرت، في سبيل إقرار التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في غزة، واستطاع أن يفرضها على حكومة أولمرت، لكنه كان يعمل بالتوازي على تهيئة جيشه «للمواجهة الكبرى» التي تُرجمت بعدوان «الرصاص المصهور».
وتطبيقاً للمفهوم الذي يحكم توجهاته، لم يكن باراك موافقاً على مواصلة العدوان، وطالب منذ الأيام الأولى للحرب بالاكتفاء بالضربات الجوية من دون الدخول البري الواسع، إذ رأى أن الغارات وحدها تكفي «لتعزيز قدرة الردع الإسرائيلية، وتمكّن من الوصول إلى اتفاق تهدئة بشروط أكثر راحة بالنسبة إلينا».
ويؤمن باراك بالاتجاه الذي يدعو إلى الفصل مع الفلسطينيين، كإطار عام للتسوية معهم، خصوصاً في أعقاب فشل قمة «كامب ديفيد» الثانية مع الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2000. وعن طبيعة هذا الفصل، فهو يدعو إلى أن يكون أحادي الجانب، يقوم على رسم حدود الكتل الاستيطانية التي ستبقى تحت «السيادة الإسرائيلية»، وإقامة منطقة أمنية واسعة على الحدود مع الأردن، تشمل مواقع سيطرة وإنذار مبكر على السفوح الجبلية والوسطى، ويكون بإمكان إسرائيل إدخال المستوطنات المعزولة إلى داخل هذه الحدود.
أما عن «التهديد النووي الإيراني»، فيجزم باراك بأنّه «لا نية لدينا في السماح لإيران بالوصول إلى الطاقة النووية»، لافتاً إلى «أننا لا نستثني أي خيار في إطار مساعينا لإحباط برنامج إيران النووي، فالوقت يركض أمامنا ويتسلل من بين الأصابع».
ورغم إيحائه بضرورة إبقاء الخيار العسكري قائماً، إلا أنه يشدد على أنّ «إيران تمثّل تهديداً دولياً، وبالتالي فإن كل دول العالم معنية بإحباط مساعيها».