رغم تكاثر الدعوات والرغبة الأميركيّة في التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على أساس الدولتين، وخصوصاً مع وصول باراك أوباما إلى سدة الرئاسة الأميركية، ها هي إسرائيل تخرق مجدداً هذه الآمال، من خلال إصرارها على التمادي في مشروع التمدد الاستيطاني. وكشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن «مصادرة الإدارة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية 170 هكتاراً من الأراضي، بهدف تنفيذ مشروع لتوسيع مستوطنة إفرات اليهودية جنوبي شرقي القدس».ويتمثل مشروع التوسيع في بناء 2500 وحدة سكنية، يشترط قبل البدء في تنفيذه الحصول على موافقة رئيس الوزراء ووزير الدفاع. المتحدث باسم الإدارة العسكرية الإسرائيلية اكتفى بتأكيد أنه «أُعلن 170 هكتاراً من الأراضي ضمن أملاك الدولة» في القطاع الشمالي من مستوطنة إفرات، فيما قال رئيس بلدية افرات، أوديت رفيفي، إن المستوطنة «تخطط لبناء 2500 منزل»، موضحاً أنه «يوجد عدة خطوات تتطلب موافقة الحكومة قبل المباشرة في البناء، وقد يحتاج الأمر إلى سنوات. وفي النهاية، ستكبر أفرات لتضم 30 ألف شخص».
وصدر قرار المصادرة بعدما رفضت الإدارة العسكرية في الآونة الأخيرة ثماني تظلمات رفعها مالكون فلسطينيون للأراضي، احتجاجاً على قرار المصادرة.
في هذا الوقت، دانت السلطة الفلسطينية قرار الحكومة الإسرائيلية بمصادرة 1700 دونم من الأراضي الفلسطينية لمصلحة توسيع مستوطنة افرات. وحذر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من أن «استمرار العمليات الاستيطانية ستعرقل محادثات السلام»، مضيفاً: «نعارض أي نشاط استيطاني في المبدأ، وإذا لم تتوقف العمليات الاستيطانية، فأي لقاءات مع الإسرائيليين ستكون من دون فائدة».
بدوره، قال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، في بيان إن «قرار حكومة الاحتلال توسيع مستوطنة أفرات وجّه ضربة جدية للعملية السلام وللمفاوضات»، مشدداً على أن هذه المفاوضات «لا يمكن أن تجري أو تتواصل في ظل الاستيطان وسرقة الأرض والسطو على ممتلكات شعبنا».
وأضاف أبو ردينة أنه «لا يمكن بأي حال من الأحوال مواصلة هذه العملية في الوقت الذي تطيح فيه الحكومة الإسرائيلية أسس عملية السلام، وتقيم الوقائع على الأرض»، مشيراً إلى أن ذلك يجعل استمرار العملية التفاوضية «أمراً مستحيلاً سيفضي إلى تفاقم الاحتلال، ويغذي كل أسباب استمرار الصراع والعنف». كذلك رأى أن هذا القرار هو بمثابة «رسالة إسرائيلية إلى المجتمع الدولي وللإدارة الأميركية الجديدة ولمبعوثها جورج ميتشل، وتحدٍّ صريح لتوصياته الشهيرة التي جاءت في تقريره عام 2001 لجهة وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، لكونه السبب الرئيسي للصراع واستمراره».
تجدر الإشارة إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تلتزم بالوعود التي قدمتها إلى الإدارات الأميركية بوقف الاستيطان، لكونها معرقلاً أساسياً في عملية السلام. وقد تؤدي العمليات الاستيطانية إلى احتكاك ليس فقط مع الفلسطينيين، بل مع الرئيس أوباما، وخصوصاً أن مبعوثه ميتشل قد حث إسرائيل على تجميد الاستيطان.
ويرى البعض أن عملية الاستيطان مرتبطة بهوية الحكومة الإسرائيلية الجديدة. فزعيم حزب «الليكود»، المرشح لرئاسة الحكومة، بنيامين نتنياهو، يؤيد توسيع المستوطنات، وكان قد سخر من محادثات السلام وعدّها «مضيعة للوقت»، قائلاً إنه سيركز بدلاً من ذلك على تحسين الاقتصاد الفلسطيني.
وتمثّل مستوطنة إفرات التي تضم تسعة آلاف مستوطن جزءاً من مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني، أحد المجمعات الاستيطانية الثلاثة الكبرى في الضفة الغربية، التي تخطط إسرائيل لضمها في سياق أي تسوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)