طويَت إحدى أغرب الصفحات في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية: بنيامين نتنياهو سيكون رئيساً للحكومة المقبلة، رغم أن حزبه حلّ ثانياً في نتائج التصويت. حكومة ستكون أمام معارضة شرسة، قوامها «كديما» و«العمل»
علي حيدر
حُسمت معركة التنافس على رئاسة الحكومة الإسرائيلية لمصلحة رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، وذلك بعد 10 أيام من الانتخابات التي نصّبت نتائجها كلاً من نتنياهو، ورئيسة «كديما»، تسيبي ليفني، فائزَين كبيرين.
وبعدما أوصى 65 عضو كنيست، رئيس الدولة، شمعون بيريز، بتكليف «بيبي» تأليف حكومة جديدة، بات واضحاً أنّ الوزارة المقبلة، ستضمّ إلى «الليكود»، صقور أحزاب اليمين الديني والعلماني المتطرف. وأمام هذا السيناريو، بات محسوماً أن يتمركز حزبا «كديما» و«العمل» في خندق المعارضة الشرسة.
ولم يبقَ سوى الإعلان الرسمي عن تكليف نتنياهو، بعدما رجّح رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، الكفّة لمصلحته، وذلك عندما كتب اسمه في ديوان الرئاسة الإسرائيلية، لتأليف حكومة «وحدة وطنية».
وبحسب تقارير إعلامية عبرية فإن الأحزاب التي أوصت بنتنياهو لدى بيريز، هي، إلى جانب كتلة «الليكود» البالغ عدد أعضائها 27 نائباً، «إسرائيل بيتنا» (15 مقعداً)، و«الاتحاد القومي» (4 مقاعد)، و«البيت اليهودي» (ثلاثة مقاعد)، وحزب «شاس» الحريدي (11 مقعداً)، و«يهدوت هتوراة» (5 مقاعد).
وفي أعقاب لقائه الرئيس الإسرائيلي، قال ليبرمان للصحافيين «إننا نوصي بنتنياهو بشرط تأليف حكومة موسعة»، مبرراً قراره بأنه يهدف إلى «مواجهة التحديات الاقتصادية والتهديد الإيراني، لذلك لا بد من حكومة تضم الأحزاب الثلاثة الكبار: الليكود وكديما وإسرائيل بيتنا. ولاحقاً من يريد الانضمام إليها يمكنه ذلك».
وأوضح ليبرمان أن «نتنياهو سيكون رئيس الوزراء، ولكن الحكومة ستكون حكومة بيبي ــ ليفني»، داعياً «الليكود» إلى التخلي عن السعي إلى تأليف حكومة ضيقة (من اليمين والمتديّنين فقط)، «لأنها ستكون حكومة بقاء على قيد الحياة فحسب، وعاجزة عن أخذ أي مبادرة». كما حثّ ليبرمان ليفني على التخلي عن فكرة التناوب في رئاسة الحكومة، «لأن من شأن صيغة كهذه، أن تؤدي إلى عدم الاستقرار».
ولم يتأخّر «الليكود» في الإعراب عن رضاه عن قرار ليبرمان، وذلك في بيان كشف أنّ نتنياهو يعتزم تأليف «حكومة واسعة»، مطمئناً إلى أنّ الأيام القريبة، «ستشهد لقاءً مع ليفني، ومحاولات لإقناع حزب العمل بالانضمام».
غير أنّ ليفني جزمت قرارها، قائلة إنّ تكليف منافسها تأليف الحكومة، يضع حزبها في المعارضة، واصفةً ما حصل بأنه «وضع الحجر الأساس لحكومة يمين متطرف وهذا ليس طريقنا وليس لنا ما نبحث عنه في حكومة كهذه».
وفيما تشبّثت ليفني بمواصلة «الكفاح» من أجل أفكارها ونهجها المرتكز على اتفاق سياسي على قاعدة «دولتين لشعبين»، أعادت التذكير بضرورة التركيز على شنّ «حرب لا هوادة فيها على الإرهاب»، و«معالجة قضايا مدنية داخلية تتطلب تعديلاً عاجلاً، وفي مقدمتها تغيير نظام الحكم والزواج المدني، والعمل على وضع مقام مشترك حقيقي لقيم إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية».
وبرّرت ليفني قرارها بالاصطفاف في المعارضة بأنّ الشعب «لم ينتخبنا من أجل تأهيل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، وبالتالي علينا أن نمثّل بديلاً لها والذهاب إلى المعارضة».
في المقابل، حذا رئيس «العمل»، إيهود باراك، حذو ليفني، فحسم بأنّ موقعه سيكون في المعارضة «بغض النظر عمن يؤلّف الحكومة». وانتقد، في اجتماع لكتلة حزبه، الواقع الذي يتيح لحزب ليبرمان «تتويج الملوك». قرار معارض نوّه به أمين سر «العمل» إيتان كابل، الذي رأى أنّ الناخب «قال لنا أمراً واضحاً، مفاده أنه ليس لدينا خيار إلّا الذهاب إلى المعارضة والقيام بكل ما هو مطلوب من أجل استعادة ثقة الجمهور بالحزب ونهجه».
وكان ممثلو «العمل» قد رفضوا تسمية أي مرشّح لرئاسة الحكومة خلال اجتماعهم مع بيريز، بسبب وجود «إجماع من أقصى يمين إلى أقصى يسار الحزب، على أن يكون عملنا في المعارضة»، وهو سلوك اتّبعه أيضاً رئيس حزب «ميرتس» اليساري، حاييم أورون.
وفي المقلب اليميني، أوضح رئيس «شاس»، إيلي يشاي، أنّ «الشعب اختار اليمين، ونحن على هذا الأساس أوصينا بتأليف حكومة على أساس معسكر وطني، وواسعة قدر الإمكان».
وبشأن مشاركة حزبه إلى جانب «إسرائيل بيتنا» في حكومة يرأسها نتنياهو، أجاب يشاي «لم نرفض أي حزب، لكن إذا كان ليبرمان لا يريد الجلوس معنا، فيمكن تأليف حكومة برئاسة الليكود وبمشاركة شاس وكديما والعمل»، واصفاً هذا الخيار بأنه «ممكن وجيد».
يُشار إلى أنّه، بعدما أنهى بيريز مشاوراته، من المفترض أن يكلف رئيس الحكومة المقبل رسمياً، يوم الأحد أو الاثنين المقبل، بحسب ما أوضحته الرئاسة الإسرائيلية. وبعد هذا التاريخ، يكون أمام المكلَّف مهلة 28 يوماً لتأليف حكومته، وعرضها على الكنيست، علماً أنه يمكن تمديد هذه المهلة 14 يوماً إضافياً.


«النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ليس أولوية»

رأى رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان أن حل النزاع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني «ليس أولوية». وأضاف، أمام ممثلي كبريات المنظمات اليهودية الأميركية، إنّ «من الخطأ ربط هذا النزاع بالاحتلال أو الاستيطان، لأننا كنا في مواجهة مع الإرهاب الفلسطيني حتى قبل حزيران 1967».
وتابع ليبرمان «لو أراد العرب دولة فلسطينية لكان بإمكانهم إنشاؤها منذ عام 1948 حتى 1967». وأكد أيضاًَ أن «إيران تمثّل الخطر الأكبر لكونها تواصل برنامجها النووي وتتحرك بواسطة أداتيها: حماس وحزب الله».
من جهة أخرى، طالبت قيادة شعبة التحقيقات في الشرطة الإسرائيلية النائب العام والمستشار القانوني للحكومة، مناحيم مزوز، بتصديق إجراء تحقيق مع ليبرمان بشبهة تبييض أموال. وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن التقديرات في شعبة التحقيقات تشير إلى أنه سيجري استدعاء ليبرمان إلى التحقيق في غضون أسابيع قليلة مقبلة. ونقلت عن مصادر في «إسرائيل بيتنا» قولها إنه «ليس مفاجئاً أن تسعى الشرطة إلى ظهور عنوان حول التحقيق معه عشية قدوم ليبرمان إلى الرئيس مثلما لم يكن مفاجئاً عندما قامت الشرطة بخطوة مشابهة قبل أسبوعين من الانتخابات، ولن يكون الأمر مفاجئاً إذا كررت الشرطة ذلك قبيل توليه منصب وزير».
وتشتبه الشرطة في أن شركة إسرائيلية، ترأسها ابنة ليبرمان، حصلت على مبلغ 2.75 مليون دولار مجهولة المصدر بادعاء تقديم مشورة تجارية، وأن ليبرمان حصل على 625 ألف دولار تقريباً من هذا المبلغ.
(يو بي آي، أ ف ب)