خرج الصحافي العراقي منتظر الزيدي عن صمته، في جلسة محاكمته أمس، فجدّد التعبير عن كرهه لجورج بوش، محمّلاً إياه مسؤولية إبادة العراقيين، قبل أن تتأجّل جلسة محاكمته مجدداً إلى 12 آذار المقبل
بغداد ـــ الأخبار
فاجأت هيئة الدفاع عن الصحافي منتظر الزيدي المحكمة التي تقاضيه على رشقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بحذاءيه، بطلب إثبات شرعية زيارة بوش للعراق، وهل كانت بصفته رئيس دولة محتلة، أم زيارة يقوم بها رئيس دولة، بطلب منه أو بدعوة رسميّة من الحكومة.
وبحسب هيئة الدفاع، فإن زيارة أيّ رئيس دولة إلى بلد آخر لا بد أن تكون لها أولويات رسمية موثّقة، كتوجيه الدعوة الرسمية، والمحاور التي يتناولها خلال زيارته للدولة المضيفة.
ويأتي طلب هيئة الدفاع لتأكدها من عدم وجود وثائق تثبت الطبيعة «الرسمية» لزيارة بوش، وأنه جاء «ليس ضيفاً»، بل كرئيس دولة محتلة، ما يعطي الحق لمواطني الدولة الخاضعة للاحتلال بالاحتجاج والتصرف الذي يرونه مناسباً، وهو ما تقرّه المواثيق الدولية.
وأجبرت مفاجأة هيئة الدفاع القاضي عبد الأمير حسان الربيعي على تأجيل جلسة المحاكمة إلى 12 آذار المقبل، للتأكّد من «رسمية وقانونية» زيارة بوش في 14 كانون الأول الماضي.
وكان الزيدي قد تحدّث طويلاً، خلال جلسة المحاكمة أمس، قبل تأجيلها، إذ أكّد أنّه رشق بوش بحذاءيه لأنّه «المسؤول عن الجرائم التي حدثت في العراق».
ونقلت وكالة «فرانس برس» مطالعة الزيدي، الذي سمح له القاضي بالإدلاء بإفادته. وقال «لاحظت بوش يتحدّث ويبتسم وينظر إلى رئيس الوزراء (نوري المالكي) بابتسامة جليديّة بلا دم وبلا روح، وأخذ يمزح مع المالكي، ويقول إنه سيتناول العشاء معه بعد المؤتمر». أضاف الزيدي «في تلك اللحظة، لم أرَ إلا بوش. اسودّت الدنيا في عينَي، وكنت أشعر بأن دماء الأبرياء تسير من تحت قدمَي وهو يبتسم تلك الابتسامة، قادماً ليودّع العراق في العشاء الأخير، بعد أكثر من مليون شهيد والخراب الاقتصادي والاجتماعي في البلد».
وعن لحظة رشقه الرئيس الأميركي بحذاءيه، أشار منتظر إلى أنه «في تلك اللحظة، شعرت بأن هذا الشخص هو القاتل الأول لشعبي، وأنا جزء من هذا الشعب. لذا حاولت أن أردّ ولو بجزء يسير، فانفعلت وضربته بالحذاء لأنه المسؤول عن الجرائم التي حصلت في العراق».
وكان الزيدي في قاعة المحكمة يلفّ رقبته بالعلم العراقي، عندما وصف شعوره في اللحظات الحاسمة لرشق حذاءيه، وكيف أن «الفردة الأولى لم تصب بوش»، لافتاً إلى أنّ «الفردة الثانية جاءت لا إرادية، ورميته بها ولم تصبه»، مشدداً على أنه «لم يُرد المساس بالمالكي أو إحراجه».
وحاول القاضي مساجلة الزيدي، على اعتبار أنّ بوش حلّ «ضيفاً» على العراق، فما كان منه إلا أن أجاب بأنّ «الضيف، إذا لم يُسمح له بالدخول، فلا يكون ضيفاً»، واصفاً تصرّفه بأنه تعبير «عما يكنّه الشعب العراقي لهذا الرجل بالذات من كراهية». وأضاف الزيدي «أنا متهم بأنني اعتديت على ضيف رئيس الوزراء، ونحن العرب معروفون بأننا نقوم بضيافة أي شخص. لكنّ الضيف يأتي عندما يطرق الباب ويدخل. هو (بوش) دخل خلسة، دخل عنوة، ومن يدخل عنوة فهذا احتلال».
وروى الزيدي اللحظات التي سبقت انعقاد المؤتمر الصحافي لبوش والمالكي، عندما شعر بالإهانة بعدما «قامت مجموعة من حراس الاحتلال بأولى حلقات الاستفزاز، إذ أخرجوا الصحافيين العراقيين حصراً من مكتب المالكي، وفتّشونا بأيديهم بصورة مهينة، لأنهم لا يثقون بالصحافيين العراقيين ولا بالحراس العراقيين».
وكشف مراسل قناة «البغدادية» عن أنه في ذلك اليوم لم يكن يبيّت النية لغرض الاعتداء على بوش. غير أنّ حديث الأخير عن «انتصاراته وإنجازاته في العراق في قتل أكثر من مليون عراقي وبحار من الدماء وقتل النساء واغتصابهن وإذلال العراقيين في كل يوم وساعة»، أثاره.
ورداً على سؤال القاضي عمّا إذا كان ينوي عن سابق تصميم ضرب بوش، أجاب الزيدي إن «النيّات لا تؤخذ في الحسبان»، قبل أن يشير إلى أنه «كانت لي نيّات سابقة لرد اعتبار صغير لما يجري في العراق، بأي طريقة، ما عدا استخدام السلاح».
وفيما أكّد الزيدي أنه تعرّض للضرب والتعذيب من قبل جهاز حماية رئيس الوزراء، ردّ على سؤال القاضي عن تصميمه على ضرب الرئيس الأميركي وتدرّبه على رمي الحذاء، بالقول «ما حصل في المؤتمر الأخير كان آنياً».
وفي السياق، طلب أحد المحامين الأجانب عن منتظر، ماورو بوجيا، اللجوء السياسي لموكّله في سويسرا، على ما نقلت عنه وكالة «إيه تي أس» أمس، وذلك خوفاً من «انتقام السلطة القائمة (في العراق) الموالية للأميركيين» على حدّ تعبير محامي الدفاع. غير أنّ عائلة الزيدي نفت الطلب، واصفة إياه بأنه «أكاذيب».