فعلها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبات قاب قوسين من الولاية الرئاسيّة الثالثة. لا مرشّح قويّاً ضدّه، والمقاطعة الشعبية أكبر هاجسللنظام الحالم

الجزائر ــ ياسين تملالي
بعد تأجيل دام شهوراً، أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أول من أمس، ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 نيسان المقبل، واضعاً في مقدمة مشاريعه، برنامجاً تنموياً جديداً بقيمة 150 مليار دولار. وبحسب تعهّده، سيوفّر هذا المشروع، 3 ملايين وظيفة جديدة.
ويندرج ترشيح الرئيس في خانة «التحالف الرئاسي» الحاكم، المؤلّف من «جبهة التحرير الوطني»، الحزب الواحد الأسبق، وحزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى، «التجمع الوطني الديموقراطي»، و«حركة مجتمع السلم» الإسلامية الموالية.
وإضافةً إلى هذه الأحزاب الثلاثة، تساند ترشحه تنظيمات «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، و«منتدى رؤساء الشركات»، وبعض الحركات الدائرة في فلك النظام، مثل قدامى المحاربين، وأبناء الشهداء.
ومنذ تعديل الدستور في 14 تشرين الثاني الماضي بطريقة تتيح للرئيس تولّي ولاية ثالثة، أخّر بوتفليقة إعلان ترشحه، ما دعا بعض المراقبين إلى التشكيك في نيته خوض غمار الانتخابات بحجّة تدهور حالته الصحية غير المستقرة، بحيث يُعتَقَد أنه مصاب بداء السرطان.
ويبدو أنّ معارضة بوتفليقة ستقتصر على جمعيات المجتمع المدني أمام اقتناع معظم الأحزاب بأنه سيسحق أي مرشّح آخر. وقال مؤسس «المبادرة المدنية من أجل احترام الدستور»، إحسان القاضي، المعارض لتعديل الدستور، إن «ترشح بوتفليقة تحصيل حاصل، وإعلانه كان مسألة وقت، فهو لم يكن يستطيع الرجوع إلى الخلف بعدما غيّر الدستور بما يتلاءم ورغبته في البقاء في الحكم».
وعن تأخير إعلان ترشّحه، أشار القاضي لـ «الأخبار» إلى أنه «منذ رفض النظام تنظيم استفتاء على الدستور الجديد، لم يعد يعنيه أن يستر مشاريعه وراء واجهة من المنافسة الديموقراطية الشكلية».
وقد أعلنت أهم القوى العلمانية والإسلامية عدم مشاركتها في انتخابات نيسان، منتقدة «انغلاق العمل السياسي». وأبرز القوى العلمانية المقاطعة هي «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية»، وحزب «العمال الاشتراكي». أما «جبهة القوى الاشتراكية»، فلم تعلن موقفها، لكن يُرجح أن تدعو هي الأخرى إلى المقاطعة، وخصوصاً أن أمينها العام، كريم طابو، ضاعف أخيراً تصريحاته النارية ضد النظام.
وفي مقدمة القوى الإسلامية التي ستقاطع الاستحقاق، «حركة النهضة»، و«حركة الإصلاح الوطني»، والتيار الذي يقوده عبد الله جاب الله، الذي أعلن عزوفه عن الترشح.
وقد سجلت وزارة الداخلية حتى يوم أول من أمس، 27 ترشيحاً أولياً. وأبرز المتقدمين إلى السباق الرئاسي، رئيس «الجبهة الوطنية الجزائرية» (المنبثقة عن «منظمة أبناء الشهداء» وهي تنظيم شبه رسمي) موسى التواتي، ورئيس حزب «الحرية والعدالة» (قيد الإنشاء)، محمد السعيد. أما المرشّحة الدائمة لويزة حنون، رئيسة حزب «العمّال» (يسار تروتسكي)، فلم تعلن موقفها حتى الساعة، مع عدم استبعاد ترشّحها.
ووفقاً لأحكام القانون الانتخابي الجزائري، لن تكتسب هذه الترشيحات الأولية، صبغة رسمية، إلا بعد أن يجمع كل واحد من أصحابها 75 ألف توقيع لناخبين مساندين له في 25 محافظة من أصل 48، أو 600 توقيع لأعضاء في المجالس المنتخبة. ولم يتمكّن إلا موسى التواتي من إتمام هذا الإجراء المعقَّد.
وتخشى الحكومة أن تقابَل الانتخابات، بمقاطعة شعبية، أشدّ من تلك التي عرفتها انتخابات 17 أيار 2007 النيابية، حين لم يدلِ سوى 36 في المئة من الجزائريين بأصواتهم. ولهذه الغاية، تحاول وزارة الداخلية تعبئة الناخبين، عن طريق بعث رسائل قصيرة على هواتفهم النقالة، وتوصيل البطاقات الانتخابية إليهم في منازلهم.
ويرى معظم المراقبين، أنّ الخوف من المقاطعة، هو ما يفسر عزوف بوتفليقة عن تنظيم استفتاء على الدستور الجديد، واكتفائه باستدعاء غرفتي البرلمان لإقراره.