اقتصاديو الأحزاب يوافقون على مبدأ المناقشة لا الإجراءاترشا أبو زكي
تطرح خطة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بشأن سبل مواجهة الحكومة اللبنانية تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتي ستعرض على مجلس الوزراء قريباً «أي بعد أن ينتهي الوزراء من دراستها» كما صرّح وزير المال محمد شطح لـ«الأخبار»، عدداً من النقاط التي وضعت في إطار «برنامج عمل، يمكن اعتماده في عامي 2009 و2010، وعبر خطوات استباقية ستعمل هذه الحكومة وكذلك الإدارة التي تليها على اعتمادها وتنفيذها»... إلا أن الخوض في تفاصيل خطة السنيورة، وخصوصاً في الفصل الثاني بشأن «الخطوات المقترحة للمعالجة»، يجعل من خطة المواجهة هذه مجرد كلام منسّق يسلّم بأن الحكومة قد باشرت فعلاً بآليات التصدي لتداعيات الأزمة المالية، ويستنتج وفق هذا الاعتبار، أن هناك بعض الإجراءات الباقية اللازمة لاستكمال حلقة المواجهة. والخطة التي ذكرت بعض عناوين المواجهة، من دون التطرق إلى الآليات والخطط الفعلية والعملية الممكن تطبيقها، حازت إقرار الأطراف السياسية الأساسية بضرورة نقاشها. لكن بين اعتبار حزب الله أن هذه الخطة غير مرفوضة وغير مقبولة كما هي، وإصرار التيار الوطني الحر على أهمية الخوض في تفاصيل خطط التصدي للأزمة المالية واهدافها، يرى تيار المستقبل أن خطة السنيورة لا غبار عليها... وهنا يبدأ النقاش.

المستقبل: خطة جدّية

تتمحور خطوات المعالجة المقترحة في الخطة حول توفير سيولة إضافية في السوق المحلية: وهنا ترى الخطة أن هذا الهدف قد تحقق بالفعل، بعد إقرار الزيادة على الأجور وانخفاض أسعار المحروقات، بحيث ارتفع مستوى السيولة ومستويات الإنفاق، وتعزز النشاط الاقتصادي المحلي! أما في الإجراءات التي ستعمل عليها الحكومة مستقبلاً بشأن هذا الموضوع فهي: دفع مستحقات القطاع الخاص الواجبة على الدولة، تمويل عمليات الاستملاكات الجديدة لإطلاق العمل في مشاريع البنى التحتية الجديدة والاستمرار بدفع المستحقات لمتضرّري حرب تموز. وترى الورقة أن هذه الإجراءات ستوفر سيولة إضافية قد تصل إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي! وفي المتفرقات، تشير الخطة إلى أن الحكومة ستحمي لبنان من انعكاسات الأزمة، وستستمر في احتواء العوامل الداخلية للتضخم «كما أسهمت سابقاً باحتواء العوامل الداخلية والخارجية للتضخم»!
وهنا، يوضح رئيس اللجنة الاقتصادية في مكتب النائب سعد الحريري ومستشاره الاقتصادي مازن حنا، في حديث إلى«الأخبار»، أن الخطة هي محاولة جدّية لفرز كل المشاكل التي من الممكن أن يتعرّض لها لبنان بسبب الأزمة المالية العالمية. ويرى حنا أن زيادة الحد الأدنى للأجور وانخفاض أسعار المحروقات «رفعت مستوى السيولة بالتأكيد»، مشيراً إلى أن التضخم في الأعوام 2007 و2008 و2009 انخفض ولم يرتفع، وبالتالي فإن الزيادة على الأجور وفّرت سيولة لدى المواطنين، ما حرّك الاقتصاد المحلي بطريقة غير مباشرة. ولكن ماذا عن أسعار المحروقات؟ يجيب حنا بأنه «من الممكن أن يكون ما تقصده الخطة في توفير السيولة عبر انخفاض أسعار المحروقات، هو أن نسبة الإنفاق على الكهرباء قد انخفضت، ما يؤثر بطريقة غير مباشرة على الخزينة اللبنانية إيجاباً، وبالتالي على عموم المواطنين». أما عن مستويات التضخم، فيشدد حنا على أن الحكومة السابقة قد احتوت فعلاً التضخم الخارجي والداخلي قبل الأزمة، إذ «كان هناك الكثير من المبادرات بالنسبة إلى التضخم، وأعتقد أنه تمت معالجتها عبر الحكومة ومصرف لبنان من خلال التحكم بمستوى الكتلة النقدية».

حزب الله: «إعلان نيّات»

وفي هذا الإطار، يشير نائب رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله (حزب الله) إلى أن الخطة تتضمن أفكاراً معقولة في تقويمها لتحديات الأزمة، لكنها لا تتضمن مقترحات واضحة، ما يجعل منها «إعلان نيّات». إذ إن كل خطوة من الخطوات الواردة في اقتراحات مواجهة تداعيات الأزمة المالية تحتاج إلى برمجة وإلى تحديد ماهية المشاريع المقترحة وكيفية تمويلها. ويلفت فضل الله إلى ضرورة أن يكون هناك خطة للاستثمار العام لحل المشكلات الرئيسية للبلد على بعض الصعد، كما أن الإنفاق على زيادة الأجور يتموّل من الضرائب الإضافية على المحروقات لا بل يغطيه تقريباً، وبالتالي ليس هناك ضخ للسيولة، بل تحويل الإنفاق من قطاع إلى قطاع، فيما قام هذا الإجراء في القطاع الخاص بنقل جزء من السيولة من أرباب العمل إلى العمال.
ويلفت إلى أن الخطة جاءت متأخرة عن تصاعد الأزمة المالية، وبالتالي يجب تحويل الكلام إلى برامج ومشاريع، معتبراً أنه يجب إخضاعهالمناقشة جدية، وهذا ما سيطرحه حزب الله في مجلس الوزراء، وسيُتطرّق إليها بإيجابية وروح نقدية، ولن تُقبل كما هي ولن ترفض بالكامل.

التيار: غير كافية

رئيس اللجنة الاقتصادية في التيار الوطني الحر نيكولا صحناوي أشار إلى أن هذه الورقة تمثّل اعترافاً متأخراًَ بوجود تداعيات كبيرة على الاقتصاد اللبناني من جرّاء الأزمة المالية العالمية، عكس الجو الذي كان شائعاً في السابق. إلا أنه رأى أن الإجراءات الواردة فيها غير كافية لمواجهة هذه التحديات، ولا سيما أن الخطة تعتقد أن الحكومة قامت بأداء قسطها في توفير السيولة عبر زيادة الأجور وغير ذلك من الإجراءات الهامشية أو التطورات التي لا تمتلك الحكومة القدرة على التأثير المباشر فيها، كانخفاض أسعار النفط العالمية، مشيراً إلى أن ما اعتبرته الخطة إيجاد سيولة إضافية هو في الواقع تحرير جزء من سيولة موجودة وضخّها في الدورة الاستهلاكية المعتادة. وقال إن عرقلة إقرار مشروع موازنة عام 2009 يتناقض مع الأساس الذي تنطلق منه الخطة، إذ إن هذه العرقلة تنطوي على تأخير في تطبيق قوانين أقرّها المجلس النيابي، ولا سيما في ما يتعلّق بتسديد فروقات سلسلة الرتب والرواتب. وأشار إلى أن التيار سيناقش هذه الخطة، ولكن على قاعدة أنها غير كافية لمواجهة الأزمة القائمة، إذ يجب التطرق إلى زيادة الإنفاق الاستثماري العام والخاص وتحسين نوعيته واستهدافاته، وتوفير الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية والضمان الصحّي وضمان الودائع، فضلاً عن خفض الفوائد والأكلاف وأسعار الخدمات... وغير ذلك من إجراءات باتت ضرورية. ويشير إلى أن التيار الوطني الحر يرى أن الحوار يجب أن يتركّز على الخيارات الاستراتيجية لا على إجراءات ظرفية أو وسائل توزيعية


1.5 مليار دولار

هي قيمة السيولة التي ترى ورقة السنيورة أنها ستتوفّر مع إقرار الزيادة على الأجور (التي ستوفّر 900 مليون دولار في عام 2009 وكذلك في 2010)، وانخفاض أسعار المحروقات (التي ستوفّر سيولة لا تقل عن 600 مليون دولار)... ما يرفع الإنفاق ويعزز مستويات النشاط الاقتصادي


قانون الإغراق «بلا طعمة»