ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت تحاور مع الرئيس السوري بشار الأسد بواسطة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عبر الهاتف، لمدة أربع ساعات على الأقل.وقالت الصحيفة إن هذه المحادثة غير المباشرة حدثت لدى زيارة أولمرت الأخيرة إلى تركيا في 22 كانون الأول الماضي، وأن الجانبين الإسرائيلي والسوري أوشكا خلالها على الاتفاق على الانتقال إلى محادثات مباشرة في المفاوضات بينهما وإصدار بيان مشترك بهذا الخصوص، لكنّ شنّ إسرائيل الحرب على غزة بعد خمسة أيام أوقف هذا التقدم.
ونقلت «هآرتس» عن مصادر تركية قولها إنه «كان يفترض أن يشمل الإعلان الإسرائيلي ـــــ السوري المشترك موافقة إسرائيلية على الانسحاب من هضبة الجولان مقابل سلام كامل وترتيبات أمنية».
وكان أردوغان قد اقترح على أولمرت، لدى وصوله أنقرة، إجراء محادثة مع الأسد بهدف صياغة بيان مشترك بشأن انطلاق مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وسوريا. وقالت مصادر تركية رفيعة المستوى إن أردوغان توجه إلى إحدى الغرف في مقر إقامته الرسمي وهاتف الأسد، وسأله هل يوافق على إجراء محادثة هاتفية غير مباشرة مع أولمرت بواسطته، مضيفة أن الأسد وافق وبدأوا بصياغة البيان المشترك.
وكان مساعد لأردوغان يدخل الغرفة التي فيها أولمرت كل بضع دقائق ويطلعه على فحوى الحديث بين أردوغان والأسد، فيما يعرب أولمرت عن رأيه في القضايا الجاري الحديث في شأنها، ويضع ملاحظات ينقلها أردوغان إلى الأسد ويتلقّى منه ردوداً على ملاحظات أولمرت.
وبحسب المصادر التركية، فقد استمرت المحادثة الثلاثية أكثر من أربع ساعات، وبعد منتصف الليل أبلغ أولمرت أردوغان أن عليه العودة إلى إسرائيل، فيما قال له أردوغان إنه سيواصل المحادثة مع الأسد، وسيطلعه على نتائجها في اليوم التالي من أجل الاستماع إلى ملاحظاته.
وقال مصدر تركي إن «صياغة البيان السوري الإسرائيلي أوشكت على الانتهاء، وكان ينقصها عدة تعديلات لكلمات من أجل إنهائها، وبعد ذلك كان يتعيّن على الجانبين إعلان استعدادهما لعقد لقاءات وجهاً لوجه».
لكنّ إسرائيل شنّت بعد خمسة أيام العملية العسكرية الواسعة على قطاع غزة، وشعر أردوغان بأنه قد غُدر به. وقال مصدر تركي لـ«هآرتس» إن أولمرت وأردوغان «جلسا طيلة خمس ساعات وتحاورا مع سوريا، وبدا أنهما أوشكا على القيام باختراق تاريخي، ولم يفكر أحد بأن يتصرف أولمرت بهذه الطريقة من وراء ظهر أردوغان، ولا يلمّح حتى إلى عزمه على شنّ عملية عسكرية على غزة».
وأضاف المصدر أن أردوغان اقترح التوسّط بين إسرائيل و«حماس» لوقف التوتر في حينه بين الجانبين، وتابع أن «أولمرت تهرّب، وفهمنا أن إسرائيل سترد (على إطلاق الصواريخ)، لكننا لم نسمع ذلك من أولمرت ولم نتوقع رداً رهيباً إلى هذا الحد».
ولفت محرر الشؤون العربية في «هآرتس»، تسيفي بارئيل، إلى أن سلوك أولمرت في هذا السياق يذكّر بسلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن في عام 1981 تجاه الرئيس المصري أنور السادات عشية قصف الطيران الحربي الإسرائيلي للمفاعل النووي في العراق.
وقال أحد مساعدي أردوغان إنه بعد بدء الحرب، شعر الأخير بأن أولمرت طعنه في ظهره، وأنه يجب أن يدفع ثمناً لذلك، «لأن الدول العربية اعتبرت أن تركيا كانت على علم مسبق بنيّة إسرائيل شنّ الحرب وتعاونت معها».
وعبّر أردوغان عن غضبه وشعوره بالمهانة، خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا، حين هاجم تصريحات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز. وقال مصدر تركي إن «ردّ فعل أردوغان وخروجه الغاضب كانا مخططاً لهما سلفاً بصورة جيّدة، وليسا وليدي غضب آني، إذ كان ينبغي على تركيا استعادة كرامتها».
(يو بي آي)