القاهرة ــ الأخبار «الأمور إيجابية وانتظروا الهدنة قريباً»، بهذه العبارة المقتضبة أعرب مسؤول في وفد حركة «حماس»، الذي وصل أمس إلى القاهرة، لـ«الأخبار»، عن تفاؤله، بعد نحو ساعتين من اجتماع مغلق عقده الوفد مع رئيس الاستخبارات المصرية العامة، اللواء عمر سليمان، لإبلاغه الرد النهائي للحركة بخصوص التهدئة. تفاؤل سرعان ما أوضح نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، سببه: مصر ستعلن خلال 48 ساعة اتفاقاً على تهدئة لمدة 18 شهراً بين «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة.
وكانت مصادر مصرية قد أبلغت «الأخبار» في وقت سابق أن «إسرائيل ستبلغ هي الأخرى مصر خلال الساعات المقبلة بموافقتها على المبادرة المصرية».
وقال مسؤول مصري إن «الهدنة قد تعلن الأحد أو الاثنين»، من دون تفسير تأخر إعلانها، علماً بأن الرئيس المصري، حسني مبارك، الذي قام أخيراً بجولة شملت باريس وروما وأنقرة، كان قد توقّع إعلان الهدنة أيضاً الأسبوع المقبل.
وأكدت المصادر أن «باب المداولات وإبداء الملاحظات حول المبادرة قد أغلق تماماً، ولم يعد هناك ما يعوق إعلان الهدنة فوراً»، لكنها أشارت في المقابل إلى «رغبة القاهرة في إطلاع بعض العواصم المعنية بالقضية الفلسطينية قبل إعلان الهدنة للحصول على دعمها السياسي».
وفيما لا تزال شروط التهدئة غير واضحة، كشف مسؤول في «حماس» عن أن «الجانب المصري طرح ضرورة عقد لقاء رباعي تشارك فيه حماس والسلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، لبحث قضية معبر رفح».
وقال، في اجتماع الفصائل الفلسطينية في غزة الاثنين الماضي، إن «وفد الحركة طالب بفتح المعبر على الفور، مقدّماً صيغة مرنة بأن يكون هناك شراكة بوجود حرس الرئاسة الفلسطينية على المعبر»، مشيراً إلى أنه «لم يتم بعد حسم هذه القضية».
وطبقاً لتقرير خاص عن الاجتماع، فإن ممثل «حماس»، أبو حسام، استعاد تفاصيل أيام العدوان قائلاً إن «مصر طرحت عليهم أثناء العدوان وقفاً لإطلاق النار من دون ربطه بالانسحاب الفوري، بدعوى أن سحب قوات الاحتلال يستغرق وقتاً، ولكن يمكن فتح ممرات آمنة للمساعدات»، مشيراً إلى أنه تم التوصل من دون نقاش إلى «إعلان لوقف إطلاق نار متبادل مع تحديد ساعة الصفر، لكن الإسرائيليين انفردوا بذلك من خلال انسحابهم بأسرع ما يمكن». وأضاف «بعد ذلك، جرى الانتقال إلى التهدئة، فطرح المصريون بصورة متغطرسة الموضوع، وقدموا نيابة عن الإسرائيليين تهدئة مقابل تهدئة إلى جانب وقف إطلاق الصواريخ والتجارة غير المشروعة والعمليات التي تستهدف أسر جنود إسرائيليين، ومطالبة إسرائيل بحزام أمني بعمق 500 متر مقابل فتح المعابر جزئياً، إضافة إلى أن رفع الحصار مشروط بالإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليط...».
وأضاف أبو حسام أن «حماس ردت على الاقتراحات بتأكيد عدم الاعتراف بالمنطقة العازلة، وحق المقاومة بالرد على الانتهاكات الإسرائيلية، والحقّ في التجارة غير المشروعة». وفي ما يتعلق بالمواد التي تصرّ إسرائيل على منع إيصالها إلى غزة، فقد تلقى وفد الحركة صيغة تقضي بتأليف لجنة فلسطينية ـــــ مصرية تضم مندوباً عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، روبرت بنش.
وبشأن إعادة إعمار قطاع غزة، اقترح «وفد حماس تأليف لجنة من الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهي صيغة وافق عليها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بشكل أولي وتضم 8 أعضاء من حماس و5 أعضاء من فتح وثلاثة من الكتل الأخرى وثلاثة مستقلين».
ميدانيّاً، أعلنت الشرطة المصرية أنها داهمت مزرعة قرب الحدود المصرية مع غزة، كانت تستخدم كنقطة توزيع لمواد معدة للتهريب إلى القطاع. ولقي ثلاثة مصريين حتفهم وأصيب اثنان آخران بجروح في انفجار لغم أرضي يعتقد أنه من مخلفات الحرب في شبه جزيرة سيناء.
وشنّت طائرات إسرائيلية غارة فجر أمس على مركز لشرطة «حماس» في خان يونس جنوب قطاع غزة، من دون تسجيل وقوع إصابات.
في هذا الوقت، قالت فصائل ومصادر فلسطينية متطابقة إن مصر وزعت عليها ورقة مبادئ أساسية للحوار الذي يتوقع أن يبدأ في القاهرة في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية، عصام أبو دقة، إن «الورقة الجديدة تعدّ تطويراً للأولى، لكونها أخذت بملاحظات الفصائل». وأمل القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، أن «تنجح كل الجهود في إعادة الوحدة إلى الشارع الفلسطيني».
إلى ذلك، وصل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، إلى ليبيا، قائلاً إن الأخيرة «شريكة في انتصار الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة»، معتبراً أن «الانتصار يعدّ دليلاً على قدرة شعوب الأمة على صنع
الانتصار».