في أول أيام ما بعد الانتخابات، خرجت الصحف العبرية بشبه إجماع على أنّ بنيامين نتنياهو يبقى الأقدر على تأليف حكومة مقبلة، رغم أنّ حزب تسيبي ليفني نال العدد الأكبر من مقاعد الكنيست يحيى دبوق
لم تستبعد معظم التحليلات الإسرائيلية، التي أبصرت النور أمس، أن يتمكّن رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو من الحصول على الدعم الكافي لتأليف الحكومة المقبلة، رغم أنه حلّ ثانياً في الانتخابات العامة، يسبقه «كديما».
وركّزت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على «معضلة تأليف الحكومة» والخيارات المتاحة أمام نتنياهو. ورأى كبير محلّليها ناحوم برنياع أنّ «المنتصرة هي (وزيرة الخارجية تسيبي) ليفني، لكنّ المفتاح بين يدي نتنياهو، لكونه يملك القدرة على تأليف حكومة من معسكر اليمين والأحزاب الدينية».
غير أنّ برنياع استدرك بأنّ هذه الحكومة الممكنة ليست تلك التي تمنّاها «بيبي»، الذي «لا يربط بقاء حكومته بأطماع (رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور) ليبرمان وحزب الوحدة الوطنية، لأن الحزبين سيفرضان على الحكومة الشلل السياسي، كما أنهما سيضرّان بالعلاقات مع الإدارة الأميركية».
وأمام هذه المعضلة، رأى برنياع أن «الخيار الآخر أمام نتنياهو هو تأليف حكومة وحدة وطنية تتركز على الليكود وكديما، ويكون هو رئيساً لها». وبالنسبة إلى ليفني، فإنّ هذا التصوّر لا يعطيها أكثر من حقيبتها الحالية، أي الخارجية، وتُعطى وزارة الدفاع لشاؤول موفاز. معطيات لا يلبث الكاتب نفسه أن يضربها عرض الحائط، بما أنّ «هذا السيناريو ليس عملياً، لأن كديما لن يرضى بهذا التوزيع، وستطالب ليفني بأن تترأس هي الحكومة العتيدة». وهنا خلص إلى الجزم بأنّ «الحل الأمثل هو في التناوب، سنتان لكل من ليفني ونتنياهو».
وفي السياق، أشار الموقع الإلكتروني لـ«يديعوت» إلى أنّ خيارات ليفني تبقى محدودة، بما أنه «من دون ليبرمان، لا حكومة برئاستها». لا بل أكثر من ذلك، فحتى مع انضمام ليبرمان، تبقى قدرة ليفني على تأليف حكومة «أمراً مشكوكاً فيه».
في المقابل، يبقى موقف نتنياهو «حرجاً»، بحسب الصحيفة نفسها، التي تعود لتلفت إلى أنّ خيارات الرجل «أكثر تنوّعاً». ولتأكيد حُكمها، تذكّر «يديعوت» بأنّ نتنياهو سبق أن تعهّد بالتحدث إلى حزبي «شاس» و«إسرائيل بيتنا»، قبل أي حزب آخر، علماً بأنّ هذين الحزبين يمكنهما دعم ائتلاف يرأسه «بيبي» بـ25 مقعداً، لكنّ ذلك كلّه سيكون غير كافٍ، إذ على رئيس «الليكود» أن يضمّ «كديما» أو «العمل» ليتمكن من الحكم، وفق تحليل الصحيفة.
وعلى الصعيد نفسه، أشار محلّل الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فرتير إلى أن «مهمة تأليف الحكومة العتيدة ستكون أسهل بالنسبة إلى نتنياهو، لأن ليفني ستجد صعوبة في تأليفها مع 44 عضواً (من معسكري الوسط واليسار)، بينما لرئيس الليكود القدرة على تأليفها من معسكر اليمين». وبالنسبة إلى فرتير، يمنح هذا السيناريو «كديما» إمكان الانضمام إلى الائتلاف «كي تكون الحكومة معتدلة، أو أن يبقى في المعارضة حتى تسقط الوزارة، وهو ما لن يستغرق وقتاً طويلاً».
من جهته، ربط محلّل الشؤون السياسية في «هآرتس» ألوف بن بين العدوان على قطاع غزة ونتائج الانتخابات، وأشار إلى أن الحرب «هي التي أسقطت نتنياهو بعدما راهنت حكومة إيهود أولمرت على أن الحرب ستعزز من صورتها، لأنها محت صدمة حرب لبنان الثانية». ولاحظ الصحافي كيف أنّ «الأجندة العامة في إسرائيل تغيّرت دفعة واحدة، من الانشغال بالفساد والركود الاقتصادي، إلى الأمن والسياسية، وهنا بدا نتنياهو غير مستعد».
وعمّا يمكن فعله للخروج من حالة التشرذم وعدم الاستقرار في الخريطة السياسية الإسرائيلية، طالب بن بـ«اندماج حزبي كديما والعمل في كتلة واحدة من 40 نائباً، تكون المحور المركزي في كل ائتلاف محتمل». ويستند في اقتراحه إلى «عدم وجود عقبة إيديولوجية بين الحزبين تمنع توحّدهما»، بما أنّ كليهما «يجمع بين الاعتدال السياسي والحزم الأمني، وهو ما سيعزّز المعسكر المؤيّد لتقسيم البلاد مع الفلسطينيين، والتسوية السلمية مع سوريا».
في المقلب الآخر، رأت صحيفة «معاريف» أنّ «بإمكان ليفني أن تبتسم، فقد حققت نجاحاً كبيراً، إلا أنه غير كافٍ لجعلها رئيسة حكومة مقبلة». وهنا تتفق مع «يديعوت» و«هآرتس» في تأكيد أنّ «فرص الليكود في تأليف حكومة هي الأفضل».
وتحت عنوان «خسر وسينتصر»، كتب بن كسبيت في «معاريف» أيضاً «نتنياهو وحده قادر على أن يخسر في الانتخابات، التي كانت مضمونة في جيبه، وأن يكون رئيساً مقبلاً للحكومة».
ويبدو كسبيت قاسياً في تقويمه لأداء رئيس «الليكود» الذي «لم يدع خطأً إلا ارتكبه خلال الحملة الانتخابية». وقال «الويل لهذه الحكومة، الويل لإسرائيل، لا بسبب نتنياهو أو كفاءاته، بل بسبب الجمود، وبسبب المأزق والمتاهة، وهي الكلمة التي تصف الوضع جيداً».
بدورها، اختصرت صحيفة «إسرائيل اليوم» «التحديات الكبرى» المرتقبة بالنسبة إلى الدولة العبرية بـ«القدرة النووية الإيرانية، وحزب الله الذي أعاد ترميم قوته وتجاوزها ويُتوقع أن يعود إلى نهجه بقوة كبيرة بعد الانتخابات النيابية اللبنانية، وحركة حماس التي خرجت من العملية العسكرية الأخيرة وهي تحظى بشرعية دولية كانت بحاجة إليها».