يعمل منذ 14 عاماً خارج القانون... وتحت أمرة الأحزابأيمن فاضل
يتذكر أصحاب محطات توزيع القنوات الفضائية غير القانونيين، أن بداية تكوين «القطاع» كانت في عام 1996، حين بدأت حملة الدولة اللبنانية لمنع بث المحطات التلفزيونية والإذاعية اللبنانية غير المرخّصة، حيث بقيت أربع محطات فقط متاحة أمام المشاهد اللبناني، فيما كانت الكلفة المرتفعة للحصول على دشّ خاص التي تصل إلى 3000 دولار، وكلفة الحصول على محطات (show time وorbit وart) مرتفعة (حوالى 200 دولار شهرياً). وهنا بدأت فكرة «اشتراك الستلايت» تتبلور، وبدأ أصحاب المحطات يوزعون بث القنوات الفضائية في مقابل بدل شهري زهيد، ولكون عملهم غير قانوني، تأسّس في عام 1998 «تجمّع أصحاب الدش في لبنان»، الذي أرسى اتفاقات ضمنية بين أصحاب المحطات، من ضمنها اتفاقيات شفهية بتحديد بدل الاشتراك الشهري بـ 10 دولارات، وتحديد نطاق عمل الموزّعين... إلا أن القطاع شهد أزمتين بعد انطلاقته الكبيرة، حيث انخفض الطلب على الاشتراكات بطريقة دراماتيكية بعد انخفاض أسعار الصحون اللاقطة ليصل اليوم إلى 50 دولاراً، ما دفع أصحاب محطات الدش إلى الاعتماد على مقدرتهم في فك تشفير المحطات الفضائية واستيراد معدّات تسمح لهم بهذه العملية موفرين «خدمة نوعية». وقد فتح تطور مقدرات أصحاب محطات الاشتراك أعين المحطات الفضائية على «السرقة» الحاصلة في لبنان، فجاءت الأزمة الثانية التي دفعت أصحاب القنوات الفضائية إلى المطالبة بحقوقهم وملاحقة أصحاب محطات إعادة البث أمام القانون، وفق اتفاقيات حقوق البث والملكية الفكرية وغيرها التي وقّعها لبنان...

مطلب منذ 11 عاماً

القطاع الذي خلقته فوضى الرقابة في لبنان، وعززه تناتش الأحزاب السياسية والمحسوبيات في السيطرة على مورد أموال كبير يغطي مساحة لبنان، وحصّنته الأسعار الضخمة التي تفرضها القنوات الفضائية على المشتركين للحصول على حق مشاهدتها، أصبح يطالب بالاعتراف به قطاعاً شرعياً. وبدأ العمل على التفاوض مع الحكومات المتعاقبة لإصدار قانون يقونن عمل محطات إعادة البث، إلا أن وزارة الاتصالات المعنية بموضوع الترددات والموجات، ووزارة والإعلام المعنية بموضوع التنظيم والإدارة، والاقتصاد المعنية بحقوق البث وحقوق أصحاب القنوات الفضائية، والداخلية والبلديات التي ترعى تنظيم استخدام الممتلكات العامة من أصحاب المحطات، إضافة إلى وزارة المال، كانت غائبة عن سمع الرقابة من جهة، وعن مشهد قطاع خارج عن القانون أصبح يفرض نفسه ضمن الحلقة الاقتصادية في لبنان. ويقول رئيس نقابة أصحاب محطات الكابل (الدش) في ضاحية بيروت الجنوبية فضل حدرج، إن الوضع السياسي الداخلي مؤاتٍ للعمل على أصدار قانون تنظيمي «نطالب به منذ تأسيس التجمع في عام 1998 لضمان حقوق الدولة والشركات، حيث تقدمنا إلى وزارة الاتصالات بمشروع قانون وطلب ترخيص، ونسّقنا مع النائب ناصر قنديل في لجنة الإعلام النيابية، وسعينا إلى إصدار قانون ينظّم عملنا، لكن اغتيال الرئيس رفيق الحريري جمّد مساعينا، فلم يصدر أي قانون، وكان طرحنا وما زال أن تحصّل الدولة 1000 ليرة عن كل مشترك شهرياً»، وهو ما يؤدي إلى حصولها على 400 مليون ليرة شهرياً، على اعتبار أن هناك 400 ألف مشترك، ما يوفّر مدخولاً سنوياً ثابتاً للخزينة يبلغ 4 مليارات و800 مليون ليرة تقريباً.
فيما يقول وزير الإعلام طارق متري لـ«الأخبار» إنه يوجد فراغ تشريعي يمنع تنظيم القطاع، مشيراً إلى أن قانون البث التلفزيوني والإذاعي رقم 382 الصادر في عام 1994 يتحدث عن تأسيس المؤسسات ولا يشمل الحديث عن نشاط الكوابل التلفزيونية، مشيراً إلى أنه لم يتلقّ طلباً من أي وزارة لبحث الوضع، وأنه إذا قرر الدخول طرفاً في الموضوع، فإنه سيبحث عن «مدخل قانوني يكون بتعديل قانون البث».
فيما لفت مصدر في وزارة الإعلام أن الوزارة بدأت الاستماع إلى آراء الجهات المعنية للوصول إلى حل يرضي الجميع ويحفظ حقوقهم وحقوق الخزينة العامة. لكن لا يبدو أن الطريق معبّدة، وخصوصاً أن العمل لا يزال في طور جمع المعلومات.
أما رئيس جمعية المستهلك زهير برو، فيرى أن الدولة لا تتدخّل إلاّ لحماية القنوات الفضائية، ولا تهتم بالفروق الضخمة في الأسعار بين المناطق،
وتتناسى ضرورة تنظيم القطاع.

مشاركة «قوى الأمر الواقع»!

القطاع الذي يغطّي اليوم 90 في المئة من الأراضي اللبنانية، تعتاش منه وفق حدرج 20 ألف عائلة (بين محطات رئيسية وفرعية وموظّفين ومستوردي المعدات والتجّار) ، وأشار إلى إحصاءات أجرتها قوى الأمن الداخلي أظهرت وجود أكثر من 700 محطة عاملة في لبنان، لكن التخوّف الفعلي لدى أصحاب محطات الدش هو من محاولات إزاحتهم وبيع القطاع لشركة احتكارية واحدة، مذكّرين بمساعٍ سابقة لتنصيب شركة eco-net محتكرةً حصرية لإعادة البث، وهو ما يراه فؤاد، وهو صاحب محطة في منطقة خندق الغميق، غير منصف البتّة، فبعدما أسّسنا قطاعاً أثبت نجاحه يُسلّم لشركة أجنبية واحدة على «طبق من ذهب».
أما عدنان شمص، وهو صاحب محطّة في منطقة البقاع، فيذكّر باجتماع مع رئيس مجلس النوّاب نبيه بريّ قال لهم خلاله: «اذهبوا واعملوا، وعندما يأتون لاحتكار القطاع طالبوا بتعويضات ضخمة»، وهو ما أشار إليه حدرج، قائلاً إن «بري وقف إلى جانبنا ومنع توجيه القطاع نحو الاحتكار».
ويشير العديد من أصحاب محطات الدش إلى أن «سياسيين اقتسموا معنا المحطة ووفّروا لنا غطاءً لنعمل، وعلى الرغم من أن أرباحنا جيّدة، لكنهم يشاركوننا في مشروعنا وعرقنا». ويقولون إن هذا الحال ليس حكراً على منطقة واحدة، إذ تُبرم عقود بين قوى الأمر الواقع والمستثمر قسراً في معظم المناطق، لتوفير التغطية السياسية وضمان عدم إغلاق المحطات! وهذا الواقع جعل من المستحيل دخول استثمارات جديدة في القطاع منذ حوالى 7 سنوات، والسبب يعود بحسب أحد الذين حاولوا دخول المنافسة إلى أن «القطاع محكوم من «قبضايات» المناطق، والمدعومين سياسياً».


2100 دولار

هي الكلفة التي يدفعها صاحب محطة في الخندق الغميق، لإعادة بث قنوات artوshowtime، كل 6 أشهر، فيما تحصل الـ orbit وحدها على 28 ألف دولار سنوياً.


5000 دولار

كانت أرباح المحطة التي توزّع لـ 800 مشترك، لكنها تدنّت إلى 2000 دولار نتيجة حصول القنوات على حقوقها وتسجيل المؤسسات في وزارة المال

«تفاهمات شرف»!


عاش القطاع منذ عام 2000 نزاعات قانونية بين أصحاب محطات الدش والقنوات الفضائية (orbit وart وshowtime)، لكن حدرج يشير إلى انتهاء هذه الدعاوى، لافتاً إلى أن الشركات نقضت كثيراً «تفاهمات الشرف» التي تنص على السماح بإعادة البث مقابل مبالغ مالية، مؤكداً أنه يجري اليوم التواصل مع الشركات حتى «نتلافى المحاكم».