تواطؤ سياسي». هكذا برّرت «حماس» مصادرتها لمواد غذائية كانت تنقلها وكالة غوث اللاجئين، «الأونروا»، إلى قطاع غزة، بعدما علّقت الأخيرة عملها أمس، لتخفّف الحركة الإسلاميّة من تصعيدها، معلنة وجود «خطأ تقني»
غزّة ــ قيس صفدي
لم يحُل مصاب أهالي قطاع غزة من نقص في الغذاء وأساسيات العيش، وخصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية، من حدوث مناكفات بين وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وحكومة «حماس»، وصلت أمس إلى حدّ تعليق الأولى إدخال المساعدات إلى القطاع بعد مصادرة الحركة الإسلامية عشر شاحنات من الدقيق والأرزّ. تبرير «حماس» الأوّلي جاء من خلال اتهام «الأونروا» بالتواطؤ مع حركة «فتح» وتسليمها المواد الغذائية بهدف سياسي، لتتراجع وتعزو عملية المصادرة إلى خطأ «تقني».
وأعلن المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، أن «ما حدث اليوم (مصادرة الشاحنات العشر) كان أنه تمّ تحميل البضائع بشكل خاطئ لعدم وجود مندوب لحكومة غزة في المعبر، فلم يفرّق السائقون بضائع الحكومة من بضائع الوكالة»، مضيفاً «بمجرد أن وصل الأمر إلى وزير الشؤون الاجتماعية، أحمد الكرد، أمر الجهات المختصة بحل المشكلة بالتفاهم، وإذا تم التأكد بأن البضائع للوكالة أن تردّ لهم ثانية».
لكن القصة قد تكون أكبر من مجرّد «خطأ تقني»، فقد اتّهم مصدر مسؤول في حكومة «حماس»، رفض الكشف عن اسمه، «الأونروا» بمخالفة التقاليد التي تميز عملها منذ تأسيسها، واتخاذها منحىً سياسياً في توزيع المساعدات الإنسانية على سكان قطاع غزة. وكشف لـ«الأخبار» عن «تواطؤ مستويات مسؤولة في الأونروا من خلال منح مساعدات ومواد إنسانية لحركة فتح، من دون وجه حق». وأضاف أن «سياسة الأونروا المعتادة تقوم على توزيع المساعدات الإنسانية على اللاجئين فقط وعبر موظفيها ومراكز التموين التابعة لها والمنتشرة في جميع مخيمات القطاع، غير أنها عملت خلال الحرب على غزة على التعاون مع أشخاص من فتح، غير مكترثة بتحذير الحكومة».
وشهدت الأيام الماضية جدالاً حادّاً بين الحكومة و«الأونروا»، على خلفيّة اتهام الوكالة الدولية لعناصر من شرطة «حماس» بالاستيلاء على كمية من المساعدات الإنسانية من مخزن تابع لها في مخيم الشاطئ للاجئين. إلا أن المصدر نفى ذلك بشدة، قائلاً «أتحدى الأونروا أن تفصح عن طبيعة المخزن»، معلناً في الوقت نفسه أن «الشرطة صادرت مساعدات إنسانية من مخزن يتبع لأحد عناصر فتح من عائلة بكر، يتم توزيعها من دون أيّ ملصق يوضح مصدرها».
وأشار المصدر إلى أن «ثلاثة عناصر من فتح شكّلوا لجنة مهمتها توزيع مساعدات يحصلون عليها من الأونروا سرّاً، وبطرق تثير الشبهات، إذ تخرج شاحنات محمّلة بالمساعدات ليلاً من مخازن تتبع لوكالة غوث اللاجئين، من دون علم الأمم المتحدة أو أي إشارة تدلّ عليها كما جرت العادة، وتفرغ حمولتها في مخازن تتبع لفتح، ومن ثم يتمّ رفع ملصقات الأونروا والجهات الداعمة، وتوزيعها مساعدات فتحاوية». وأكد أن الحكومة «حذّرت الأونروا غير مرة، وطالبتها بتوضيح الأمر والتوقف عن ذلك لكن من دون جدوى، حتى إن مديرها العام، جون غينج، رفض اللقاء مع لجنة ثلاثية تمثل الحكومة وتضم وزير الصحة باسم نعيم، ووزير الشؤون الاجتماعية أحمد الكرد، والقيادي في حماس، غازي حمد، للوصول إلى حل للخلاف. والحجة هي أن مستواه ومنصبه يفرضان عليه أن يلتقي رئيس الحكومة إسماعيل هنية».
وأضاف المصدر نفسه أن «الحكومة رفضت لاحقاً طلباً من غينج للقاء اللجنة أو ممثلين عن الحكومة»، لافتاً إلى أنها «أصرّت على لقاء المفوّض العام للأونروا، كارين أبو زيد، لوضعها في صورة ما حدث». ومن المقرر أن يلتقي وفد الحكومة أبو زيد بمجرد وصولها إلى غزة قادمة من مدينة القدس يوم غد.
وصبّ المصدر جام غضبه على سلطة رام الله، متهّماً إياها بافتعال الأزمة، وقال إن «الأزمة بدأت عندما تدخّل وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة رام الله، محمود الهباش، الذي انتقل خلال الحرب للإقامة في العريش، وطلب منهم وقف إدخال المواد الغذائية عن طريق معبر رفح الحدودي خلال الحرب». وقال إن «الحكومة تسلّمت المواد الغذائية فعلاً لأيام عن طريق معبر رفح، لكنها لم تستطع تسلّمها عندما استجابت مصر لطلب الهباش وحوّلتها إلى معبر العوجا الإسرائيلي، فتم الاتفاق مع الأونروا على أن تتسلّم جميع المساعدات الواردة عن طريق هذا المعبر، فتأخذ ما لها وتسلّم الحكومة ما لها من مساعدات، فوافقت واستمر الاتفاق بضعة أيام، قبل أن يتدخل الهباش وسلطة رام الله مجدداً».
وتابع المصدر أن «الحكومة فوجئت بأن المساعدات أصبحت تذهب إلى عناصر ومؤسسات من فتح»، قائلاً إن «أجهزة الأمن اكتشفت ضياع كميات كبيرة منها جرّاء بيعها في السوق». وكشف أن «الحكومة تعتقل حالياً ثلاثة سائقين بتهمة بيع المساعدات الإنسانية خلال الحرب»، موضحاً أن «سلطة رام الله استأجرت مخازن في الجانب الإسرائيلي قرب معبر العوجا، لتخزين المساعدات الإنسانية، وتقدر الحمولة بمئات الشاحنات».


الـ 9 ملايين دولار من «الإخوان»!قال عاكف لـ«الأخبار»: مصدر هذه الأموال مصر وكرماؤها، متمنياً «لو كان مصدرها هو الحكومة المصرية نفسها».
وقال مسؤول مصري إن القضية عرضت لاحقاً على مكتب الرئيس المصري حسني مبارك الذي أوعز إلى رئيس حكومته الدكتور أحمد نظيف بالتعامل معها وفقاً للمقتضيات الرسمية، لكن لم يعرف بعد فحوى القرار النهائي الرسمي.
وكان فريق أمني قد رافق القيادي في «حماس»، أيمن طه، إلى البنك الأهلي بمدينة العريش لإيداع مبلغ الـ 9 ملايين دولار، التي وجدت معه، قبل أن يسمح له بالدخول إلى غزّة.
إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن «صاروخين أطلقا من قطاع غزة سقطا في جنوب إسرائيل»، أمس، من دون وقوع إصابات أو أضرار. وحذّر متحدث باسم رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، مارك ريغيف، من أن «حماس تلعب بالنار باستمرار إطلاق الصواريخ»، قائلاً «يبدو أن حماس تقوّض عمداً أيّ فرصة ليسود الهدوء في الجنوب. إنهم يلعبون بالنار».
وتحمّل إسرائيل «حماس» عادة مسؤولية كل الهجمات التي تشن من غزة، لكن المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا بأن فصائل أصغر هي المسؤولة عن الهجمات الصاروخية الأخيرة. وتحاول مصر التوصل خلال أيام إلى وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، اللتين ترفضان الدخول في محادثات مباشرة.