غزة ـ قيس صفديواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترجمة تهديدات قادتها على أرض غزّة، عبر غارات جوّية استهدفت مقاومين ومركز شرطة وأنفاقاً للتهريب، فيما انشغل الفرقاء الفلسطينيون بالخلاف حول الحوار الوطني وتجاوزات تخلّلت الحرب على غزة.
واستشهد فلسطينيان، أحدهما مقاوم في ألوية الناصر صلاح الدين في غارة جوية إسرائيلية عندما كان يستقلّ سيارة مدنية برفقة اثنين من رفاقه أُصيبا، ومواطن آخر كان على مقربة من السيارة، أصيب بجروح متفاوتة، في مدينة رفح جنوب غزة.
وقال شهود عيان إن طائرة استطلاع إسرائيلية استهدفت سيارة المقاومين في حيّ الجنينة شرق المدينة بصاروخ. وأعلنت ألوية الناصر صلاح الدين أنّ الشهيد أيمن أبو جزر هو مقاوم في صفوفها. وقد ردّت بقصف معبر كرم أبو سالم الواقع عند نقطة التقاء الحدود الثلاثية الفلسطينية المصرية مع الدولة العبرية بخمس قذائف هاون. وقالت الألوية، في بيان، إن «هذه العملية تأتي في سياق الردّ الطبيعي على جرائم العدو الصهيوني».
كذلك أعلنت مصادر طبية استشهاد المواطن محمد فايز السوافيري، متأثراً بجروحه الخطيرة التي أُصيب بها في قصف إسرائيلي استهدف حي الزيتون في الثاني عشر من الشهر الماضي، لترتفع حصيلة شهداء الحرب على غزة إلى أكثر من 1355 شهيداً.
وأتت عملية اغتيال أبو جزر بعد وقت قصير من تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بأن «إسرائيل ستواصل الرد على إطلاق الصواريخ الفلسطينية». ورفض الانتقادات التي وُجّهت إليه وكأنّه يتردّد في توجيه ضربة شديدة أخرى إلى «حماس».
وشنّت طائرة حربية إسرائيلية غارتين متتاليتين استهدفتا مقرّ شرطة في منطقة المغراقة جنوب مدينة غزة. كذلك قصفت منطقة أنفاق التهريب في رفح. وطالبت قوات الاحتلال قُبيل قصف الأنفاق، عبر منشورات ألقتها الطائرات، سكان المنطقة الحدودية بمغادرة منازلهم المتاخمة للحدود.
وعلى وقع التهديدات الإسرائيلية ضدّ غزة، تفاعلت خلال اليومين الماضيين مسألة حوادث القتل والاعتداء التي تعرّض لها مواطنون خلال الحرب. وأقرّت حكومة «حماس» بتصفية عملاء للاحتلال الإسرائيلي على يد المقاومة خلال العدوان، بينما نفت أي علاقة بحوادث الاعتداء على مواطنين. غير أن حركة «فتح» اتهمتها بارتكاب «جرائم» خلال الحرب طاولت عشرات من نشطائها ومدنيين.
وعبّرت الحكومة المقالة، عبر بيان تلاه المتحدث باسمها، طاهر النونو، عن رفضها «لأي خروج على القانون من أي جهة كانت»، متوعّداً بمحاسبة «أي مجموعة أو شخص يخرق القانون والنظام العام مهما كان انتماؤه التنظيمي». وأكّدت أنه «لا علاقة لها أو لأيّ من أجهزتها الأمنية والشرطية بأي حوادث اعتداء، وأنّها فتحت تحقيقاً في كل الحوادث السابقة».
وأشارت الحكومة إلى أنها «تفرق بين أي تجاوزات للقانون وما قامت به المقاومة لحماية نفسها من خطر العملاء في وقت الحرب»، مؤكّدةً أنه «لن تأخذها شفقة أو رحمة بالعملاء وستتم محاسبتهم وفق القانون». ودعت «أي مواطن يتم الاعتداء عليه لأن لا يتردّد في تقديم شكوى فورية» للجهات المختصة.
وقال النونو، ردّاً على أسئلة الصحافيين، إن «التصعيد الإسرائيلي له غايتان، العملية الانتخابية ومحاولة كسب الرأي العام الإسرائيلي، والآخر الضغط على الحكومة كي تقدّم تنازلات مقابل التهدئة»، مؤكّداً أن «ما رفضته الحكومة قبل الحرب وأثنائها لن تقبله الآن». ودحض النونو ادّعاءات الاحتلال باستمرار سقوط الصواريخ الفلسطينية واتخاذها ذريعة للتصعيد. وقال «لم نسمع عن إطلاق صواريخ إلا من الاحتلال، وبالرغم مما قيل عن أن كتائب الأقصى تبنّت القصف، فإن مواقع فتح نفت الأمر».
وتعقيباً على تصريحات الرئيس محمود عباس في خصوص رفض الحوار واشتراطه اعتراف حركة «حماس» بمنظمة التحرير، وصف النونو أبو مازن بأنه «منتهي الولاية يعيش أسوأ فترات حياته، وخصوصاً بعد انتهاء ولايته وفشله في تطبيق برنامجه السياسي، إذ شهدت ولايته الانقسام الداخلي والحروب الإسرائيلية على شعبنا وأنه أول مسؤول فلسطيني يصف المقاومة بالحقيرة».
في المقابل، شنّ القيادي في حركة «فتح»، زياد أبو عين، هجوماً على «حماس»، واتهمها بارتكاب «جرائم» ضدّ «الوطنيين» ومختلف القوى والفصائل على الساحة الفلسطينية وخصوصاً كوادر وقيادات والأسرى المحرّرين من حركة «فتح» في غزة خلال فترة العدوان.
ووزّع أبو عين بياناً أرفق فيه قائمة تضم عشرات الأسماء لمواطنين، قال إنّهم تعرّضوا للقتل وإطلاق النار على أطرافهم، والتعذيب على يد عناصر من «حماس» والأجهزة الأمنية التابعة لها. وطالب «جامعة الدول العربية بإرسال فريق لتقصّي الحقيقة وملاحقة القتلة».
ورصدت مؤسسات حقوقية فلسطينية 27 حادثة قتل خلال الحرب، وفي الأسبوعين اللذين أعقبا قرار وقف إطلاق النار في 18 من الشهر الماضي.