strong>فلسطينيّو 48 يواجهون حملات ليبرمان... ويخشون تدني نسبة التصويتتخشى الأحزاب العربيّة انخفاض نسبة التصويت خلال عملية الاقتراع التي تجري غداً، في أعقاب يأس يتسلل إلى نفوس الناس بعد العدوان على غزة، بينما يتخذ زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، التحريض على فلسطينيي 48 دعاية انتخابية أكثر من أي وقت مضى. دعاية تبدو مربحة حتى هذه الساعة

فراس خطيب
الانتخابات الإسرائيلية تتخذ شكلاً آخر لدى فلسطينيي 48. إنّ من يطوف القرى والمدن العربية، قد يجد ملصقاتٍ وأجواءً انتخابيةً؛ وقد أفرز «الواقع الإلكتروني» على الشبكة نقاشات حادةً بين داعمي الأحزاب. لكنَّ الحال العامة تبدو باهتة للغاية، والمشاهد الواقعية تبدو أقلّ حدّة وأشدّ فقراً. صورة غزة لا تزال عالقة بالأذهان، وتعبّر، أكثر من أي وقتٍ مضى، عن واقع فلسطيني أتعبته الحكايات القاهرة. إنَّها وجبة السّم الصباحية لكل من يراها، لتكرّس في نفس الفلسطيني حالة الإحباط، وقد تخلق شعوراً بأنَّ «صوته لن يؤثّر». وغزة ليست وحدها، سبقتها حرب لبنان الثانية وسقوط بغداد والسور الواقي والانتفاضة الأولى. كلّها أحداث تركت أثراً، يلخصه شاب فلسطيني بقوله «أمام كل هذه المشاهد والذكريات، أرى أنَّ الذهاب إلى الصندوق أمر في غاية السخافة».
وفي خضّم الحملات الانتخابيّة البرلمانية، انقشع القناع الإسرائيلي، وبات الوجه الحقيقي واضحاً حين يأمر قادة الدولة العبرية باستعمال كل أنواع الدمار ضد الفلسطينيين لكسب بضعة آلاف من الأصوات. لم يعد هذا اتهاماً فلسطينياً بمقدار ما صار حقيقة وواقعاً أثناء الحملة على غزة، لأنَّ العدوان صار مفتاحاً للاستطلاعات، على شاكلة «منذ بدء العدوان، ارتفاع في شعبية (إيهود) باراك» وما شابه من عناوين تبرهن بما لا يقبل التأويل، أنَّ الحملات العسكرية الإسرائيلية ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع الانتخابات.
وفي ظل صفحات التاريخ التي تعود بنفسها ومآسيها على الشعب الفلسطيني، تحمل بعض الحركات العربية في أراضي فلسطين 48 شعار المقاطعة، وفي مقدمتها حركة أبناء البلد، التي تقاطع تاريخياً انتخابات الكنيست وتخوض الآن حملة لـ«عدم التصويت». لكنَّ انخفاض نسبة التصويت لا يعني بالضرورة نجاح حملات المقاطعة التي كانت موجودة دائماً، بل هي نابعة من حال عامة، ومن اليأس والمعطيات مجتمعة، التي تؤثر سلباً على نفوس المصوتين. وبالتالي، فإنّ تجاوز نسبة الحسم، وهي 2 في المئة من أعداد المصوتين، مهمة صعبة في مثل هذه الحالة، وتمثّل معضلة حقيقيّة للأحزاب العربيّة.

الخريطة الحزبية العربية

على الساحة الفلسطينية في الداخل ثلاثة تيارات مركزية. التجمع الوطني الديموقراطي، والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة (التي تضم الحزب الشيوعي الإسرائيلي)، والقائمة العربية الموحدة، المكونّة من ثلاثة أحزاب، في مركزها الحركة الإسلامية الجنوبية، والحزب الديموقراطي العربي، والحركة العربية للتغيير.
لقد طرأ تغيير ملحوظ على قائمة التجمع الوطني الديموقراطي مقارنة في القائمة الانتخابية لعام 2006. مؤسس الحزب وقائده عزمي بشارة، وفي أعقاب ملاحقته سياسياً ومنفاه القسري، لن يكون حاضراً في القائمة الانتخابية، التي حصّن فيها، في خطوة غير مسبوقة في الأحزاب العربية، المكان الثالث للمرأة. وتغيرت تركيبة القائمة، التي يترأسها اليوم جمال زحالقة، ويليه سعيد نفاع، وفي المكان الثالث حنين زعبي.
ويشدّد الأمين العام لـ«التجمع»، عوض عبد الفتاح، على «أن مواقف التجمع الوطني الديموقراطي الوطنية والواضحة، وآخرها أثناء الحرب على غزة، أكدت أن خطاب التجمع ورفضه للمفاوضات العبثية ومؤتمر أنابوليس كانت محقة وأثبتت الأيام أن موقف التجمع كان على مستوى عالٍ من المسؤولية ومن الصحة».
تركيبة القوائم الأخرى لم تتغيّر، وبقيت تقريباً كما هي: الجبهة الديموقراطية حافظت على تركيبة القائمة العربية ـــــ اليهودية، وبقي رئيس الجبهة محمد بركة رئيساً، يليه النائب حنا سويد ودوف حنين. ويترأس القائمة العربية الموحدة إبراهيم صرصور (الإسلامية الجنوبية)، وفي المكان الثاني أحمد الطيبي (العربية للتغيير) وفي المكان الثالث طلب الصانع (الحزب العربي الديموقراطي).
وتحظى الأحزاب العربية في هذه الآونة بعشرة مقاعد في الكنيست (الجبهة 3، التجمع 3، الموحدة 4). استطلاعات الرأي تشير بغالبيتها تقريباً إلى حفاظ الأحزاب العربية على قوتها، لكن هناك الكثير من المعطيات التي لا تظهر مثل نسبة التصويت وما شابه، علماً بأنَّ الاستطلاعات المنشورة في الصحف العبرية لا تعكس بالضرورة توزيع المقاعد للأحزاب العربية، وخصوصاً أنَّ الاستطلاع يرتكز على عيّنة قليلة من فلسطينيي 48، فضلاً عن أن التقسيمة العائلية في القرى والمدن العربية، لا تؤخذ في الاعتبار.
المخاوف حقيقية من تراجع نسب التصويت الذي تعوّل عليه الأحزاب لمواجهة حملات التحريض، التي ازدادت في أعقاب العدوان على غزّة، إذ انعكست الصورة العدائية للفلسطينيين على أروقة الكنيست. الإجماع شبه الأعمى المؤيد للحرب، كان حاضراً على مستوى المسؤولين العبريين. وقد وجد اليمينيون المتطرفون، وعلى رأسهم أفيغدور ليبرمان، فرصة لهجوم غير مسبوق على النواب العرب وفلسطينيي الداخل.
واتخذ ليبرمان من مهاجمة فلسطينيي 48 دعايته الانتخابية التي يقودها تحت عنوان «لا مواطنة من دون ولاء». وتشير الاستطلاعات إلى أنَّ غالبية المؤيدين لليبرمان، يؤيدونه نتيجة موقفه العدائي لفلسطينيي 48.
وثمّة من يعتبره «وريث مائير كهانا»، الذي وصل إلى الكنيست الإسرائيلي تحت شعار «طرد العرب».

أصوات العرب

رغم ذلك، تسعى الأحزاب الصهيونية اليوم إلى كسب قدر المستطاع من أصوات فلسطينيي 48. وتطوف تسيبي ليفني مع «عرب كديما»، الشوارع الفلسطينية، متناسية أنها من أطلقت شعار أنَّ «الحل القومي» لفلسطينيي 48 سيكون في «مكان آخر».
وما يساعد الأحزاب الصهيونية في الحصول على أصوات فلسطينيي 48 هو ضمها لعدد من النشطاء العرب، ولا سيما في «كديما» و«العمل». وهناك أيضاً أصوات عربية (قليلة لكنها موجودة) تُمنح لليبرمان وحزبه. لكنَّ هناك أسباباً كثيرة لهذه الحالة، منها أنَّ جزءاً من عرب الداخل يحاول الانخراط في داخل المؤسسة الإسرائيلية، متنازلاً عن الدفاع عن هويته الفلسطينية والعربية.