«حماس» والسلطة ترفضان شرط الاحتلال... ومصر تصرّ على ولادة الهدنة قريباً القاهرة ــ خالد محمود رمضان
رغم إصرار مصر على أن تثبيت التهدئة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لا يحتاج إلى أكثر من ساعات أو أيام قليلة، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت لتكشف حقيقة الموقف، وهي إصرار الاحتلال على الربط بين ملف التهدئة والأسرى، ليضع تحرير الأسير لدى «حماس» جلعاد شاليط، في رأس سلّم أولوياتها. شرطٌ رفضته الحركة الإسلامية جملة وتفصيلاً، ومعها السلطة الفلسطينية.
وأعلن أولمرت، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، أن «إسرائيل لن توافق على أي تهدئة أو فتح المعابر مع قطاع غزة، قبل إطلاق سراح شاليط»، ملمّحاً إلى أنه «سيتشاور مع رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، قبل اتخاذ قرار». وقال إنه «ينبغي أن نأخذ في الحسبان الواقع الجديد الذي نتج بعد الانتخابات للكنيست». وجاء في بيان الحكومة أن «إسرائيل لا تجري أي مفاوضات مع حماس، وبالتأكيد لن تتوصل إلى تفاهمات معها، ونؤكّد أن ما هو ماثل في رأس سلم الأولويات هو أمن سكان جنوب إسرائيل وتحرير شاليط».
بعدها، اجتمع المطبخ الأمني الإسرائيلي المصغر، الذي يضم أولمرت ووزيري الدفاع والخارجية إيهود باراك وتسيبي ليفني، وقرر بلورة مشروع قرار في ملفي الأسرى والتهدئة. وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن «المشروع سيُطرح على المجلس الوزاري الأمني المصغر منتصف الأسبوع من أجل إقراره».
وفي السياق، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «ساعة الحسم في قضية شاليط قريبة»، مشيرة إلى أنه «لن يكون هناك مفر من إجراء نقاش عام بشأن الثمن الباهظ مقابل الجندي الأسير».
هذا التعنّت الإسرائيلي قابله رفض «حمساوي»، وأكد القيادي في «حماس»، محمود الزهار، «رفض حركته ربط المفاوضات الجارية بشأن التهدئة بمصير شاليط»، موضحاً أن «قضية تبادل أسرى والتفاوض فيها يجري عن أرقام ونوعيات وليست المعابر جزءاً منها». وأضاف إن «حماس تسعى إلى اتفاق تهدئة متوازن».
بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة المقالة، طاهر النونو، «تُبذل جهود لمحاولة التغلب على عقبات إسرائيلية تؤخر إعلان التوصل إلى اتفاق»، مشدداً على أنه «لا علاقة بين ملفي التهدئة وشاليط». ولخّص موقف «حماس» من التهدئة بثلاث نقاط: «سقف زمني هو عام ونصف عام، ووقف كل أشكال العدوان براً وجواً وبحراً، وفتح المعابر لإدخال المواد المطلوبة لقطاع غزة»، رافضاً تحديد أي «وقت لإعلان التهدئة ما لم تحل هذه القضايا». لذا ستواصل «حماس لقاءاتها مع المسؤولين المصريين إلى حين الانتهاء من كل التفاصيل». إلّا أن المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، أشار إلى أن «المحادثات تعطلت بسبب الخلاف على مدة وقف إطلاق النار»، إذ إن الاحتلال يريد هدنة مفتوحة من دون سقف زمني.
كما رأى رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن الطرح الإسرائيلي «مرفوض جملة وتفصيلاً»، موضحاً أنه «يجب عدم الربط بين اتفاقية المعابر وأي اتفاقية بشأن شاليط».
أما راعية المفاوضات، مصر، فأصرت على الظهور كوسيط ناجح، إذ رفضت توجيه اتهامات إلى أي من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بالمسؤولية عن التأخير في إعلان الهدنة، بالتوازي مع تأكيد مصدر مصري أن «إعلان التهدئة سيجري عقب عودة رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، من زيارته الخارجية برفقة وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط» إلى السعودية. وأوضح المصدر لـ«الأخبار» أن «كل شيء بات معداً وجاهزاً في انتظار لحظة صدور بيان رسمي مصري خلال ساعات لإعلان الهدنة التي ستقتصر فقط على قطاع غزة ولمدة 18 شهراً»، لافتاً إلى أنّ بالإمكان «تأجيل بتّ مسألة إطلاق سراح شاليط».
واللافت كان رفض المصدر التعقيب على تصريحات أولمرت، معتبراً أن أقواله «لا تعكر الموقف الرسمي الذي تلقاه الجانب المصري من الدولة العبرية»، مضيفاً «نعتقد أنها تصريحات حفظ ماء وجه حكومة أولمرت، أو هي محاولة من حزب كديما لإرسال رسالة للناخب الإسرائيلي، مفادها أن ملف شاليط لا يزال قيد التداول».
ميدانياً، أعلنت متحدثة عسكرية أن صاروخاً أطلق من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، من دون أن يوقع إصابات أو أضراراً.
في هذا الوقت، قال رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك»، يوفال ديسكين، في جلسة الحكومة، إن «الفلسطينيين تمكنوا من تهريب السلاح إلى غزة مرات عدة منذ وقف إطلاق النار في القطاع»، موضحاً أن «ثمة جهوداً من جانب حماس لترميم الأنفاق». وعن الدور المصري في مكافحة التهريب، أشار إلى أن «المصريين يعملون بوتيرة بطيئة».
إلى ذلك، بحث الرئيس المصري حسني مبارك، مع السيناتور الديموقراطي جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الجهود المصرية والدولية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وخصوصاً على الساحة الفلسطينية.