أفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية معضلة على صعيد تأليف الحكومة، فلا زعيمة «كديما»، تسيبي ليفني، قادرة على الحصول على دعم كافٍ لتأليف وزارة برئاستها، ولا زعيم «الليكود»، بنيامين نتنياهو، قادر على الاستمرار في حكومة من دون «كديما»، وتبقى كلمة الفصل للمتشدّد أفيغدور ليبرمان علي حيدر
بدأت الأجواء داخل إسرائيل تكشف عن صعوبات حقيقية أمام زعيمة حزب «كديما»، تسيبي ليفني، لتأليف حكومتها، رغم إصرارها على المضيّ في استنفاد هذا الخيار. أما منافسها، زعيم «الليكود» بنيامين نتنياهو، فيقف هو الآخر أمام مأزق تأليف حكومة يمينية ضيقة، أو شراكة حقيقية مع «كديما» تُعتبر الممرّ الوحيد لتحريره من قيود الأحزاب اليمينية المتطرّفة.
وأقرّت ليفني بأنّ فرصها متدنّية في تأليف الحكومة، ولكنّها أوضحت أنها «مصرّة على المحاربة»، سواء من أجل ناخبيها أو ناخبي اليسار الذين هجروا حزب «العمل» و«ميرتس» وأعطوها أصواتهم. وأشارت التقارير الإعلامية إلى أنّ ليفني تدرك بأن هؤلاء صوّتوا لها من أجل قطع الطريق على نتنياهو، وأنّها ستستنفد كل مسار وتسلك كل طريق، ولكن ليس عبر دفع «أثمان مجنونة».
وشدّدت التقارير على أن ليفني وجدت أنّ وضعها «كئيب»، بعدما قامت بتقصّي آراء الأحزاب اليمينية وتحديداً «إسرائيل بيتنا» و«شاس». فرغم تقدّمها على «الليكود»، إلا أن نتنياهو محاط بكتلة يمينية، تشكّل 65 عضو كنيست من أصل 120. وفي الخلاصة، ذكرت التقارير أنّه بعد أيام سيتضح كل شيء: إما ستضطرّ ليفني للذهاب إلى المعارضة أو الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو.
من جهة ثانية، أوضح مصدر مسؤول في «كديما» أنّه على الرغم من فرص نتنياهو الكبيرة في تأليف الحكومة، فإنّ «كديما» لم يستسلم بعد، ويعتقد أنّه في النهاية ستقود ليفني الحكومة المقبلة. وأضاف أن الحزب ينتظر توصية رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، للرئيس الإسرائيلي بالتكليف، و«على ضوئها سيتحدّد مسار الأمور».
وقد نقلت التقارير عن ليفني قولها، في جلسات مغلقة، «صحيح أن الكتلة الأساسية ليست لمصلحتي، إلا أنني الأقدر على إعطاء ليبرمان الزواج المدني، وتغيير نظام الحكم، فيما نتنياهو وأصدقاءه غير قادرين على ذلك»، مضيفةً «كذلك فإنني الأقدر على تأليف حكومة وحدة حتى في الموضوع السياسي، وأيضاً هذا الأمر نتنياهو لا يريده، وهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً مع شركائه».
في مقابل ذلك، تتزايد الأصوات داخل «كديما» الداعية إلى عدم الانضمام إلى حكومة يمينية برئاسة نتنياهو. وأوضح مسؤولون رفيعو المستوى أن «خيار السير نحو المعارضة مطروح على الطاولة، وأنهم لا يخافون هذا الخيار، بل يمكن أن نربح من ذلك. إذا ألّف نتنياهو حكومة يمينية متطرّفة فسيتحطّم وسنكون في الانتظار لقطف الثمار».
من جهة ثانية، انطلقت أجواء جسّ النبض بين «كديما» و«الليكود» على شروط شراكة محتملة بينهما. وقيل إن نتنياهو يمكن أن يطرح على «كديما» حقيبة الخارجية (لليفني) والدفاع (لشاوول موفاز)، إلا أنه رفض فكرة التناوب مع ليفني على رئاسة الحكومة المقبلة. وشدّد نتنياهو، خلال اجتماع لكتلة «الليكود» المنتخبة، على «أننا حصلنا على تفويض من الشعب، وسوف نتوجّه إلى شركائنا الطبيعيين وبعد ذلك سنعمل على توسيع الحكومة ولن يكون هناك تناوب».
وأتت أقوال نتنياهو بعد اجتماع عقده مع ليبرمان، إذ تباحثا في انضمام الأخير إلى حكومة برئاسة نتنياهو، الذي اجتمع أيضاً مع رئيس «شاس»، إيلي يشاي، وبحثا في انضمام حزب الأخير إلى حكومة برئاسته. وقد دعا نتنياهو «كديما» للانضمام إلى حكومة برئاسته، قائلاً «إذا ترَفَّع كديما عن الاعتبارات السياسية الحزبية والمناورات، واهتمّ بالمساهمة في تأليف حكومة من أجل مصلحة الدولة، فإنّه سينضم إلى حكومتنا».
ويبدو جلياً أن نتنياهو يهدف من خلال اتصالاته بالأحزاب اليمينية إلى التأكد من أنّها لن توصي أمام الرئيس شمعون بيريز بتكليف ليفني لتأليف حكومة. وأكّد أنّه سيبدأ بالاتصالات الرسمية بعد قرار الرئيس بالتكليف في تأليف الحكومة، مقرّاً في الوقت نفسه بأنّ «الأمر ليس بسيطاً، ولكنّه ليس معقداً جداً أيضاً».
في المقابل، بدأت الأحزاب اليسارية بلعق جراحها. وسرّب زعيم «العمل»، إيهود باراك، عبر مقرّبيه أنّه يقود حزبه نحو المعارضة. وأوضح أنّ «كل أعضاء كتلته تقريباً لن يشاركوا في حكومة نتنياهو».
وفي نتائج الانتخابات الرسمية، بقيت الإعلانات السابقة على حالها بعد الانتهاء من عدّ أصوات المغلّفات المزدوجة التي تشمل أصوات الجنود والمعاقين والدبلوماسيين. وبقي «كديما» متصدّراً بنيله 28 مقعداً، يليه «الليكود» (27 مقعداً)، ثم إسرائيل بيتنا (15 مقعداً)، فالعمل (13 مقعداً).
وفي وقت سابق كانت بعض التقارير قد ذكرت بأن الفارق بين «الليكود» و«كديما»، تقلّص لمصلحة الأول، بعد عدّ 80 في المئة من أصوات الجنود، فيما حلّ ليبرمان رابعاً بفارق بسيط عن حزب «العمل» الذي نال من أصوات الجنود أكثر مما ناله من بقية الناخبين.