دمشق ــ الأخبارتشهد الخطوط الجوية السورية ـــــ الأميركية ـــــ العربية هذه الأيام، زحمة استثنائية، غابت طوال السنوات الماضية، في ظلّ جهود لإمرار القمة العربية في الدوحة في أواخر آذار المقبل، في أجواء بعيدة عن سيناريو قمّة دمشق 2008، وقمة غزة في الدوحة مطلع 2009.
وقد وصل إلى دمشق أمس، وفد أميركي برئاسة عضو لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب في الكونغرس، بنيامين غاردن، يرافقه سبعة أشخاص. وكشف مصدر سوري مطلع أنّ الوفد سيلتقي اليوم الرئيس بشار الأسد، ووزير خارجيته وليد المعلم الذي سيعقد مع غاردن مؤتمراً صحافياً قبيل مغادرته مساءً.
وتأتي زيارة الوفد قبيل وصول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الديموقراطي جون كيري إلى دمشق يوم السبت المقبل، تليها زيارة أخرى لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، السيناتور هوارد بيرمان.
في هذا الوقت، أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، في ثاني أيام الزيارة لدمشق، إلى أنّ الوضع العربي لا يزال «خطيراً»، مشدّداً على ضرورة إنجاز مصالحة عربية وفلسطينية سريعاً.
وبعد لقائه كل من الأسد والمعلّم، رأى موسى أنّ «المصير العربي أصبح في موقف دفاعي، ما يقتضي أن نكون على مستوى المسؤولية ونوقف التراجع ونبدأ بالتقدم»، مستدركاً بالقول: «لا أتحدث فقط عن القضية الفلسطينية والصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، بل عن كل الأمور المتعلقة بتقدم العرب في مجتمعاتهم والحصول على حقوقهم».
وعن التحضيرات الجارية لعقد القمة العربية في قطر نهاية آذار، أوضح أنّه يناقش القيادة في دمشق، «على أساس أن سوريا هي رئيسة القمة العربية ولها دور مهم في هذا الأمر»، لافتاً إلى ضرورة إنجاز «المصالحة العربية والفلسطينية».
وأضاف موسى: «قدّمت ورقة للدول العربية لإعداد منهجية لعدد من الموضوعات الرئيسية على الأجندة العربية، تتضمّن المشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية وأمور أخرى تسبب أرقاً للعالم العربي». ورداً على سؤال، أشار إلى أنّ زيارته السورية تندرج في إطار «ترميم الموقف العربي الذي يحتاج إلى عملية ترميم كبيرة جداً».
وفي ما يتعلق بتصريحات الرئيس المصري، حسني مبارك، بشأن التهدئة مع إسرائيل، أجاب بأنّ «التلاعب جزء من السياسة الإسرائيلية، ولن تبقى المبادرة العربية للسلام على الطاولة طويلاً».
وبخصوص الآمال المعقودة على مصالحة سورية ـــــ مصرية ـــــ سعودية محتملة، أمل موسى خيراً، إذ قال: «علينا أن نتوقع بتفاؤل أن يلتئم الموقف العربي، وجميعنا يعمل في هذا الإطار ونرجو أن نوفق في ذلك».
وفي السياق، علّق موسى على رسالة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إلى الأسد، موضحاً أنّ العرب «على الطريق السليم نحو لمّ الصفوف لأننا نحتاج إلى ذلك كثيراً ونحتاج إلى أن نهتم بأمهات المسائل التي تواجهنا كأمة عربية».
وعن احتمال زيارة الأسد إلى الرياض، رفض موسى تأكيدها أو نفيها، مكتفياً بالقول: «لا أدري عن الأيام القليلة المقبلة، لكن نحن نريد أن نجعل القمة العربية المقبلة في الدوحة في 30 من آذار المقبل، قمة ناجحة، ونحن كلنا تفاؤل بهذا النجاح».
وعن قرب موعد تأليف حكومة جديدة في إسرائيل، وتأثيرها على التهدئة مع المقاومة في قطاع غزة، رأى موسى أنّ السياسة الإسرائيليّة «كانت على الدوام تعوق أي تقدم باتجاه السلام». وتابع: «لم أرَ من الحكومة الإسرائيلية الحالية ولا أتوقع من الحكومة المقبلة خطوات فاعلة حقيقية في تحريك السلام، ولا نتوقع منهم غير العرقلة».
بدورها، أصدرت الرئاسة السورية بياناً نقلت فيه عن الأسد، بعد لقائه بالمسؤول العربي، تشديده على ضرورة «توحيد كلمة الفلسطينيين من خلال المصالحة الفلسطينية ـــــ الفلسطينية»، على اعتبار أنه «الأساس في تحقيق أي تقدم لمصلحة الشعب الفلسطيني». وفي البيان نفسه، أبدى الأسد استعداد بلاده لبذل الجهود «للمّ الشمل الفلسطيني».
وعلى صعيد متّصل، أعربت المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية، بثينة شعبان، عن اعتقادها بأن الإدارة الأميركية الجديدة، ترغب في فتح صفحة جديدة مع العالم العربي. وفي مقابلة مع صحيفة «الوطن» السورية، أفصحت شعبان عن شعورها بأنّ الإدارة الجديدة في واشنطن «تدعو إلى الحوار وإلى احترام الدول على الأقل، وتبدو راغبة في أن تفتح صفحة جديدة مع العالم العربي والإسلامي وكل أنحاء العالم»، لتخلص إلى أنّ من الطبيعي أن «نكون مستقبلين لهذه الفكرة ومشجعين لها».
وعمّا إذا كانت تتوقع عودة قريبة لسفير أميركي إلى دمشق، وإلغاء قانون محاسبة سوريا، قالت إنّ «ذلك ممكن جداً ولا يوجد ما يمنع»، كاشفة عن أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما ألغت قرارات عقابية سبق أن اتخذتها إدارة الرئيس جورج بوش بحقّ سوريا.
وفي شأن المصالحة السورية ـــــ السعودية، رأت المسؤولة السورية أنّ «إعادة بناء العلاقة بين الدول، لا تكون في ساعات، فهذه علاقات لا بد أن تطبخ على نار هادئة، وأن يكون هناك حوار ونقاش في القضايا التي فيها خلاف».