هآرتس ــ موشيه آرنسقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، إن من الواجب معرفة «لحظة الدخول وتوقيت الخروج». إلا أن الجيش تلقّى التعليمات بالدخول بصورة متأخرة جداً، بعدما أصابت مئات الصواريخ التجمّعات السكانية في الجنوب. وتلقّى التعليمات بالانسحاب من هناك قبل إنهاء المهمة. هذه فرصة تم تضييعها.
عندما هددت ليفني بالقول إن الجيش سيتلقى الأوامر بالدخول إلى القطاع مرة أخرى، إذا تجددت الهجمات، أظهرت بذلك قلة تجربتها في مثل هذه المسائل عندما اعتقدت أن بإمكان الجيش أن يشنّ عملية «رصاص مصهور» في كل أسبوع. ولكن كان على وزير الدفاع إيهود باراك أن يبدي تفهّماً أكبر في هذا المضمار عندما قال بعد ثلاثة أسابيع من العملية، إنها «استنفدت ذاتها ولا سبب لإبقاء الجيش في القطاع».
باراك وليفني كانا متفقين حول الاستنتاج بأن «حماس» قد تعلمت الدرس، وأن الثمن المترتب على العمليات الإرهابية السابقة قد تحدد. يتضح الآن أن قادة «حماس» قد درسوا في دفتر حسابات آخر، وباتت عملياتهم الإرهابية ترتكز على اعتبارات أخرى. على باراك وليفني أن يتعلّما الدرس: من الممكن إخافة دولة رسمية من أعمال عدائية، إلا أن إخافة الإرهابيين هي مسألة مغايرة تماماً.
قدرة مصر وسوريا كانت معروفة جيداً في حرب يوم الغفران، إلا أن الاستخبارات أخطأت في تقدير نياتهما وفهمها. هذا الخطأ يصبح أشد خطورة عندما يعرب العدو عن نياته علانية ـــــ السادات فعل ذلك ـــــ ولكنهم لا يهتمون بها.
هذا الخطأ يتكرر الآن مع «حماس». هي تقول إن هدفها هو إبادة إسرائيل، وقدرتها الصاروخية معروفة. ولكن بدلاً من الطلب من الجيش القضاء على هذه القدرات، أقنع باراك وليفني نفسيهما بأن عملية الجيش غير المكتملة في غزة ستدفع «حماس» إلى تغيير أهدافها ونياتها والاستخلاص بأن عليها أن تتجنب العمليات ضد إسرائيل.
من الواضح أن تحديد هدف عملية «الرصاص المصهور»، تم بالأساس وفقاً لاعتبارات سياسية. هدف «تغيير الوضع الأمني في الجنوب» المُبهم، جعل وزراء الحكومة يعتقدون أنهم قد وجدوا الصيغة التي تمكّنهم في آخر المطاف من الادعّاء بأن العملية قد حقّقت أهدافها. من الواضح أن هذا التغيير قد حدث. ولكن بما أن قدرات «حماس» الصاروخية لم تدمّر، فقد «بقي سكان الجنوب تحت رحمة الإرهابيين وحسن نياتهم».
القضاء على قدرة «حماس» الصاروخية كان قابلاً للتحقيق. الوضع الأساسي لم يتغير اليوم ولن يتغير إثر وقف إطلاق النار المقبل. ومثلما حدث سابقاً، ستزوَّد «حماس» بالسلاح استعداداً للجولة المقبلة، بينما سيبقى مواطنو الجنوب في ظل الخوف الدائم من صافرات الإنذار.