عمّان | بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على أسر تنظيم «الدولة الإسلامية» الطيار الأردني معاذ الكساسبة إثر سقوط طائرته في محافظة الرقة السورية، يطغى رفض الجهات الأمنية الأردنية للحديث عن القضية. وفيما تمرّ الأيام دون معرفة مكان أسره ودون بث الطمأنينة لدى عائلته، ترتفع أصوات برلمانية لتنظيم مسيرات شعبية بهدف الضغط على الحكومة التي لم تستشر البرلمان قبل الدخول في حرب «التحالف الدولي» المزعومة ضد التنظيم المتطرف.
ونشرت أواخر الشهر الماضي مجلة التنظيم الشهرية «دابق» (تصدر باللغة الإنكليزية) حديثاً مع الطيار الأردني، وظهر في الصورة مرتدياً البدلة البرتقالية، وهو اللون الذي سبق أن ارتداه الصحافيون الأجانب الذين قتلهم «داعش» ذبحاً، ما أعطى مؤشراً على أن الجماعة قررت قتل الطيار.
جواد الكساسبة، هو شقيق معاذ، قال لـ«الأخبار» إن العائلة لم تتبلغ بأي معلومة جديدة، مشيراً إلى أن الدولة تقوم بأمور في الخفاء غير معلنة «قد تكون للحفاظ على سرية المعلومات». وأوضح أن ذويه خاطبوا الجهات الرسمية والقوات المسلحة الأردنية لمعرفة أي معلومات جديدة، إلا أنهم ووجهوا بالتكتم. وأكد الكساسبة أن «داعش» لم يتواصل ولا بأي شكل مع أي فرد من العائلة.
أخو الطيار الأردني لمّح في حديثه إلى مماطلة الجهات الرسمية، مطالباً إياها بالإفراج عن جميع المساجين الذين يقبعون في السجون الأردنية بغية الإفراج عن شقيقه «المأسور».
وكانت وسائل إعلام أردنية قد نشرت عقب عملية الأسر أن أنصار زعيم «الدولة الاسلامية»، ابو بكر البغدادي، اشترطوا على الحكومة الاردنية الإفراج عن المعتقلة العراقية ساجدة الريشاوي في مقابل إطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة.
وكانت الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على ساجدة الريشاوي في شهر تشرين الثاني عام 2005 إثر محاولتها القيام بعملية انتحارية برفقة زوجها في أحد فنادق العاصمة عمان.
وفي ظل غياب التصريحات الرسمية لمدة اعتبرها الكثير طويلة، رفض مصدر امني في حديث إلى «الأخبار» الإفصاح عن اي معلومة جديدة حول القضية. وقال إن «جميع الاجراءات المتخذة تدخل في نطاق السرية».
وفي محاولة لرفع الصوت، خرجت في عمان مسيرة شعبية حاشدة يوم الجمعة الماضي، شاركت فيها النائبة هند الفايز، وتوجهت من منطقة الجبيهة الى دوار رئاسة الوزراء للضغط على الجهات الرسمية لاتخاذ موقف معلن.
وفي حديث مع الفايز، رأت أنه «بعد تغيب الجهات الرسمية... فإن الحل الأمثل هو تنظيم مسيرات شعبية للاعتصام أمام مقر السفارة الأميركية، لكونها شريكاً في التحالف الذي شاركت فيه الدولة الأردنية».
وطالبت «جميع دول التحالف» بالعمل في سبيل الإفراج عن الكساسبة، فيما لفتت في نقطة مهمة إلى أن «الدولة الأردنية لم تستشر مجلس الامة في هذه الحرب... انها ليست حربنا وان من يقودها يجب ان يكون أميركا». وأكدت أن «مسؤولية سلامة الكساسبة يجب ان تتحملها جميع الدول المشاركة» في الحرب، مبررة ذلك بالقول إن «داعش صنيعة اميركية».
واستنكرت الفايز عدم وضع مجلس الأمة بصورة مشاركة الاردن في «التحالف الدولي» ضد «داعش»، مشيرة إلى أن من صلاحيات المجلس أن يمنع الجيش من المشاركة، لأنه هو من يقر موازنة القوات المسلحة.
وفيما استبعدت الفايز الإفراج عن الكساسبة من دون ضغوطات شعبية، واستغربت الصمت الشعبي حول هذه القضايا المفصلية، اعتبرت أيضاً أن «هنالك تقاعساً من قبل اعضاء مجلس النواب بخصوص قضية الكساسبة». وأشارت إلى أنها بصدد «الضغط على لجنة الحريات النيابية (تترأسها النائبة رولى الحروب) لاستدعاء وزراء الداخلية والخارجية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للحديث في هذه القضية ومعرفة المستجدات».