هو ببساطة زمن من يتطرّف عنصرياً أكثر في إسرائيل. انتخابات يوم غد ستضع ما يوصَف بأنه يسار ويسار وسط، أمام أزمته الوجودية. «العمل» في الحضيض، بينما يأمل «كديما» خطف فوز صعب
يحيى دبوق
يتألّف معسكر اليسار والوسط في إسرائيل، من ثلاثة أحزاب: «كديما»، و«العمل» و«ميرتس». جميعها تخوض الانتخابات في ظل عدم القدرة على تثمير كامل للعدوان على غزة، إذ تُجمع كل الاستطلاعات على عجز هذه الأحزاب مجتمعة عن تأليف حكومة منفردة، حتى وإن تمكّن «كديما» من تحقيق فوز طفيف، على حزب «الليكود». فما هي أبرز مشاريع هذه الأحزاب الثلاثة، وكيف تأسّست؟

«كديما»

أسّسه رئيس الحكومة السابق، أرييل شارون، عام 2005، بعد انشقاقه عن «الليكود»، بهدف تمرير خطة الانفصال الأحادي الجانب عن غزة. وبعد دخول شارون في غيبوبة، قاد الحزب رئيس الحكومة الحالي إيهود أولمرت، حتى استقال قبل أشهر إثر فضيحة فساد، وحلّت مكانه وزيرة خارجيته تسيبي ليفني، التي تقود «كديما» في الانتخابات الحالية، بعدما أخفقت في تأليف حكومة ائتلافية.
وكرّس «كديما» مبدأ الوسط في دولة الاحتلال. وفي ظل قيادة ليفني، يفضّل الحزب تسوية مع الفلسطينيين والعرب عموماً، في ظل «لاءات» أقل تطرفاً من اليمين الإسرائيلي، وأكثر يمينية من اليسار، إلا أنّها في معظمها، تحمل «تنازلات» شكلية شبه فارغة من المضمون. ولا يرتكز الحزب على أسس عقائدية تاريخية، لكنه يدنو من مواقف هي أقرب إلى اليمين الإسرائيلي.
وتظهر آخر استطلاعات الرأي أنّ التنافس الأساسي في الانتخابات، سيكون بين «الليكود» و«كديما»، ويدور حول كسب أكبر عدد من المقاعد، وبالتالي خطف حقّ تأليف حكومة جديدة. وتشير الاستطلاعات إلى أن «كديما» سيحصل على 25 مقعداً، في مقابل 27 لـ«الليكود».

«العمل»

يخوض حزب «العمل» المعركة الانتخابية في ظل تراجع تاريخي ملحوظ في دوره وحضوره، وفي مرحلة تعدّ من الأسوأ منذ تأسيسه، بعدما فقد هويته التي ميّزته عن غيره من التيارات، وتحديداً اليمين، وتراجع دوره كمشروع بديل للطروحات اليمينية المهيمنة حالياً. ورغم أنّ انحدار الحزب ليس جديداً، وبدأ في أعقاب نتائج انتخابات عام 1977، بعدما كان الأقوى منذ تأسّست الدولة العبرية، فإنّ وتيرة تراجعه وانحسار دوره ومكانته، تسارعت في أعقاب فشل قمة «كامب ديفيد» الثانية عام 2000، التي تعثّر خلالها في تحريك التسوية مع الفلسطينيين.
وتعود جذور تراجع «العمل» إلى عوامل عديدة، وفي مقدمتها فقدانه القيادة الكاريزماتية، وانتهاء دوره بديلاً لليمين.
وكان عدوان «الرصاص المصهور»، «الحدث» المنقذ للحزب من السقوط المدوّي الذي تنبأت به استطلاعات الرأي. وبحسب التقديرات، فإنّ حزب إيهود باراك كان سينافس على المكانة الخامسة أو السادسة في الانتخابات، لو لم يقع العدوان الذي أعاده إلى المرتبة الرابعة، خلف حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف. ويُتوقّع أن يحصد «العمل» في انتخابات يوم غد، 14 مقعداً، بينما يمثّل اليوم في البرلمان بـ19 نائباً.

«ميرتس»

تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ هذا الحزب اليساري لن يشهد تراجعاً في حجم تمثيله البالغ خمسة مقاعد، بل سيشهد زيادة طفيفة لتصل مقاعده إلى ستة. ورغم ذلك، يعبّر عدد من الشخصيات الأساسية في الحزب، عن خيبة أملهم من التوقعات الكبيرة التي جرت المراهنة عليها سابقاً، في أعقاب انضمام شخصيات يسارية معروفة إلى صفوف الحزب.
ويُنظَر إلى «ميرتس» على أنه حزب يساري رديف، يدفع باتجاه التسوية مع الفلسطينيين وسوريا.