من ضمن ما حملته انتخابات المحافظات العراقية من مفاجآت، خسارة اللوائح الثلاث الكبيرة في محافظة كربلاء. لا الصدريون ولا «المجلسيون» ولا «الدعويّون» فازوا، بل لائحة يوسف الحبوبي، الوافد من النجف، والموظف في النظام البعثي السابقلا يزال فوز يوسف الحبوبي في انتخابات مجلس محافظة كربلاء، وتفوّقه على القوائم الكبيرة، يلقي بظلاله على المدينة، في ظل اتهامات تطلقها أوساط سياسية بشأن ارتباطاته بحزب «البعث العربي الاشتراكي» المنحلّ.
وقد مثّل فوز الحبوبي، وهو مرشح مستقل سبق أن تقلّد مناصب رفيعة المستوى خلال النظام السابق ولا ينتمي إلى أي من الأحزاب الدينية، مفاجأة كبيرة في كربلاء، معقل المرجعيات الدينية، وأبرزهم السيد علي السيستاني، ومركز ثقل شعبية رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يتحدّر من إحدى القرى التابعة لهذه المحافظة.
ورداً على اتهامه بأنه بعثي، قال الحبوبي لوكالة «فرانس برس، «من يتهمني بأنني بعثي، فهو يريد خلق فجوة بيني وبين أبناء كربلاء. والكل يعرف أن كلّ من عمل إبّان الحكم السابق متهم بأنه بعثي».
وعن الحملة التي يشنّها البعض عليه على خلفية انتمائه السياسي، أوضح الحبوبي أن «ردود الفعل المناوئة، وهي أصوات قليلة، لا تمثّل أبناء كربلاء، بل الذين خسروا في الانتخابات». وجزم بأنّ «كربلاء تريدني، وكما في السابق، لم يستطع النظام السابق إقصائي عن منصبي على اعتبار أنني لم أكن بعثياً. كنت إدارياً، أريد خدمة الناس، لم أكن حزبياً أعمل في خدمة الحزب، حتى الآن لم أنضم إلى أي حزب».
ومنذ انتخابات يوم السبت، تسري أخبار مفادها أنّ الحبوبي «بعثي سابق فاز بدعم من حزب العودة»، وهو التنظيم السري الذي يقوده نائب الرئيس الأسبق عزة إبراهيم الدوري، ويضمّ كوادر بعثيّة.
وعن ابتعاده عن مزاولة عمله حالياً، يوضح الحبوبي «لا يمكن أن أظهر بصفة عضو مجلس وأن أمارس أي عمل تحت هذا العنوان، حتى إعلان النتائج رسمياً وصدور أوامر إدارية واضحة بعد تصديق كلّ الجهات ذات العلاقة بالشأن الانتخابي». وعن قراره المشاركة في الانتخابات، يشير الحبوبي إلى أنّه حسم أمره في هذا الشأن «تحت ضغوط من الناس، وخصوصاً الطبقات الفقيرة، لأنهم يقدّرونني لكوني قمت بخدمتهم طيلة حياتي الوظيفية، وأسهمت بإعمار كربلاء بعد تعرّضها للتدمير إبّان أحداث عام 1991»، في إشارة إلى الانتفاضة الشيعية ضد حكم الرئيس الراحل صدام حسين. وعدّد الحبوبي بعض «إنجازاته»، في مقدّمها «بناء المراقد المقدسة وترميم أضرحة آل البيت، وبينهم إسماعيل أحد أولاد الإمام الكاظم».
وفي شأن ردة فعله إزاء فوز لائحته، لفت إلى أن هذا الفوز «لم يكن مفاجئاً، لأنني أعرف موقعي بين أبناء كربلاء قبل سقوط النظام وبعده»، مذكّراً بأنه قام قبل سقوط النظام «بحملة لتنظيف المدينة، وأعدت العمل بمشاريع المياه» فيها.
وينحدر يوسف مجيد هادي الحبوبي من عائلة شيعية بارزة في الفرات الأوسط، وهو من مواليد عام 1947 في النجف، غير البعيدة عن كربلاء التي سكن فيها منذ وقت طويل.
وتخرّج الحبوبي في كلية الحقوق وتقلّد عدة مناصب، بدأها مديراً لناحية الحر ثم ناحية الحسينية قبل تعيينه قائمّقاماً لقضاء عين التمر في كربلاء إبّان التسعينيات.
كذلك تولّى منصب قائمّقام ناحية الكحلاء في محافظة ميسان، ثم عاد إلى كربلاء قائمّقاماً قبل تعيينه نائباً للمحافظ قبل سقوط النظام السابق.
وفي ما يشبه الاعتراف بالخسارة الكربلائية، رأى الممثّل السياسي للتيار الصدري في المحافظة طالب الكريطي، أن «الجهات السياسية (في كربلاء) تلقّت درساً بالغاً جداً من الناخبين، أن ليس كل من يعمل في السياسة ينجح في تجسيد شعاراته على أرض الواقع، حتى لو كان ذا صلة بما يقدّسه الناس».
(أ ف ب)